المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (432)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (432)]
 حَدَّثَنَا  حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ  حَدَّثَنَا  شُعْبَةُ  عَنْ  مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ  عَنْ  أَبِي يَحْيَى  عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ  عَنْ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ  الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ  مَدَى  صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَشَاهِدُ الصَّلَاةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً وَيُكَفَّرُ عَنْهُ مَا بَيْنَهُمَا 
 ( مَدَى صَوْته )  : بِفَتْحِ الْمِيم وَالدَّال. قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن وَابْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : مَدَى الشَّيْء غَايَته , وَالْمَعْنَى أَنْ يَسْتَكْمِل مَغْفِرَة اللَّه تَعَالَى إِذَا اِسْتَوْفَى وُسْعه فِي رَفْع الصَّوْت فَيَبْلُغ الْغَايَة مِنْ الْمَغْفِرَة إِذَا بَلَغَ الْغَايَة مِنْ الصَّوْت. وَقِيلَ فِيهِ وَجْه آخَر وَهُوَ أَنَّهُ كَلَام تَمْثِيل وَتَشْبِيه يُرِيد أَنَّ الْمَكَان الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الصَّوْت لَوْ يُقَدَّر أَنْ يَكُون مَا بَيْن أَقْصَاهُ وَبَيْن مَقَامه الَّذِي هُوَ فِيهِ ذُنُوب تَمْلَأ تِلْكَ الْمَسَافَة غَفَرَهَا اللَّه لَهُ اِنْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة قِيلَ مَعْنَاهُ أَيْ لَهُ مَغْفِرَة طَوِيلَة عَرِيضَة عَلَى طَرِيق الْمُبَالَغَة أَيْ يَسْتَكْمِل مَغْفِرَة اللَّه إِذَا اِسْتَوْفَى وُسْعه فِي رَفْع الصَّوْت. وَقِيلَ يَغْفِر خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَتْ أَجْسَامًا لَمَلَأَتْ مَا بَيْن الْجَوَانِب الَّتِي يَبْلُغهَا. وَالْمَدَى عَلَى الْأَوَّل نُصِبَ عَلَى الظَّرْف وَعَلَى الثَّانِي رُفِعَ عَلَى أَنَّهُ أُقِيم مَقَام الْفَاعِل , وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُغْفَر لِأَجْلِهِ كُلّ مَنْ سَمِعَ صَوْته فَحَضَرَ لِلصَّلَاةِ الْمُسَبَّبَة لِنِدَائِهِ فَكَأَنَّهُ غُفِرَ لِأَجْلِهِ , وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَغْفِر ذُنُوبه الَّتِي بَاشَرَهَا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي إِلَى حَيْثُ يَبْلُغ صَوْته , وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَغْفِر بِشَفَاعَتِهِ ذُنُوب مَنْ كَانَ سَاكِنًا أَوْ مُقِيمًا إِلَى حَيْثُ يَبْلُغ صَوْته , وَقِيلَ يَغْفِر بِمَعْنَى يَسْتَغْفِر أَيْ يَسْتَغْفِر لَهُ كُلّ مَنْ يَسْمَع صَوْته اِنْتَهَى  ( وَيَشْهَد لَهُ )  : أَيْ لِلْمُؤَذِّنِ  ( كُلّ رَطْب )  : أَيْ نَام  ( وَيَابِس )  : أَيْ جَمَاد مِمَّا يَبْلُغهُ صَوْته وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ "" فَارْفَعْ صَوْتك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَع مَدَى صَوْت الْمُؤَذِّن جِنّ وَلَا إِنْس وَلَا شَيْء إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْم الْقِيَامَة "" قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح قَالَ اِبْن بَزِيزَةَ : تَقَرَّرَ فِي الْعَادَة أَنَّ السَّمَاع وَالشَّهَادَة وَالتَّسْبِيح لَا يَكُون إِلَّا مِنْ حَيّ فَهَلْ ذَلِكَ حِكَايَة عَنْ لِسَان الْحَال لِأَنَّ الْمَوْجُودَات نَاطِقَة بِلِسَانِ حَالهَا بِجَلَالِ بَارِيهَا أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِره وَغَيْر مُمْتَنِع عَقْلًا أَنَّ اللَّه