المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (486)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (486)]
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ائْتُوا الصَّلَاةَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ قَالَ أَبُو دَاوُد وَكَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلْيَقْضِ وَكَذَا قَالَ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو ذَرٍّ رَوَى عَنْهُ فَأَتِمُّوا وَاقْضُوا وَاخْتُلِفَ فِيهِ
( اِئْتُوا الصَّلَاة وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَة ) : الْحِكْمَة فِي شَرْعِيَّة هَذَا الْأَدَب تُسْتَفَاد مِنْ زِيَادَة وَقَعَتْ فِي مُسْلِم مِنْ طَرِيق الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث الْبَاب , وَقَالَ فِي آخِره : "" فَإِنَّ أَحَدكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِد إِلَى الصَّلَاة فَهُوَ فِي صَلَاة "" أَيْ أَنَّهُ فِي حُكْم الْمُصَلِّي فَيَنْبَغِي لَهُ اِعْتِمَادهَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي اِعْتِمَاده , وَاجْتِنَاب مَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي اِجْتِنَابه : ( فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ ) : قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي فَتْح الْبَارِي : إِنَّ أَكْثَر الرِّوَايَات وَرَدَ بِلَفْظِ فَأَتِمُّوا وَأَقَلّهَا بِلَفْظِ فَاقْضُوا وَإِنَّمَا تَظْهَر فَائِدَة ذَلِكَ إِذَا جَعَلْنَا بَيْن الْإِتْمَام وَالْقَضَاء مُغَايَرَة , لَكِنْ إِذَا كَانَ مَخْرَج الْحَدِيث وَاحِدًا وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظَةٍ مِنْهُ وَأَمْكَنَ رَدّ الِاخْتِلَاف إِلَى مَعْنًى وَاحِد كَانَ أَوْلَى , وَهُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَضَاء وَإِنْ كَانَ يُطْلَق عَلَى الْفَائِت غَالِبًا لَكِنَّهُ يُطْلَق عَلَى الْأَدَاء أَيْضًا , وَيَرِدُ بِمَعْنَى الْفَرَاغ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا } وَيَرِد بِمَعَانٍ أُخَر , فَيُحْمَل قَوْله هُنَا فَاقْضُوا عَلَى مَعْنَى الْأَدَاء أَوْ الْفَرَاغ فَلَا يُغَايِر قَوْله فَأَتِمُّوا , فَلَا حُجَّة فِيهِ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةِ : فَاقْضُوا عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ الْمَأْمُوم هُوَ آخِر صَلَاته حَتَّى اُسْتُحِبَّ لَهُ الْجَهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَقِرَاءَة السُّورَة وَتَرْك الْقُنُوت بَلْ هُوَ أَوَّلهَا وَإِنْ كَانَ آخِر صَلَاة إِمَامه , لِأَنَّ الْآخِر لَا يَكُون إِلَّا عَنْ شَيْء تَقَدَّمَهُ. وَأَوْضَح دَلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَتَشَهَّد فِي آخِر صَلَاته عَلَى كُلّ حَال , فَلَوْ كَانَ مَا يُدْرِكهُ مَعَ الْإِمَام آخِرًا لَهُ لَمَا اِحْتَاجَ إِلَى إِعَادَة التَّشَهُّد. وَقَوْل اِبْن بَطَّال إِنَّهُ مَا تَشَهَّدَ إِلَّا لِأَجْلِ السَّلَام لِأَنَّ السَّلَام يَحْتَاج إِلَى سَبْق تَشَهُّد لَيْسَ بِالْجَوَابِ النَّاهِض عَلَى دَفْع الْإِيرَاد الْمَذْكُور. وَاسْتَدَلَّ اِبْن الْمُنْذِر لِذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح , لَا تَكُون إِلَّا فِي الرَّكْعَة الْأُولَى. وَقَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظَيْنِ الْجُمْهُور فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ مَا أَدْرَكَ الْمَأْمُوم هُوَ أَوَّل صَلَاته إِلَّا أَنَّهُ يَقْضِي مِثْل الَّذِي فَاتَهُ مِنْ قِرَاءَة السُّورَة مَعَ أُمّ الْقُرْآن فِي الرَّبَاعِيَة , لَكِنْ لَمْ يَسْتَحِبُّوا لَهُ إِعَادَة الْجَهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَكَانَ الْحُجَّة فِيهِ قَوْله "" مَا أَدْرَكْت مَعَ الْإِمَام فَهُوَ أَوَّل صَلَاتك وَاقْضِ مَا سَبَقَك بِهِ مِنْ الْقُرْآن "" أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَعَنْ إِسْحَاق وَالْمُزَنِيّ : لَا يَقْرَأ إِلَّا أُمّ الْقُرْآن فَقَطْ وَهُوَ الْقِيَاس اِنْتَهَى ( وَأَبُو ذَرّ رَوَى عَنْهُ فَأَتِمُّوا وَاقْضُوا وَاخْتُلِفَ فِيهِ ) : أَيْ اُخْتُلِفَ فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ , فَرُوِيَ عَنْهُ لَفْظ فَأَتِمُّوا وَلَفْظ وَاقْضُوا أَيْضًا.



