المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (426)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (426)]
 حَدَّثَنَا  عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ  أَخْبَرَنَا  شُعْبَةُ  عَنْ  عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ  قَالَ سَمِعْتُ  ابْنَ أَبِي لَيْلَى  ح  و حَدَّثَنَا  ابْنُ الْمُثَنَّى  حَدَّثَنَا  مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ  عَنْ  شُعْبَةَ  عَنْ  عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ  سَمِعْتُ  ابْنَ أَبِي لَيْلَى  قَالَ  أُحِيلَتْ  الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ  قَالَ وَحَدَّثَنَا  أَصْحَابُنَا  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ  لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ  أَوْ قَالَ الْمُؤْمِنِينَ  وَاحِدَةً حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ  أَبُثَّ  رِجَالًا فِي الدُّورِ يُنَادُونَ النَّاسَ بِحِينِ الصَّلَاةِ وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رِجَالًا يَقُومُونَ عَلَى  الْآطَامِ  يُنَادُونَ الْمُسْلِمِينَ بِحِينِ الصَّلَاةِ حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا أَنْ  يَنْقُسُوا  قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ  الْأَنْصَارِ  فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمَّا رَجَعْتُ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ اهْتِمَامِكَ رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَأَذَّنَ ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مِثْلَهَا إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ  قَالَ  ابْنُ الْمُثَنَّى  أَنْ تَقُولُوا  لَقُلْتُ إِنِّي كُنْتُ يَقْظَانَ غَيْرَ نَائِمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَقَالَ  ابْنُ الْمُثَنَّى  لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا  وَلَمْ يَقُلْ  عَمْرٌو  لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا  فَمُرْ  بِلَالًا  فَلْيُؤَذِّنْ قَالَ فَقَالَ  عُمَرُ  أَمَا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَلَكِنِّي لَمَّا سُبِقْتُ اسْتَحْيَيْتُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا قَالَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ يَسْأَلُ فَيُخْبَرُ بِمَا سُبِقَ مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنَّهُمْ قَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَقَاعِدٍ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ  ابْنُ الْمُثَنَّى  قَالَ  عَمْرٌو  وَحَدَّثَنِي بِهَا  حُصَيْنٌ  عَنْ  ابْنِ أَبِي لَيْلَى  حَتَّى جَاءَ  مُعَاذٌ  قَالَ  شُعْبَةُ  وَقَدْ  سَمِعْتُهَا مِنْ  حُصَيْنٍ  فَقَالَ  لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إِلَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ فَافْعَلُوا  قَالَ  أَبُو دَاوُد  ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى حَدِيثِ  عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ  قَالَ فَجَاءَ  مُعَاذٌ  فَأَشَارُوا إِلَيْهِ  قَالَ  شُعْبَةُ  وَهَذِهِ  سَمِعْتُهَا مِنْ  حُصَيْنٍ  قَالَ فَقَالَ  مُعَاذٌ  لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَقَالَ إِنَّ  مُعَاذًا  قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً كَذَلِكَ فَافْعَلُوا  