المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (459)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (459)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَقَ الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا رَآهُمْ قَلِيلًا جَلَسَ لَمْ يُصَلِّ وَإِذَا رَآهُمْ جَمَاعَةً صَلَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَقَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ
( حِين تُقَام الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد إِلَخْ ) : وَرَدَ الْحَدِيث فِي كَشْف الْغُمَّة بِلَفْظِ "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَرَأَى النَّاس قَلِيلًا جَلَسَ , وَإِنْ رَآهُمْ جَمَاعَة صَلَّى "" وَهَذِهِ الرِّوَايَة مُرْسَلَة , لِأَنَّ سَالِمًا أَبَا النَّضْر تَابِعِيّ ثِقَة ثَبْت وَكَانَ يُرْسِل , لَكِنْ الرِّوَايَة الثَّانِيَة مُتَّصِلَة رَوَاهَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب مَرْفُوعًا. قُلْت : الِاتِّصَال بَيْن الْإِقَامَة وَالصَّلَاة لَيْسَ مِنْ الْمُؤَكَّدَات بَلْ يَجُوز الْفَصْل بَيْنهمَا لِأَمْرٍ حَادِث كَمَا مَرَّ , لَكِنْ اِنْتِظَار الْإِمَام الْمَأْمُومِينَ وَجُلُوسه فِي الْمَسْجِد لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ بَعْد إِقَامَة الصَّلَاة , فَلَمْ يَثْبُت إِلَّا مِنْ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ , لَكِنْ الرِّوَايَة الْأُولَى مُرْسَلَة وَالثَّانِيَة فِيهَا أَبُو مَسْعُود الزُّرَقِيّ هُوَ مَجْهُول الْحَال , فَفِي قَلْبِي فِي صِحَّة هَذَا الْمَتْن شَيْء , وَأَظُنّ أَنَّ الْوَهْم قَدْ دَخَلَ عَلَى بَعْض الرُّوَاة , فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُت مِنْ هَدْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِر بَعْد الْإِقَامَة , وَإِنْ صَحَّتْ الرِّوَايَة فَيُشْبِه أَنْ يَكُون الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ تُقَام الصَّلَاة أَيْ تُؤَدَّى الصَّلَاة وَحَانَ وَقْت أَدَائِهَا , فَلَفْظَة تُقَام لَيْسَ الْمُرَاد بِهَا الْإِقَامَة الْمَعْرُوفَة بِلِسَانِ الْمُؤَذِّن أَيْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة , بَلْ الْمُرَاد بِهَا إِقَامَة الصَّلَاة وَأَدَاؤُهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { أَقِيمُوا الصَّلَاة } قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر السِّجِسْتَانِيّ فِي غَرَائِب الْقُرْآن : يُقَال إِقَامَتهَا أَنْ يُؤْتَى بِهَا بِحُقُوقِهَا , يُقَال قَامَ الْأَمْر وَأَقَامَ الْأَمْر إِذَا جَاءَ بِهِ مُعْطًى حُقُوقه. اِنْتَهَى. فَالْمَعْنَى وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِد لِأَدَاءِ الصَّلَاة وَمَا رَأَى الْمُصَلِّينَ إِلَّا قَلِيلًا جَلَسَ لِانْتِظَارِ الْمُصَلِّينَ , وَإِنْ رَآهُمْ كَثِيرًا صَلَّى , وَأَمَّا الْإِقَامَة الْمَعْرُوفَة فَوَقْت الْقِيَام لِلْإِمَامَةِ. وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ ظَاهِر الْمَعْنَى , وَهُوَ الْإِقَامَة بِالْأَلْفَاظِ الْمَعْرُوفَة , وَأَمَّا الِانْتِظَار لِلْمَأْمُومِينَ فَبَعْدهَا , وَكَانَ ذَلِكَ بَعْض الْأَحْيَان لَوْلَا فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة لَفْظ كَانَ وَهُوَ يُفِيد الدَّوَام وَالِاسْتِمْرَار. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ الْإِفَادَة بِمُطَّرِدَةٍ. وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَال يَنْطَبِق الْحَدِيث بِالْبَابِ لِأَنَّهُ لَمَّا أُقِيمَتْ الصَّلَاة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس فِي الْمَسْجِد مُنْتَظِر لِلْمُصَلِّينَ فَكَيْفَ يَقُوم بَعْض الْحَاضِرِينَ فِي الصَّفّ بَلْ عَلَيْهِمْ الْجُلُوس وَاَللَّه أَعْلَم. كَذَا فِي غَايَة الْمَقْصُود.