يَخْلُق فِيهَا الْحَيَاة وَالْكَلَام اِنْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة : وَالصَّحِيح أَنَّ لِلْجَمَادَاتِ وَالنَّبَاتَات وَالْحَيَوَانَات عِلْمًا وَإِدْرَاكًا وَتَسْبِيحًا كَمَا يُعْلَم مِنْ قَوْله تَعَالَى { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } وَقَوْله تَعَالَى { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } قَالَ الْبَغَوِيُّ : وَهَذَا مَذْهَب أَهْل السُّنَّة وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَضِيَّة كَلَام الذِّئْب وَالْبَقَر وَغَيْرهمَا اِنْتَهَى. قُلْت : وَيَدُلّ عَلَى صِحَّة هَذَا الْقَوْل مَا فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة مَرْفُوعًا "" إِنِّي لَأَعْرِف حَجَرًا كَانَ يُسَلِّم عَلَيَّ "" وَمَا فِي رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ فِي قَوْل النَّار "" أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا "" قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : الْمُرَاد مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَة اِشْتِهَار الْمَشْهُود لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِالْفَضْلِ وَعُلُوّ الدَّرَجَة وَكَمَا أَنَّ اللَّه يَفْضَح بِالشَّهَادَةِ قَوْمًا فَكَذَلِكَ يُكْرِم بِالشَّهَادَةِ آخَرِينَ.  ( وَشَاهِد الصَّلَاة )  : أَيْ حَاضِرهَا مِمَّنْ كَانَ غَافِلًا عَنْ وَقْتهَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ : هُوَ عَطْف عَلَى قَوْله "" الْمُؤَذِّن يُغْفَر لَهُ "" أَيْ وَاَلَّذِي يَحْضُر لِصَلَاةِ الْجَمَاعَة  ( يُكْتَب لَهُ )  : أَيْ لِلشَّاهِدِ  ( خَمْس وَعِشْرُونَ )  : أَيْ ثَوَاب خَمْس وَعِشْرِينَ  ( صَلَاة )  : وَقِيلَ بِعَطْفِ شَاهِد عَلَى كُلّ رَطْب أَيْ يَشْهَد لِلْمُؤَذِّنِ حَاضِرهَا يُكْتَب لَهُ أَيْ لِلْمُؤَذِّنِ خَمْس وَعِشْرُونَ صَلَاة , وَيُؤَيِّد الْأَوَّل مَا فِي رِوَايَة تَفْضِيل صَلَاة الْجَمَاعَة عَلَى الْفَذّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَة. قُلْت : وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاة , وَهِيَ لِلْمُطَابَقَةِ أَظْهَر , وَلَعَلَّ اِخْتِلَاف الرِّوَايَات بِاخْتِلَافِ الْحَالَات وَالْمَقَامَات. وَيُؤَيِّد الثَّانِي مَا سَيَأْتِي مِنْ رِوَايَة أَنَّ الْمُؤَذِّن يُكْتَب لَهُ مِثْل أَجْر كُلّ مَنْ صَلَّى بِأَذَانِهِ , فَإِذَا كُتِبَ لِشَاهِدِ الْجَمَاعَة بِأَذَانِهِ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ إِشَارَة إِلَى كَتْب مِثْله لِلْمُؤَذِّنِ , وَمِنْ ثَمَّ عُطِفَتْ هَذِهِ الْجُمْلَة عَلَى الْمُؤَذِّن يُغْفَر لَهُ لِبَيَانِ أَنَّ لَهُ ثَوَابَيْنِ الْمَغْفِرَة وَكِتَابَة مِثْل تِلْكَ الْكِتَابَة. وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَنَّ شَاهِد الصَّلَاة عَطْف عَلَى كُلّ رَطْب عَطْف خَاصّ عَلَى عَامّ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأ كَمَا اِخْتَارَهُ الطِّيبِيُّ. ثُمَّ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الضَّمِير فِي يَكْتُب لَهُ لِلشَّاهِدِ وَهُوَ أَقْرَب لَفْظًا وَسِيَاقًا أَوْ لِلْمُؤَذِّنِ وَهُوَ أَنْسَب مَعْنًى وَسِيَاقًا. كَذَا فِي الْمِرْقَاة  ( وَيُكَفَّر عَنْهُ )  : أَيْ الشَّاهِد أَوْ الْمُؤَذِّن  ( مَا بَيْنهمَا )  : أَيْ مَا بَيْن الصَّلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ شَهِدَهُمَا أَوْ مَا بَيْن أَذَان إِلَى أَذَان مِنْ الصَّغَائِر. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَأَبُو يَحْيَى هَذَا لَمْ يُنْسَب فَيُعْرَف حَاله. 