قَالَ  و حَدَّثَنَا  أَصْحَابُنَا  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لَمَّا قَدِمَ  الْمَدِينَةَ  أَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أُنْزِلَ رَمَضَانُ وَكَانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيَامَ وَكَانَ الصِّيَامُ عَلَيْهِمْ شَدِيدًا فَكَانَ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ  { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فَكَانَتْ الرُّخْصَةُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فَأُمِرُوا بِالصِّيَامِ  قَالَ  و حَدَّثَنَا  أَصْحَابُنَا قَالَ  وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَفْطَرَ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يُصْبِحَ قَالَ فَجَاءَ  عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ  فَأَرَادَ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ نِمْتُ فَظَنَّ أَنَّهَا  تَعْتَلُّ  فَأَتَاهَا  فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ  الْأَنْصَارِ  فَأَرَادَ الطَّعَامَ فَقَالُوا حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا فَنَامَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ  { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ  الرَّفَثُ  إِلَى نِسَائِكُمْ }
 ( سَمِعْت اِبْن أَبِي لَيْلَى )  : هُوَ عَبْد الرَّحْمَن تَابِعِيّ  ( أُحِيلَتْ الصَّلَاة ثَلَاثَة أَحْوَال )  : أَيْ نُقِلَتْ مِنْ حَال إِلَى حَال , قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : مَعْنَاهَا غُيِّرَتْ ثَلَاث تَغْيِيرَات أَوْ حُوِّلَتْ ثَلَاث تَحْوِيلَات. اِنْتَهَى. يَعْنِي كَانَتْ الصَّلَاة فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَلَاثَة وُجُوه , وَالْمُرَاد مِنْ الْإِحَالَة التَّغَيُّر يَعْنِي غَيَّرَتْ الصَّلَاة ثَلَاثَة تَغْيِيرَات كَمَا سَيَأْتِي بَيَانهَا , وَالْمُرَاد مِنْ الصَّلَاة الصَّلَاة مَعَ مُتَعَلِّقَاتهَا لِيَتَنَاوَل الْأَذَان  ( قَالَ )  : أَيْ اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( وَحَدَّثَنَا أَصْحَابنَا )  : وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , وَهَذَا شُرُوع فِي بَيَان الْحَال الْأَوَّل مِنْ الْأَحْوَال الثَّلَاثَة. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ إِنْ أَرَادَ الصَّحَابَة فَهُوَ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَمَاعَة الصَّحَابَة فَيَكُون الْحَدِيث مُسْنَدًا وَإِلَّا فَهُوَ مُرْسَل. اِنْتَهَى. قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْح السُّنَن : قَالَ شَيْخنَا الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة وَابْن خُزَيْمَةَ وَالطَّحَاوِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ. حَدَّثَنَا أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَال الْأَوَّل , وَلِهَذَا صَحَّحَهَا اِبْن حَزْم وَابْن دَقِيق الْعِيد. اِنْتَهَى كَلَامه. