موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (427)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (427)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي دَاوُدَ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْمَسْعُودِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ أَبِي لَيْلَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أُحِيلَتْ ‏ ‏الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ وَسَاقَ ‏ ‏نَصْرٌ ‏ ‏الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ‏ ‏وَاقْتَصَّ ‏ ‏ابْنُ الْمُثَنَّى ‏ ‏مِنْهُ قِصَّةَ صَلَاتِهِمْ نَحْوَ ‏ ‏بَيْتِ الْمَقْدِسِ ‏ ‏قَطْ ‏ ‏قَالَ الْحَالُ الثَّالِثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدِمَ ‏ ‏الْمَدِينَةَ ‏ ‏فَصَلَّى ‏ ‏يَعْنِي نَحْوَ ‏ ‏بَيْتِ الْمَقْدِسِ ‏ ‏ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ ‏ { ‏قَدْ نَرَى ‏ ‏تَقَلُّبَ ‏ ‏وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ‏ ‏فَلَنُوَلِّيَنَّكَ ‏ ‏قِبْلَةً تَرْضَاهَا ‏ ‏فَوَلِّ ‏ ‏وَجْهَكَ ‏ ‏شَطْرَ ‏ ‏الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ‏ ‏وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ‏ ‏شَطْرَهُ ‏ } ‏فَوَجَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى ‏ ‏الْكَعْبَةِ ‏ ‏وَتَمَّ حَدِيثُهُ ‏ ‏وَسَمَّى ‏ ‏نَصْرٌ ‏ ‏صَاحِبَ الرُّؤْيَا قَالَ فَجَاءَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏رَجُلٌ مِنْ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏وَقَالَ فِيهِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ أَمْهَلَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مِثْلَهَا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ زَادَ بَعْدَ مَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لَقِّنْهَا ‏ ‏بِلَالًا ‏ ‏فَأَذَّنَ بِهَا ‏ ‏بِلَالٌ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏فِي الصَّوْمِ قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏ { ‏كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ‏ ‏إِلَى قَوْلِهِ ‏ ‏طَعَامُ مِسْكِينٍ ‏} ‏فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَهَذَا حَوْلٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏ { ‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏أَيَّامٍ أُخَرَ ‏} ‏فَثَبَتَ الصِّيَامُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ وَعَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَقْضِيَ وَثَبَتَ الطَّعَامُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ اللَّذَيْنِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ وَجَاءَ ‏ ‏صِرْمَةُ ‏ ‏وَقَدْ عَمِلَ يَوْمَهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ ‏


‏ ‏( حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي دَاوُدَ ) ‏ ‏: هُوَ الطَّيَالِسِيُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَهَكَذَا فِي تُحْفَة الْأَشْرَاف , وَأَمَّا فِي بَعْض النُّسَخ عَنْ أَبِي رَوَّادٍ فَهُوَ غَلَط ‏ ‏( عَنْ الْمَسْعُودِيّ ) ‏ ‏: هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَةَ بْن مَسْعُود الْكُوفِيّ الْمَسْعُودِيّ صَدُوق اِخْتَلَطَ قَبْل مَوْته وَضَابِطه أَنَّ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِبَغْدَاد فَبَعْد الِاخْتِلَاط , مِنْ السَّابِعَة مَاتَ سَنَة سِتِّينَ وَقِيلَ سَنَة خَمْس وَسِتِّينَ قَالَهُ فِي التَّقْرِيب ‏ ‏( وَسَاقَ نَصْر ) ‏ ‏: بْن الْمُهَاجِر ‏ ‏( وَاقْتَصَّ اِبْن الْمُثَنَّى مِنْهُ ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ الْحَدِيث ‏ ‏( قَطُّ ) ‏ ‏: بِمَعْنَى حَسْب ‏ ‏( قَالَ ) ‏ ‏. اِبْن الْمُثَنَّى ‏ ‏( الْحَال الثَّالِث إِلَخْ ) ‏ ‏: يَعْنِي كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُصَلُّونَ فِي أَوَّل قُدُومهمْ الْمَدِينَة نَحْو بَيْت الْمَقْدِس ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا لِمُوَافَقَةِ يَهُود الْمَدِينَة وَيَقْصِدُونَ بَيْت الْمَقْدِس , وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل قَالَ : أُحِيلَتْ الصَّلَاة ثَلَاثَة أَحْوَال وَأُحِيلَ الصِّيَام ثَلَاثَة أَحْوَال , فَأَمَّا أَحْوَال الصَّلَاة فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَة وَهُوَ يُصَلِّي سَبْعَة عَشَر شَهْرًا إِلَى بَيْت الْمَقْدِس ثُمَّ إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } الْآيَة فَوَجَّهَهُ اللَّه إِلَى مَكَّة هَذَا حَال. اِنْتَهَى. قُلْت : وَمَا فِي رِوَايَة أَحْمَد : تَوَجَّهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس سَبْعَة عَشَر شَهْرًا هُوَ الصَّحِيح , وَمُوَافِق لِمَا فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَغَيْره سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا. وَفِي صَحِيح مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ سِتَّة عَشَر شَهْرًا مِنْ غَيْر شَكّ , وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم وَالْحَافِظ فِي فَتْح الْبَارِي , وَمَا فِي رِوَايَة الْكِتَاب ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا , فَهُوَ يُعَارِض مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَضَعَّف الْحَافِظ بْن حَجَر رِوَايَة ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا , وَأَشْبَع الْكَلَام فِيهِ وَأَطَابَ وَاَللَّه أَعْلَم وَلَمَّا غَلَبَ أَهْل الْإِسْلَام وَتَمَنَّى النَّبِيّ وَدَعَا رَبّه تَحْوِيل الْقِبْلَة مِنْ بَيْت الْمَقْدِس إِلَى الْكَعْبَة , فَقَبِلَ اللَّه تَعَالَى دُعَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة ) ‏ ‏: الْآتِيَة ‏ ‏{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك } ‏ ‏: يَعْنِي تُرَدِّد وَجْهك وَتَصْرِف نَظَرَك ‏ ‏{ فِي السَّمَاء } ‏ ‏أَيْ إِلَى جِهَة السَّمَاء ‏ ‏{ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } ‏ ‏أَيْ فَلَنُحَوِّلَنَّكَ وَلَنَصْرِفَنَّكَ ‏ ‏{ قِبْلَة } ‏ ‏أَيْ وَلَنَصْرِفَنَّكَ عَنْ بَيْت الْمَقْدِس إِلَى قِبْلَة ‏ ‏{ تَرْضَاهَا } ‏ ‏أَيْ تُحِبّهَا وَتَمِيل إِلَيْهَا ‏ ‏{ فَوَلِّ وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } ‏ ‏أَيْ نَحْوه وَتِلْقَاءَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْكَعْبَة ‏ ‏{ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ } ‏ ‏أَيْ مِنْ بَرّ أَوْ بَحْر مَشْرِق أَوْ مَغْرِب ‏ ‏{ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ‏ ‏أَيْ نَحْو الْبَيْت وَتِلْقَاءَهُ فَحُوِّلَتْ الْقِبْلَة , وَهَذِهِ حَالَة ثَالِثَة لِتَغَيُّرِ الصَّلَاة ‏ ‏( وَتَمَّ حَدِيثه ) ‏ ‏: أَيْ اِبْن الْمُثَنَّى ‏ ‏( وَسَمَّى نَصْر ) ‏ ‏: بْن الْمُهَاجِر ‏ ‏( وَقَالَ ) ‏ ‏: أَيْ نَصْر بْن الْمُهَاجِر عَنْ يَزِيد بْن هَارُون ‏ ‏( فِيهِ ) ‏ ‏: أَيْ فِي هَذَا الْحَدِيث ‏ ‏( فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَة ) ‏ ‏: أَيْ الرَّجُل الْمَرْئِيّ ‏ ‏( ثُمَّ أَمْهَلَ ) ‏ ‏: الرَّجُل الْمَرْئِيّ ‏ ‏( هُنَيَّة ) ‏ ‏: أَيْ زَمَانًا قَلِيلًا ‏ ‏( إِلَّا أَنَّهُ قَالَ ) ‏ ‏: أَيْ عَبْد اللَّه بْن زَيْد ‏ ‏( زَادَ ) ‏ ‏الرَّجُل الْمَرْئِيّ : ‏ ‏( قَالَ ) ‏ ‏: مُعَاذ بْن جَبَل ‏ ‏( فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏: لِعَبْدِ اللَّه بْن زَيْد ‏ ‏( لَقِّنْهَا ) ‏ ‏: أَيْ كَلِمَة الْأَذَان ‏ ‏( فَأَذَّنَ بِهَا بِلَال ) ‏ ‏: بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَات ‏ ‏( وَقَالَ ) ‏ ‏: نَصْر بْن الْمُهَاجِر بِسَنَدِهِ ‏ ‏( فِي الصَّوْم قَالَ ) ‏ ‏: مُعَاذ بْن جَبَل ‏ ‏( كُتِبَ ) ‏ ‏: أَيْ فُرِضَ ‏ ‏( عَلَيْكُمْ الصِّيَام ) ‏ ‏: وَالصَّوْم فِي اللُّغَة الْإِمْسَاك يُقَال : صَامَ النَّهَار إِذَا اِعْتَدَلَ وَقَامَ قَائِم الظَّهِيرَة , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { إِنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا } أَيْ صَمْتًا لِأَنَّهُ إِمْسَاك عَنْ الْكَلَام , وَالصَّوْم فِي الشَّرْع عِبَارَة عَنْ الْإِمْسَاك عَنْ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع فِي وَقْت مَخْصُوص وَهُوَ مِنْ طُلُوع الْفَجْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس مَعَ النِّيَّة. قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره ‏ ‏{ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } ‏ ‏يَعْنِي مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم مِنْ لَدُنْ آدَم إِلَى عَهْدكُمْ , وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْم عِبَادَة قَدِيمَة أَيْ فِي الزَّمَن الْأَوَّل مَا أَخْلَى اللَّه أُمَّة لَمْ يَفْرِضهُ عَلَيْهِمْ كَمَا فَرَضَهُ عَلَيْكُمْ , وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْم عِبَادَة شَاقَّة وَالشَّيْء الشَّاقّ إِذَا عَمّ سَهُلَ عَمَله. قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) : يَعْنِي مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ فِي صِيَامكُمْ , لِأَنَّ الصَّوْم وَصْلَة إِلَى التَّقْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْر النَّفْس وَتَرْك الشَّهَوَات مِنْ الْأَكْل وَالْجِمَاع وَغَيْرهمَا ( أَيَّامًا ) : نُصِبَ بِالصِّيَامِ أَوْ يَصُومُوا مُقَدَّرًا ( مَعْدُودَات ) : أَيْ قَلَائِل أَيْ مُوَقَّتَات بِعَدَدِ مَعْلُوم وَفِي رَمَضَان , وَقَلَّلَهُ ثَمَّ تَسْهِيلًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ. قَالَهُ فِي تَفْسِير الْجَلَالَيْنِ ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ ) : حِين شُهُود رَمَضَان ( مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر ) : أَيْ مُسَافِر فَأَفْطَرَ ( فَعِدَّة ) : فَعَلَيْهِ عِدَّة مَا أَفْطَرَ ( مِنْ أَيَّام أُخَر ) : يَصُومهَا بَدَله ( وَعَلَى الَّذِي يُطِيقُونَهُ ) : أَيْ يُطِيقُونَ الصَّوْم. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي حُكْم هَذِهِ الْآيَة أَكْثَرهمْ إِلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَة , وَهُوَ قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب وَسَلَمَة بْن الْأَكْوَع وَغَيْرهمَا , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام مُخَيَّرِينَ بَيْن أَنْ يَصُومُوا وَبَيْن أَنْ يُفْطِرُوا وَيَفْدُوا , وَإِنَّمَا خَيَّرَهُمْ اللَّه تَعَالَى لِئَلَّا يَشُقّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصَّوْم , ثُمَّ نُسِخَ التَّخْيِير وَنَزَلَتْ الْعَزِيمَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فَصَارَتْ هَذِهِ الْآيَة نَاسِخَة