المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (471)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (471)]
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ
( مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْته مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاة ) : حَال أَيْ قَاصِدًا إِلَى الْمَسْجِد مَثَلًا لِأَدَاءِ الصَّلَاة ( مَكْتُوبَة فَأَجْره كَأَجْرِ الْحَاجّ ) : قَالَ زَيْن الْعَرَب أَيْ كَامِل أَجْره وَقِيلَ : كَأَجْرِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُكْتَب لَهُ بِكُلِّ خُطْوَة أَجْر كَالْحَاجِّ وَإِنْ تَغَايَرَ الْأَجْرَانِ كَثْرَة وَقِلَّة أَوْ كَمِّيَّة وَكَيْفِيَّة , أَوْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُسْتَوْفَى أَجْر الْمُصَلِّينَ مِنْ وَقْت الْخُرُوج إِلَى أَنْ يَرْجِع وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا فِي بَعْض تِلْكَ الْأَوْقَات , كَالْحَاجِّ فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى أَجْر الْحَاجّ إِلَى أَنْ يَرْجِع , وَإِنْ لَمْ يَحُجّ إِلَّا فِي عَرَفَة. قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة ( الْمُحْرِم ) : شُبِّهَ بِالْحَاجِّ الْمُحْرِم لِكَوْنِ التَّطَهُّر مِنْ الصَّلَاة بِمَنْزِلَةِ الْإِحْرَام مِنْ الْحَجّ لِعَدَمِ جَوَازهمَا بِدُونِهِمَا , ثُمَّ إِنَّ الْحَاجّ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا كَانَ ثَوَابه أَتَمّ فَكَذَلِكَ الْخَارِج إِلَى الصَّلَاة إِذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا كَانَ ثَوَابه أَفْضَل. كَذَا فِي الْمِرْقَاة ( وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيح الضُّحَى ) : أَيْ صَلَاة الضُّحَى وَكُلّ صَلَاة تَطَوُّع تَسْبِيحَة وَسُبْحَة. قَالَ الطِّيبِيُّ : الْمَكْتُوبَة وَالنَّافِلَة وَإِنْ اِتَّفَقَتَا فِي أَنَّ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا يُسَبَّح فِيهَا إِلَّا أَنَّ النَّافِلَة جَاءَتْ بِهَذَا الِاسْم أَخَصّ مِنْ جِهَة أَنَّ التَّسْبِيحَات فِي الْفَرَائِض وَالنَّوَافِل سُنَّة , فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِلنَّافِلَةِ تَسْبِيحَة عَلَى أَنَّهَا شَبِيهَة بِالْأَذْكَارِ فِي كَوْنهَا غَيْر وَاجِبَة. وَقَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ : وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَئِمَّتنَا قَوْلهمْ السُّنَّة فِي الضُّحَى فِعْلهَا فِي الْمَسْجِد وَيَكُون مِنْ جُمْلَة الْمُسْتَثْنَيَات مِنْ خَبَر "" أَفْضَل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيْته إِلَّا الْمَكْتُوبَة "" اِنْتَهَى. وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى فَرْض صِحَّة حَدِيث الْمَتْن يَدُلّ عَلَى جَوَازه لَا عَلَى أَفْضَلِيَّته أَوْ يُحْمَل عَلَى مَنْ لَا يَكُون لَهُ مَسْكَن أَوْ فِي مَسْكَنه شَاغِل وَنَحْوه , عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَسْجِدِ ذِكْر فِي الْحَدِيث أَصْلًا , فَالْمَعْنَى مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْته أَوْ سُوقه أَوْ شُغْله مُتَوَجِّهًا إِلَى صَلَاة الضُّحَى تَارِكًا أَشْغَال