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْب الرَّايَة بَعْد ذِكْر قَوْل الْمُنْذِرِيِّ , قُلْت : أَرَادَ بِهِ الصَّحَابَة , صَرَّحَ بِذَلِكَ اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي مُصَنَّفه , فَقَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيع حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْد اللَّه بْن زَيْد الْأَنْصَارِيّ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنَّ رَجُلًا قَامَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ , فَقَامَ عَلَى حَائِط فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى. اِنْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنه عَنْ وَكِيع بِهِ. قَالَ فِي الْإِمَام : وَهَذَا رِجَال الصَّحِيح , وَهُوَ مُتَّصِل عَلَى مَذْهَب الْجَمَاعَة فِي عَدَالَة الصَّحَابَة , وَأَنَّ جَهَالَة أَسْمَائِهِمْ لَا تَضُرّ  ( أَوْ قَالَ الْمُؤْمِنِينَ )  : هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي  ( وَاحِدَة )  : أَيْ بِإِمَامٍ وَاحِد مَعَ الْجَمَاعَة لَا مُنْفَرِدًا وَكَانَ النَّاس يُصَلُّونَ مُنْفَرِدِينَ مِنْ غَيْر جَمَاعَة  ( أَنْ أَبُثّ رِجَالًا )  : أَيْ أَنْشُرهُمْ. فِي الْمِصْبَاح الْمُنِير : بَثَّ السُّلْطَان الْجُنْد فِي الْبِلَاد , أَيْ نَشَرَهُمْ مِنْ بَاب قَتَلَ. اِنْتَهَى. وَحَاصِل الْمَعْنَى أَنْ أَبْعَث رِجَالًا  ( فِي الدُّور )  : جَمْع دَار أَيْ فِي الْمَحَلَّات  ( يُنَادُونَ النَّاس )  : وَيُخْبِرُونَهُمْ  ( بِحِينِ الصَّلَاة )  : قَالَ اِبْن رَسْلَان : يَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْبَاء بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي وَقْت الصَّلَاة كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } أَيْ فِي وَقْت الْأَسْحَار يَسْتَغْفِرُونَ وَقَوْله تَعَالَى { وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ } وَالصَّحِيح أَنَّ الظَّرْفِيَّة الَّتِي بِمَعْنَى فِي تَدْخُل عَلَى الْمَعْرِفَة كَمَا فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَة , وَتَكُون مَعَ النَّكِرَة , كَقَوْلِهِ تَعَالَى { نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ } قَالَ أَبُو الْفَتْح : وَتَوَهَّمَ بَعْضهمْ أَنَّهَا لَا تَقَع إِلَّا مَعَ الْمَعْرِفَة , نَحْو كُنَّا بِالْبَصْرَةِ وَأَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ. اِنْتَهَى  ( عَلَى الْآطَام )  : جَمْع الْأُطُم بِالضَّمِّ. قَالَ اِبْن رَسْلَان : بِنَاء مُرْتَفِع , وَآطَام الْمَدِينَة حُصُون لِأَهْلِهَا  ( حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا أَنْ يَنْقُسُوا )  : شَكّ مِنْ الرَّاوِي. قَالَ فِي فَتْح الْوَدُود : حَتَّى نَقَسُوا مِنْ نَصْر أَيْ ضَرَبُوا بِالنَّاقُوسِ , وَجَعَلَهُ بَعْضهمْ مِنْ التَّنْقِيس بِمَعْنَى الضَّرْب بِالنَّاقُوسِ  ( قَالَ )  : أَيْ , اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( فَجَاءَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار )  : وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عَبْد اللَّه بْن زَيْد بْن عَبْد رَبّه أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ( إِنِّي لَمَّا رَجَعْت )  : مِنْ عِنْدك يَا رَسُول اللَّه  ( لِمَا رَأَيْت مِنْ اِهْتِمَامك )  : بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْح الْمِيم عِلَّة لِقَوْلِهِ الْمُقَدَّم أَيْ رَجَعْت  ( رَأَيْت رَجُلًا )  : وَهُوَ جَزَاء لَمَّا رَجَعْت  ( فَقَامَ )  : أَيْ الرَّجُل الْمَرْئِيّ  ( عَلَى الْمَسْجِد فَأَذَّنَ ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَة ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مِثْلهَا إِلَّا أَنَّهُ يَقُول قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة )  : وَفِي رِوَايَة الْأَحْمَدَانِيِّ بَيْنَا أَنَا بَيْن النَّائِم وَالْيَقِظَانِ إِذْ رَأَيْت شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَة فَقَالَ اللَّه أَكْبَر اللَّه أَكْبَر. أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُثَنَّى حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْأَذَان ثُمَّ أُمْهِل سَاعَة ثُمَّ قَالَ مِثْل الَّذِي قَالَ غَيْر أَنَّهُ يَزِيد فِي ذَلِكَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة مَرَّتَيْنِ. قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمهَا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ بِهَا , فَكَانَ بِلَال أَوَّل مَنْ أَذَّنَ بِهَا. قَالَ وَجَاءَ عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه قَدْ طَافَ بِي مِثْل الَّذِي طَافَ بِهِ غَيْر أَنَّهُ سَبَقَنِي  ( وَلَوْلَا أَنْ يَقُول النَّاس )  : أَيْ قَالَ عَمْرو بْن مَرْزُوق أَنْ يَقُول النَّاس بِصِيغَةِ الْغَائِب  ( قَالَ اِبْن الْمُثَنَّى )  : لَفْظ  ( أَنْ تَقُولُوا )  : بِصِيغَةِ الْخِطَاب مَكَان أَنْ يَقُول النَّاس أَيْ لَوْلَا أَخَاف أَنْ يَقُول النَّاس إِنَّهُ كَاذِب  ( لَقُلْت إِنِّي كُنْت يَقْظَانًا غَيْر نَائِم )  . يَعْنِي أَنِّي فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ صَادِق لَا رَيْب فِيهَا كَأَنِّي رَأَيْت الرَّجُل الْمَرْئِيّ الَّذِي أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي حَال الْيَقَظَة لَا فِي حَال النَّوْم. وَقَوْله لَقُلْت جَوَاب لَوْلَا , وَغَيْر نَائِم بِفَتْحِ الرَّاء الْمُهْمَلَة تَأْكِيد لِقَوْلِهِ يَقْظَان , وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد إِنِّي رَأَيْت فِيمَا يَرَى النَّائِم وَلَوْ قُلْت إِنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا لَصَدَقْت  ( وَقَالَ اِبْن الْمُثَنَّى لَقَدْ أَرَاك اللَّه خَيْرًا وَلَمْ يَقُلْ عَمْرو لَقَدْ أَرَاك اللَّه خَيْرًا )  : هَذِهِ جُمْلَة مُعْتَرِضَة , أَيْ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أَرَاك اللَّه خَيْرًا فَمُرْ بِلَالًا , لَكِنْ هَذِهِ الْجُمْلَة أَيْ لَقَدْ أَرَاك اللَّه خَيْرًا فِي رِوَايَة اِبْن الْمُثَنَّى وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَة عَمْرو  ( قَالَ )  : اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( مِثْل الَّذِي رَأَى )  : عَبْد اللَّه بْن زَيْد  ( وَلَكِنْ لَمَّا سَبَقْت اِسْتَحْيَيْت )  : أَنْ أَقُصّ عَلَيْك رُؤْيَايَ إِلَى هُنَا تَمَّ الْحَال الْأَوَّل مِنْ الْوُجُوه الْمُحَوَّلَة وَالتَّغَيُّرَات الثَّلَاثَة الَّتِي وَقَعَتْ فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام. وَحَاصِل الْمَعْنَى أَنَّ التَّغْيِير الْأَوَّل مِنْ الْوُجُوه الْمُحَوَّلَة وَالتَّغَيُّرَات الثَّلَاثَة هُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ الصَّلَاة وَيُؤَدُّونَهَا فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْفَرِدِينَ مِنْ غَيْر أَنْ يَجْتَمِعُوا وَيَتَّفِقُوا عَلَى إِمَام وَاحِد , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَجْتَمِع النَّاس وَقْت الصَّلَاة وَيُؤَدُّونَهَا كُلّهمْ أَجْمَعُونَ بِإِمَامٍ وَاحِد لَكَانَ أَحْسَن , فَهَذِهِ الْحَالَة تَغَيَّرَتْ وَتَبَدَّلَتْ مِنْ الِانْفِرَاد وَالْوَحْدَة إِلَى الْجَمَاعَة وَالِاتِّفَاق , وَأَمَّا تَجْوِيز النِّدَاء وَالْأَذَان وَبَثّ الرِّجَال فِي الدُّور فَلَيْسَ مِنْ الْأَحْوَال الثَّلَاثَة , بَلْ هُوَ سَبَب لِوُصُولِ وَتَحْصِيل هَذِهِ الْحَالَة