المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (488)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (488)]
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ فَلَمَّا صَلَّى إِذَا رَجُلَانِ لَمْ يُصَلِّيَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَدَعَا بِهِمَا فَجِئَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا قَالَا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ لَا تَفْعَلُوا إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ بِمِنًى بِمَعْنَاهُ
( فَلَمَّا صَلَّى ) : أَيْ فَرَغَ مِنْ صَلَاته ( تُرْعَد ) : بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح ثَالِثه , أَيْ تَتَحَرَّك كَذَا قَالَ اِبْن رَسْلَان , وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ , أَيْ تُحَرَّك , مِنْ أَرْعَدَ الرَّجُل إِذَا أَخَذَتْهُ الرِّعْدَة وَهِيَ الْفَزَع وَالِاضْطِرَاب ( فَرَائِصهمَا ) : جَمْع فَرِيصَة وَهِيَ اللَّحْمَة الَّتِي بَيْن جَنْب الدَّابَّة وَكَتِفهَا , أَيْ تَرْجُف مِنْ الْخَوْف. قَالَهُ فِي النِّهَايَة. وَسَبَب اِرْتِعَاد فَرَائِصهمَا مَا اِجْتَمَعَ فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْهَيْبَة الْعَظِيمَة وَالْحُرْمَة الْجَسِيمَة لِكُلِّ مَنْ رَآهُ مَعَ كَثْرَة تَوَاضُعه ( قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالنَا ) : جَمْع رَحْل بِفَتْحِ الرَّاء وَسُكُون الْمُهْمَلَة هُوَ الْمَنْزِل وَيُطْلَق عَلَى غَيْره وَلَكِنَّ الْمُرَاد هُنَا الْمَنْزِل ( فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَة ) : فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّ الثَّانِيَة نَافِلَة وَالْفَرِيضَة هِيَ الْأَوْلَى سَوَاء صُلِّيَتْ جَمَاعَة أَوْ فُرَادَى لِإِطْلَاقِ الْخَبَر. قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه إِنَّ مَنْ كَانَ صَلَّى فِي رَحْلَة ثُمَّ صَادَفَ جَمَاعَة يُصَلُّونَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ أَيَّة صَلَاة كَانَتْ مِنْ صَلَوَات الْخَمْس , وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق , وَبِهِ قَالَ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ. وَقَالَ قَوْم : يُعِيد الْمَغْرِب وَالصُّبْح , وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ , وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ , وَكَانَ مَالِك وَالثَّوْرِيُّ يَكْرَهَانِ أَنْ يُعِيدُوا صَلَاة الْمَغْرِب , وَكَانَ أَبُو حَنِيفَة لَا يَرَى أَنْ يُعِيد صَلَاة الْعَصْر وَالْمَغْرِب وَالْفَجْر إِذَا كَانَ قَدْ صَلَّاهُنَّ. قُلْت : وَظَاهِر الْحَدِيث حُجَّة عَلَى جَمَاعَة مَنْ مَنَعَ عَنْ شَيْء مِنْ الصَّلَوَات كُلّهَا أَلَا تَرَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول : "" إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فِي رَحْله ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَام وَلَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ "" وَلَمْ يَسْتَثْنِ صَلَاة دُون صَلَاة. وَقَالَ أَبُو ثَوْر. لَا تُعَاد الْعَصْر وَالْفَجْر إِلَّا أَنْ يَكُون فِي الْمَسْجِد وَتُقَام الصَّلَاة فَلَا يَخْرُج حَتَّى يُصَلِّيهَا , وَقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام "" فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَة "" يُرِيد الصَّلَاة الْآخِرَة مِنْهَا وَالْأُولَى فَرِيضَة. وَأَمَّا نَهْيه عَلَيْهِ السَّلَام عَنْ الصَّلَاة بَعْد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس وَبَعْد الْعَصْر حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس فَقَدْ تَأَوَّلُوهُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى إِنْشَاء الصَّلَاة اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب , وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهَا سَبَب مِثْل أَنْ يُصَادِف قَوْمًا يُصَلُّونَ جَمَاعَة فَإِنَّهُ يُعِيدهَا مَعَهُمْ لِيُحْرِز الْفَضِيلَة. وَالْوَجْه الْآخَر أَنَّهُ مَنْسُوخ , وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيث يَزِيد بْن جَابِر مُتَأَخِّر لِأَنَّ فِي قِصَّته أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّة الْوَدَاع ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيث. وَفِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهَا نَافِلَة دَلِيل عَلَى أَنَّ صَلَاة التَّطَوُّع جَائِزَة بَعْد الْفَجْر قَبْل طُلُوع الشَّمْس إِذَا كَانَ لَهَا سَبَب. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ صَلَاته مُنْفَرِدًا مُجْزِيَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَى صَلَاة الْجَمَاعَة وَإِنْ كَانَ تَرْك الْجَمَاعَة مَكْرُوهًا. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدِيث حَسَن صَحِيح.