الدُّنْيَا. كَذَا فِي الْمِرْقَاة. مَا قَالَهُ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ هُوَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْقَوْل مَا قَالَ عَلِيّ الْقَارِي رَحِمه اللَّه ( لَا يُنْصِبهُ ) : بِضَمِّ الْيَاء مِنْ الْإِنْصَاب وَهُوَ الْإِتْعَاب مَأْخُوذ مِنْ نَصِبَ بِالْكَسْرِ إِذَا تَعِبَ وَأَنْصَبَهُ غَيْره أَيْ أَتْعَبَهُ , وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاء مِنْ نَصَبَهُ أَيْ أَقَامَهُ. قَالَ زَيْن الْعَرَب. وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاء وَالْفَتْح اِحْتِمَال لُغَوِيّ لَا أُحَقِّقهُ رِوَايَة ( إِلَّا إِيَّاهُ ) : أَيْ لَا يُتْعِبهُ الْخُرُوج إِلَّا تَسْبِيح الضُّحَى , وَوُضِعَ الضَّمِير الْمَنْصُوب مَوْضِع الْمَرْفُوع أَيْ لَا يُخْرِجهُ وَلَا يُزْعِجهُ إِلَّا هُوَ كَالْعَكْسِ فِي حَدِيث الْوَسِيلَة وَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَنَا هُوَ. قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : وَقَعَ الضَّمِير الْمَنْصُوب مَوْضِع الْمَرْفُوع لِأَنَّهُ اِسْتِثْنَاء مُفَرَّغ يَعْنِي لَا يُتْعِبهُ إِلَّا الْخُرُوج إِلَى تَسْبِيح الضُّحَى ( فَأَجْره كَأَجْرِ الْمُعْتَمِر ) : فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْعُمْرَة سُنَّة. قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة ( وَصَلَاة عَلَى إِثْر صَلَاة ) : بِكَسْرِ الْهَمْزَة ثُمَّ السُّكُون أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ عَقِيبهَا ( لَا لَغْو بَيْنهمَا ) : أَيْ بِكَلَامِ الدُّنْيَا ( كِتَاب ) : أَيْ عَمَل مَكْتُوب ( فِي عِلِّيِّينَ ) : فِيهِ إِشَارَة إِلَى رَفْع دَرَجَتهَا وَقَبُولهَا. قَالَ عَلِيّ الْقَارِي : وَهُوَ عَلَم لِدِيوَانِ الْخَيْر الَّذِي دُوِّنَ فِيهِ أَعْمَال الْأَبْرَار. قَالَ تَعَالَى { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وَمَا أَدْرَاك مَا عِلِّيُّونَ. كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } مَنْقُول مِنْ جَمْع عَلَى فِعِّيل مِنْ الْعُلُوّ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَرْفُوع إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة تَكْرِيمًا وَلِأَنَّهُ سَبَب الِارْتِفَاع إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَات , وَالْعِلِّيَّة بِتَشْدِيدِ اللَّام وَالْيَاء الْغُرْفَة. كَذَا قَالَهُ بَعْضهمْ , وَقِيلَ أَرَادَ أَعْلَى الْأَمْكِنَة وَأَشْرَف الْمَرَاتِب أَيْ مُدَاوَمَة الصَّلَاة مِنْ غَيْر تَخَلُّل مَا يُنَافِيهَا لَا شَيْء مِنْ الْأَعْمَال أَعْلَى مِنْهَا فَكُنِّيَ عَنْ ذَلِكَ بِعِلِّيِّينَ. اِنْتَهَى وَقَالَ فِي مِرْقَاة الصُّعُود : هُوَ اِسْم لِلسَّمَاءِ السَّابِعَة وَقِيلَ لِدِيوَانِ الْحَفَظَة تُرْفَع إِلَيْهِ أَعْمَال الصَّالِحِينَ. وَكِتَاب بِمَعْنَى مَكْتُوب. وَمِنْ النَّوَادِر مَا حَكَوْا أَنَّ بَعْضهمْ صَحَّفَ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ كَنَارٍ فِي غَلَس , فَقِيلَ لَهُ : وَمَا مَعْنَى غَلَس فَقَالَ لِأَنَّهَا فِيهِ يَكُون أَشَدّ. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : الْقَاسِم أَبُو عَبْد الرَّحْمَن فِيهِ مَقَالٌ.



