موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (461)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (461)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو مُعَاوِيَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْمَشِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ ‏


‏ ‏( لَقَدْ هَمَمْت ) ‏ ‏: الْهَمّ الْعَزْم وَقِيلَ دُونه , وَزَادَ مُسْلِم فِي أَوَّله "" أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَ أُنَاسًا فِي بَعْض الصَّلَوَات فَقَالَ. لَقَدْ هَمَمْت "" فَأَفَادَ ذِكْر سَبَب الْحَدِيث ‏ ‏( فَتُقَام ) ‏ ‏: أَيْ الصَّلَاة ‏ ‏( ثُمَّ آمُر رَجُلًا فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ) ‏ ‏: وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ "" ثُمَّ آمُر بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّن لَهَا ثُمَّ آمُر رَجُلًا فَيَؤُمّ النَّاس "" قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : فِيهِ الرُّخْصَة لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبه فِي تَرْك الْجَمَاعَة لِأَجْلِ إِخْرَاج مَنْ يَسْتَخْفِي فِي بَيْته وَيَتْرُكهَا اِنْتَهَى. قَالَ الْعَيْنِيّ فِي رِوَايَة إِنَّهَا الْعِشَاء , وَفِي أُخْرَى الْفَجْر , وَفِي أُخْرَى الْجُمُعَة , وَفِي أُخْرَى يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الصَّلَاة مُطْلَقًا , وَلَا تَضَادَّ بَيْنهَا لِجَوَازِ تَعَدُّد الْوَاقِعَة ‏ ‏( ثُمَّ أَنْطَلِق ) ‏ ‏: أَيْ أَذْهَب ‏ ‏( حُزَم مِنْ حَطَب ) ‏ ‏: قَالَ فِي الْمِصْبَاح الْمُنِير : حَزَمْتُ الدَّابَّة حَزْمًا مِنْ بَاب ضَرَبَ , شَدَدْته بِالْحِزَامِ وَجَمْعه حُزُم مِثْل كِتَاب وَكُتُب وَحَزَمْت الشَّيْء جَعَلْته حُزْمَة وَالْجَمْع حُزَم مِثْل غُرْفَة وَغُرَف. اِنْتَهَى. الْحِزَام الْحَبْل. قَالَ فِي مُنْتَهَى الْأَرَب : الْحُزْمَة بِالضَّمِّ مَعْنَاهَا بِالْفَارِسِيَّةِ بندهيزم ‏ ‏( إِلَى قَوْم ) ‏ ‏: مُتَعَلِّق بِأَنْطَلِق ‏ ‏( فَأُحَرِّق ) ‏ ‏: بِالتَّشْدِيدِ , وَالْمُرَاد بِهِ التَّكْثِير , يُقَال حَرَّقَهُ إِذَا بَالَغَ فِي تَحْرِيقه قَالَهُ الْحَافِظ ‏ ‏( عَلَيْهِمْ بُيُوتهمْ ) ‏ ‏: يُشْعِر بِأَنَّ الْعُقُوبَة لَيْسَتْ قَاصِرَة عَلَى الْمَال , بَلْ الْمُرَاد تَحْرِيق الْمَقْصُودِينَ وَالْبُيُوت تَبَعًا لِلْقَاطِنِينَ بِهَا. وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي صَالِح "" فَأُحَرِّق بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا "" قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح. وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة : قَوْله عَلَيْهِمْ بُيُوتهمْ بِضَمِّ الْبَاء وَكَسْرهَا. قِيلَ هَذَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَامًّا فِي جَمِيع النَّاس , وَقِيلَ الْمُرَاد بِهِ الْمُنَافِقُونَ فِي زَمَانه , نَقَلَهُ اِبْن الْمَلَك , وَالظَّاهِر الثَّانِي إِذْ مَا كَانَ أَحَد يَتَخَلَّف عَنْ الْجَمَاعَة فِي زَمَانه عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا مُنَافِق ظَاهِر النِّفَاق أَوْ الشَّاكّ فِي دِينه. اِنْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ بَعْضهمْ : فِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ الْعُقُوبَة كَانَتْ فِي أَوَّل الْأَمْر بِالْمَالِ , لِأَنَّ تَحْرِيق الْبُيُوت عُقُوبَة مَالِيَّة. وَقَالَ غَيْره : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى مَنْع الْعُقُوبَة بِالتَّحْرِيقِ فِي غَيْر الْمُتَخَلِّف عَنْ الصَّلَاة وَالْغَالّ مِنْ الْغَنِيمَة , وَاخْتَلَفَ السَّلَف فِيهِمَا وَالْجُمْهُور عَلَى مَنْع تَحْرِيق مَتَاعهمَا. اِنْتَهَى. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْح : وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْحَدِيث وَرَدَ فِي الْمُنَافِقِينَ , لِقَوْلِهِ فِي صَدْر الْحَدِيث الْآتِي "" لَيْسَ صَلَاة أَثْقَل عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْعِشَاء وَالْفَجْر "" الْحَدِيث. وَلِقَوْلِهِ "" لَوْ يَعْلَم أَحَدهمْ أَنَّهُ يَجِد عَرْقًا "" إِلَى آخِره لِأَنَّ هَذَا الْوَصْف لَائِق بِالْمُنَافِقِينَ لَا بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِل , لَكِنْ الْمُرَاد بِهِ نِفَاق الْمَعْصِيَة لَا نِفَاق الْكُفْر بِدَلِيلِ قَوْله فِي رِوَايَة عَجْلَان "" لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاء "" فِي الْجَمِيع , وَقَوْله فِي حَدِيث أُسَامَة "" لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاء "" وَأَصْرَح مِنْ ذَلِكَ قَوْله فِي رِوَايَة يَزِيد بْن الْأَصَمّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد أَبِي دُوَاد "" ثُمَّ آتِي قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتهمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّة "" فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ نِفَاقهمْ نِفَاق مَعْصِيَة لَا كُفْر , لِأَنَّ الْكَافِر لَا يُصَلِّي فِي بَيْته إِنَّمَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد رِيَاء وَسُمْعَة , فَإِذَا خَلَا فِي بَيْته كَانَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّه بِهِ مِنْ الْكُفْر وَالِاسْتِهْزَاء , نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيّ. وَأَيْضًا فَقَوْله فِي رِوَايَة الْمَقْبُرِيِّ : "" لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوت مِنْ النِّسَاء وَالذُّرِّيَّة "" يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا لِأَنَّ تَحْرِيق بَيْت الْكَافِر إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى الْغَلَبَة عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَع ذَلِكَ وُجُودُ النِّسَاء وَالذُّرِّيَّة فِي بَيْته , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ فِي الْحَدِيث نِفَاق الْكُفْر فَلَا يَدُلّ عَلَى عَدَم الْوُجُوب , لِأَنَّهُ يَتَضَمَّن أَنَّ تَرْك الْجَمَاعَة مِنْ صِفَات الْمُنَافِقِينَ , وَقَدْ نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّه بِهِمْ. وَسِيَاق الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى الْوُجُوب مِنْ جِهَة الْمُبَالَغَة فِي ذَمّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ , وَمُسْلِم وَابْن مَاجَهْ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!