المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (509)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (509)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ
( فَصُرِعَ عَنْهُ ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ سَقَطَ ( فَجُحِشَ ) : بِضَمِّ الْجِيم وَكَسْر الْحَاء أَيْ انْخَدَشَ وَجُحِشَ مُتَعَدٍّ ( شِقّه الْأَيْمَن ) : أَيْ تَأَثَّرَ مَنَعَهُ اِسْتِطَاعَة الْقِيَام ( فَصَلَّى صَلَاة مِنْ الصَّلَوَات ) : أَيْ الْمَكْتُوبَة كَمَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ الْعِبَارَة ( وَهُوَ قَاعِد ) : جُمْلَة حَالِيَّة ( لِيُؤْتَمّ بِهِ ) : أَيْ لِيُقْتَدَى بِهِ ( فَصَلُّوا قِيَامًا ) : مَصْدَر أَيْ ذَوِي قِيَام أَوْ جَمْع أَيْ قَائِمِينَ وَنَصْبه عَلَى الْحَالِيَّة ( جُلُوسًا ) : جَمْع جَالِس أَيْ جَالِسِينَ ( أَجْمَعُونَ ) : تَأْكِيد لِلضَّمِيرِ الْمَرْفُوع فِي "" فَصَلُّوا "" قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيّ فِي الْمَعَالِم : ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة جَابِر وَأَبِي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَلَمْ يَذْكُر صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ آخِر مَا صَلَّاهَا بِالنَّاسِ وَهُوَ قَاعِد وَالنَّاس خَلْفه قِيَام وَهُوَ آخِر الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ عَادَة أَبِي دَاوُدَ فِيمَا أَنْشَأَهُ مِنْ أَبْوَاب هَذَا الْكِتَاب أَنْ يَذْكُر الْحَدِيث فِي بَابه وَيَذْكُر الْحَدِيث الَّذِي يُعَارِضهُ فِي بَاب آخَر عَلَى أَثَره وَلَمْ أَجِدهُ فِي شَيْء مِنْ النُّسَخ فَلَسْت أَدْرِي كَيْف أَغْفَلَ ذِكْر هَذِهِ الْقِصَّة وَهِيَ مِنْ أُمَّهَات السُّنَن وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَر الْفُقَهَاء. وَنَحْنُ نَذْكُرهُ لِتَحْصُل فَائِدَة وَيُحْفَظ عَلَى الْكِتَاب رَسْمه وَعَادَته. ثُمَّ ذَكَرَ الْخَطَّابِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَة حَدِيث صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِر مَا صَلَّاهَا بِالنَّاسِ وَهُوَ قَاعِد وَالنَّاس خَلْفه قِيَام. وَفِي آخِر الْحَدِيث "" فَأَقَامَهُ فِي مَقَامه وَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينه فَقَعَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ بِالنَّاسِ فَجَعَلَ أَبُو بَكْر يُكَبِّر بِتَكْبِيرِهِ وَالنَّاس يُكَبِّرُونَ بِتَكْبِيرِ أَبِي بَكْر "" قَالَ الْخَطَّابِيّ : قُلْت وَفِي إِقَامَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْر عَنْ يَمِينه وَهُوَ مَقَام الْمَأْمُوم وَفِي تَكْبِيره بِالنَّاسِ وَتَكْبِير أَبِي بَكْر بِتَكْبِيرِهِ بَيَان وَاضِح أَنَّ الْإِمَام فِي هَذِهِ الصَّلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاس مِنْ خَلْفه قِيَام وَهِيَ آخِر صَلَاة صَلَّاهَا بِالنَّاسِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَدِيث أَنَس وَجَابِر مَنْسُوخ , وَيَزِيد مَا قُلْنَاهُ وُضُوحًا مَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة قَالَتْ "" لَمَّا ثَقُلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيث قَالَتْ فَجَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَار أَبِي بَكْر فَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْر قَائِمًا يَقْتَدِي بِهِ وَالنَّاس يَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْر "" حَدَّثُونَا بِهِ عَنْ يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُسَدَّد قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَة وَالْقِيَاس يَشْهَد لِهَذَا الْقَوْل لِأَنَّ الْإِمَام لَا يُسْقِط عَنْ الْقَوْم شَيْئًا مِنْ أَرْكَان الصَّلَاة مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُحِيل الرُّكُوع وَالسُّجُود إِلَى الْإِيمَاء , وَكَذَلِكَ لَا يُحِيل الْقِيَام إِلَى الْقُعُود , وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَصْحَاب الرَّأْي وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر. وَقَالَ مَالِك بْن أَنَس لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمّ النَّاس قَاعِدًا , وَذَهَبَ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَنَفَر مِنْ أَهْل الْحَدِيث إِلَى خَبَر أَنَس , فَإِنَّ الْإِمَام إِذَا صَلَّى قَاعِدًا صَلَّوْا مِنْ خَلْفه قُعُودًا , وَزَعَمَ بَعْض أَهْل الْحَدِيث أَنَّ الرِّوَايَات اِخْتَلَفَتْ فِي هَذَا فَرَوَى الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامًا , وَرَوَى شَقِيق عَنْهَا أَنَّ الْإِمَام كَانَ أَبُو بَكْر فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُتْرَك لَهُ حَدِيث أَنَس وَجَابِر , وَيُشْبِه أَنْ يَكُون أَبُو دَاوُدَ إِنَّمَا تَرَكَ ذِكْره لِأَجْلِ هَذِهِ الْعِلَّة. وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّهُ يَجُوز الصَّلَاة بِإِمَامَيْنِ أَحَدهمَا بَعْد الْآخَر مِنْ غَيْر حَدَث يَحْدُث بِالْإِمَامِ الْأَوَّل. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَقَدُّم بَعْض صَلَاة الْمَأْمُوم عَلَى بَعْض صَلَاة الْإِمَام. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى قَبُول خَبَر الْوَاحِد اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.



