المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (428)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (428)]
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ ح و حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ زَادَ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ إِلَّا الْإِقَامَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ وُهَيْبٍ قَالَ إِسْمَعِيلُ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَيُّوبَ فَقَالَ إِلَّا الْإِقَامَةَ
( عَنْ سِمَاك بْن عَطِيَّة ) : هُوَ بِكَسْرِ السِّين الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْمِيم وَبِالْكَافِ بَصْرِيّ ثِقَة رَوَى عَنْ أَيُّوب السِّخْتِيَانِيِّ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانه. قَالَهُ الْعَيْنِيّ فِي عُمْدَة الْقَارِي ( أُمِرَ بِلَال ) : عَلَى بِنَاء الْمَجْهُول. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ , وَالْآمِر مُضَاف إِلَيْهِ دُون غَيْره , لِأَنَّ الْأَمْر الْمُطْلَق فِي الشَّرِيعَة لَا يُضَاف إِلَّا إِلَيْهِ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّ الْآمِر لَهُ بِذَلِكَ أَبُو بَكْر , وَهَذَا تَأْوِيل فَاسِد لِأَنَّ بِلَالًا لَحِقَ بِالشَّامِ بَعْد مَوْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّمَ وَاسْتَخْلَفَ سَعْد الْقَرَظُ الْأَذَان فِي مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ اِنْتَهَى. قُلْت : وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ وَغَيْره مِنْ طَرِيق قُتَيْبَة عَنْ عَبْد الْوَهَّاب بِلَفْظِ "" أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا "" وَمَا فِي الْبَيْهَقِيِّ بِالسَّنَدِ الصَّحِيح عَنْ أَنَس "" أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَع الْأَذَان وَيُوتِر الْإِقَامَة "" ( أَنْ يَشْفَع الْأَذَان ) : بِفَتْحِ أَوَّله وَفَتْح الْفَاء أَيْ بِأَنْ يَأْتِي بِأَلْفَاظِهِ شَفْعًا , أَيْ يَقُول كُلّ كَلِمَة مَرَّتَيْنِ سِوَى آخِرهَا. قَالَهُ الطِّيبِيُّ. ( وَيُوتِر الْإِقَامَة ) : وَالْمُرَاد مِنْ الْإِقَامَة : هُوَ جَمِيع الْأَلْفَاظ الْمَشْرُوعَة عِنْد الْقِيَام إِلَى الصَّلَاة. أَيْ وَيَقُول كَلِمَات الْإِقَامَة مَرَّة مَرَّة ( زَادَ حَمَّاد فِي حَدِيثه إِلَّا الْإِقَامَة ) : أَيْ لَفْظ الْإِقَامَة , وَهِيَ قَوْله : قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة , فَإِنَّهُ لَا يُوتِرهَا بَلْ يَشْفَعهَا. قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي انَّيْل : وَقَدْ اِسْتُشْكِلَ عَدَم اِسْتِثْنَاء التَّكْبِير فِي الْإِقَامَة فَإِنَّهُ يُثَنَّى كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن زَيْد , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وِتْر بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَكْبِير الْأَذَان , فَإِنَّ التَّكْبِير فِي أَوَّل الْأَذَان أَرْبَع , وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمّ فِي تَكْبِير أَوَّل الْأَذَان لَا فِي آخِره كَمَا قَالَ الْحَافِظ , وَأَنْتَ خَبِير بِأَنَّ تَرْك اِسْتِثْنَائِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث لَا يَقْدَح فِي ثُبُوته لِأَنَّ رِوَايَات التَّكْرِير زِيَادَة مَقْبُولَة , وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى إِفْرَاد الْإِقَامَة. وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي ذَلِكَ , فَذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ أَلْفَاظ الْإِقَامَة إِحْدَى عَشْرَة كَلِمَة كُلّهَا مُفْرَدَة إِلَّا التَّكْبِير فِي أَوَّلهَا وَآخِرهَا وَلَفْظ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة فَإِنَّهَا مَثْنَى مَثْنَى. وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيث وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن زَيْد السَّابِق وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر الْآتِي. قَالَ اِبْن سَيِّد النَّاس : وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْإِقَامَة إِحْدَى عَشْرَة كَلِمَة عُمَر بْن الْخَطَّاب وَابْنه وَأَنَس وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالزُّهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَيَحْيَى بْن يَحْيَى وَدَاوُدُ وَابْن الْمُنْذِر وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّة وَالثَّوْرِيُّ وَابْن الْمُبَارَك وَأَهْل الْكُوفَة إِلَى أَنَّ أَلْفَاظ الْإِقَامَة مِثْل الْأَذَان عِنْدهمْ مَعَ زِيَادَة قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة مَرَّتَيْنِ. اِنْتَهَى. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِقَامَة مَثْنَى مِثْل الْأَذَان , وَأَجَابَ بَعْض الْحَنَفِيَّة بِدَعْوَى النَّسْخ وَأَنَّ إِفْرَاد الْإِقَامَة كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَة يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن وَفِيهِ تَثْنِيَة الْإِقَامَة وَهُوَ مُتَأَخِّر عَنْ حَدِيث أَنَس فَيَكُون نَاسِخًا , وَعُورِضَ بِأَنَّ فِي بَعْض طُرُق حَدِيث أَبِي مَحْذُورَة الْمُحَسَّنَة التَّرْبِيع وَالتَّرْجِيع , فَكَانَ يَلْزَمهُمْ الْقَوْل بِهِ , وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَد عَلَى مَنْ اِدَّعَى النَّسْخ بِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَة وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ بَعْد الْفَتْح إِلَى الْمَدِينَة وَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى إِفْرَاد الْإِقَامَة وَعَلَّمَهُ سَعْد الْقَرَظ فَأَذَّنَ بِهِ بَعْده كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِم. وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : ذَهَبَ أَحْمَد وَإِسْحَاق وَدَاوُدُ وَابْن جَرِير إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَاف الْمُبَاح , فَإِنْ رَبَّعَ التَّكْبِير الْأَوَّل فِي الْأَذَان أَوْ ثَنَّاهُ أَوْ رَجَّعَ فِي التَّشَهُّد أَوْ لَمْ يُرَجِّع أَوْ ثَنَّى الْإِقَامَة أَوْ أَفْرَدَهَا كُلّهَا أَوْ إِلَّا قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة فَالْجَمِيع جَائِز. وَعَنْ اِبْن خُزَيْمَةَ : إِنْ رَبَّعَ الْأَذَان وَرَجَّعَ فِيهِ ثَنَّى الْإِقَامَة وَإِلَّا أَفْرَدَهَا , وَقِيلَ : لَمْ يَقُلْ بِهَذَا التَّفْصِيل أَحَد قَبْله. وَاَللَّه أَعْلَم. قِيلَ : الْحِكْمَة فِي تَثْنِيَة الْأَذَان وَإِفْرَاد الْإِقَامَة أَنَّ الْأَذَان لِإِعْلَامِ الْغَائِبِينَ فَيُكَرَّر لِيَكُونَ أَوْصَلَ إِلَيْهِمْ , بِخِلَافِ الْإِقَامَة فَإِنَّهَا لِلْحَاضِرِينَ , وَمِنْ ثَمَّ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكُون الْأَذَان فِي مَكَان عَالٍ بِخِلَافِ الْإِقَامَة , وَأَنْ يَكُون الصَّوْت فِي الْأَذَان أَرْفَع مِنْهُ فِي الْإِقَامَة , وَأَنْ يَكُون الْأَذَان مُرَتَّلًا وَالْإِقَامَة مُسَرَّعَة , وَكَرَّرَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَة مِنْ الْإِقَامَة بِالذَّاتِ. قُلْت : تَوْجِيهه ظَاهِر , وَأَمَّا قَوْل الْخَطَّابِيُّ لَوْ سَوَّى بَيْنهمَا لَاشْتَبَهَ الْأَمْر عِنْد ذَلِكَ وَصَارَ لأن يُفَوِّت كَثِيرًا مِنْ النَّاس صَلَاة الْجَمَاعَة فَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ الْأَذَان يُسْتَحَبّ أَنْ يَكُون عَلَى مَكَان عَالٍ لِتَشْتَرِك الْأَسْمَاع كَمَا تَقَدَّمَ , وَإِنَّمَا اُخْتُصَّ التَّرْجِيع بِالتَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ أَعْظَم أَلْفَاظ الْأَذَان. وَاَللَّه أَعْلَم. اِنْتَهَى. ( عَنْ خَالِد الْحَذَّاء ) : بْن مِهْرَانَ أَبُو الْمَنَازِل بِفَتْحِ الْمِيم وَقِيلَ بِضَمِّهَا وَكَسْر الزَّاي الْبَصْرِيّ الْحَذَّاء بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الذَّال الْمُعْجَمَة , قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَجْلِس عِنْدهمْ , وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول أَحُذّ عَلَى هَذَا النَّحْو , وَهُوَ ثِقَة يُرْسِل مِنْ الْخَامِسَة. قَالَهُ الْحَافِظ فِي التَّقْرِيب ( قَالَ إِسْمَاعِيل ) : بْن إِبْرَاهِيم هُوَ اِبْن عُلَيَّة. قَالَهُ الْعَيْنِيّ ( فَحَدَّثْت بِهِ ) : أَيْ بِهَذَا الْحَدِيث ( أَيُّوب ) : هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ ( فَقَالَ ) : أَيُّوب ( إِلَّا الْإِقَامَة ) : أَيْ إِلَّا لَفْظَة الْإِقَامَة وَهِيَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة , فَإِنَّ بِلَالًا يَقُولهَا مَرَّتَيْنِ. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : اِدَّعَى اِبْن مَنْدَهْ أَنَّ قَوْله إِلَّا الْإِقَامَة مِنْ قَوْل أَيُّوب غَيْر مُسْنَد كَمَا فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ فِي رِوَايَة سِمَاك بْن عَطِيَّة أَيْ الَّتِي سَبَقَتْ إِدْرَاجًا , وَكَذَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَصِيلِيُّ قَوْله إِلَّا الْإِقَامَة هُوَ مِنْ قَوْل أَيُّوب وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيث , وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَر , لِأَنَّ عَبْد الرَّزَّاق رَوَاهُ عَنْ مَعْمَر عَنْ أَيُّوب بِسَنَدِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَبَرِ مُفَسَّرًا وَلَفْظه : كَانَ بِلَال يُثَنِّي الْأَذَان وَيُوتِر الْإِقَامَة إِلَّا قَوْله قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة. وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَالسِّرَاج فِي مُسْنَده , وَكَذَا هُوَ فِي مُصَنَّف عَبْد الرَّزَّاق , وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْه وَيَقُول قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة مَرَّتَيْنِ. وَالْأَصْل أَنَّ مَا كَانَ فِي الْخَبَر فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَقُوم دَلِيل عَلَى خِلَافه , وَلَا دَلِيل فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَصَّل مِنْهَا أَنَّ خَالِدًا كَانَ لَا يَذْكُر الزِّيَادَة وَكَانَ أَيُّوب يَذْكُرهَا , وَكُلّ مِنْهُمَا رَوَى الْحَدِيث عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَس فَكَانَ فِي رِوَايَة أَيُّوب زِيَادَة مِنْ حَافِظ فَتُقْبَل. وَاَللَّه أَعْلَم. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.