لِلتَّخْيِيرِ. قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره. وَقَالَ فِي تَفْسِير الْجَلَالَيْنِ : مَعْنَاهَا وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ اِنْتَهَى. أَيْ بِتَقْدِيرِ لَا ( فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) : الْفِدْيَة الْجَزَاء وَسِرّ الْقَدْر الَّذِي يَبْذُلهُ الْإِنْسَان يَقِي بِهِ نَفْسه مِنْ تَقْصِير وَقَعَ مِنْهُ فِي عِبَادَة وَنَحْوهَا وَيَجِب عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَان وَلَمْ يَقْدِر عَلَى الْقَضَاء لِكِبَرٍ أَنْ يُطْعِم مَكَان كُلّ يَوْم مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ غَالِب قُوت الْبَلَد , وَهَذَا قَوْل فُقَهَاء الْحِجَاز. وَقَالَ بَعْض فُقَهَاء الْعِرَاق : عَلَيْهِ لِكُلِّ مِسْكِين نِصْف صَاع عَنْ كُلّ يَوْم. قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره ‏ ‏( فَهَذَا حَوْل ) ‏ ‏: أَيْ حَال. ‏ ‏( شَهْر رَمَضَان ) ‏ ‏: يَعْنِي وَقْت صِيَامكُمْ شَهْر رَمَضَان سُمِّيَ الشَّهْر شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ يُقَال لِلسِّرِّ إِذَا أَظْهَرهُ شَهَرَهُ , وَسُمِّيَ الْهِلَال شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ وَبَيَانه. قَالَهُ الْخَازِن ‏ ‏( الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) ‏ ‏: مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فِي لَيْلَة الْقَدْر مِنْهُ ( هُدًى ) : حَال هَادِيًا مِنْ الضَّلَالَة ( لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ ) : آيَات وَاضِحَات ( مِنْ الْهُدَى ) : مِمَّا يَهْدِي إِلَى الْحَقّ مِنْ الْأَحْكَام ( وَالْفُرْقَانِ ) : أَيْ مِنْ الْفُرْقَان مِمَّا يُفَرِّق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ ) : أَيْ حَضَرَ ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) إِنَّمَا كَرَّرَهُ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْآيَة الْأُولَى تَخْيِير الْمَرِيض وَالْمُسَافِر وَالْمُقِيم الصَّحِيح , ثُمَّ نُسِخَ تَخْيِير الْمُقِيم الصَّحِيح بِقَوْلِهِ : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فَلَوْ اِقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَاحْتَمَلَ أَنْ يَشْمَل النَّسْخُ الْجَمِيعَ , فَأَعَادَ بَعْد ذِكْر النَّاسِخ الرُّخْصَة لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِر لِيُعْلِم أَنَّ الْحُكْم بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره ‏ ‏( وَجَاءَ صِرْمَةُ ) ‏ ‏: هُوَ صَحَابِيّ ‏ ‏( وَسَاقَ ) ‏ ‏: أَيْ نَصْر بْن الْمُهَاجِر عَنْ يَزِيد بْن هَارُون ‏ ‏( الْحَدِيث ) ‏ ‏: وَتَمَام الْحَدِيث فِي رِوَايَة لِأَحْمَد وَلَفْظه قَالَ : ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صِرْمَة ظَلَّ يَعْمَل صَائِمًا حَتَّى أَمْسَى فَجَاءَ إِلَى أَهْله فَصَلَّى الْعِشَاء , ثُمَّ نَامَ , فَلَمْ يَأْكُل وَلَمْ يَشْرَب حَتَّى أَصْبَحَ , فَأَصْبَحَ صَائِمًا. قَالَ فَرَآهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ جَهِدَ جَهْدًا شَدِيدًا قَالَ مَا لِي أَرَاك قَدْ جَهِدْت جَهْدًا شَدِيدًا ؟ قَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي عَمِلْت أَمْسِ فَجِئْت حِين جِئْت فَأَلْقَيْت نَفْسِي فَنِمْت وَأَصْبَحْت حِين أَصْبَحْت صَائِمًا. قَالَ : وَكَانَ عُمَر قَدْ أَصَابَ مِنْ النِّسَاء مِنْ جَارِيَة أَوْ مِنْ حُرَّة بَعْدَمَا نَامَ وَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ إِلَى قَوْله : ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!