الَّتِي ذَكَرْتهَا  ( قَالَ )  : أَيْ اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( وَحَدَّثَنَا أَصْحَابنَا )  : وَهَذَا شُرُوع فِي بَيَان الْحَال الثَّانِي مِنْ الْأَحْوَال الثَّلَاثَة  ( قَالَ كَانَ الرَّجُل إِذَا جَاءَ )  : لِأَدَاءِ الصَّلَاة بِالْجَمَاعَةِ بَعْد أَنْ اِسْتَقَرَّ حُكْمهَا  ( يَسْأَل )  : بِصِيغَةِ الْمَعْرُوف عَنْ الْمُصَلِّينَ كَمْ صَلَّيْت مَعَ الْإِمَام وَكَمْ بَقِيَتْ  ( فَيُخْبَر )  : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول , أَيْ فَيُخْبِرهُ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِد قَبْله وَلَمْ يَدْخُل فِي الصَّلَاة , أَوْ يُخْبِرهُ الْمُصَلُّونَ بِالْإِشَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَأَشَارُوا إِلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح  ( بِمَا سُبِقَ )  : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ بِالْقَدْرِ الَّذِي سُبِقَ  ( مِنْ صَلَاته )  : أَيْ الرَّجُل الْمَسْبُوق , وَهَذِهِ الْجُمْلَة بَيَان لِمَا الْمَوْصُولَة  ( وَأَنَّهُمْ قَامُوا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْن قَائِم وَرَاكِع وَقَاعِد وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )  : أَيْ كَانُوا قَائِمِينَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ مَا كَانَ كُلّ مَنْ دَخَلَ فِي الْجَمَاعَة يَصْنَع كَمَا يَصْنَع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ بَعْضهمْ فِي الْقِيَام , وَبَعْضهمْ فِي الرُّكُوع وَبَعْضهمْ فِي الْقَعْدَة , وَبَعْضهمْ يَصْنَع كَمَا يَصْنَع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا جَاءُوا وَدَخَلُوا الْمَسْجِد يَسْأَلُونَ عَنْ الْمِقْدَار الَّذِي فَاتَ عَنْهُمْ فَيُخْبَرُونَ بِمَا سُبِقُوا مِنْ صَلَاتهمْ فَيَلْحَقُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَكِنْ يُؤَدُّونَ مَا سُبِقُوا مِنْهَا ثُمَّ يَصْنَعُونَ كَمَا يَصْنَع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا يُفْهَم الْمَعْنَى مِنْ رِوَايَة الْكِتَاب. وَيَحْتَمِل أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِد صَلَّوْا مَا فَاتَ عَنْهُمْ عَلَى حِدَة مِنْ غَيْر دُخُول فِي الْجَمَاعَة , وَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ أَدَاء مَا فَاتَ عَنْهُمْ دَخَلُوا فِي الْجَمَاعَة وَصَلَّوْا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُؤَيِّد هَذَا الْمَعْنَى رِوَايَة أَحْمَد فِي مُسْنَده وَلَفْظه "" وَكَانُوا يَأْتُونَ الصَّلَاة وَقَدْ سَبَقَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِهَا فَكَانَ الرَّجُل يُشِير إِلَى الرَّجُل إِذَنْ كَمْ صَلَّى فَيَقُول : وَاحِدَة أَوْ اِثْنَتَيْنِ فَيُصَلِّيهَا ثُمَّ يَدْخُل مَعَ الْقَوْم فِي صَلَاتهمْ. قَالَ : فَجَاءَ مُعَاذ فَقَالَ لَا أَجِدهُ عَلَى حَال أَبَدًا إِلَّا كُنْت عَلَيْهَا ثُمَّ قَضَيْت مَا سَبَقَنِي. قَالَ : فَجَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِهَا , قَالَ : فَثَبَتَ مَعَهُ , فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه , قَامَ فَقَضَى "" الْحَدِيث. قَالَهُ فِي غَايَة الْمَقْصُود.  ( قَالَ اِبْن الْمُثَنَّى )  : بِإِسْنَادِهِ إِلَى شُعْبَة  ( قَالَ عَمْرو )  : بْن مُرَّة  ( وَحَدَّثَنِي بِهَا )  : أَيْ بِهَذِهِ الرِّوَايَة  ( حُصَيْنُ )  : بْن عَبْد الرَّحْمَن السِّلْمِيّ الْكُوفِيّ , رَوَى عَنْهُ شُعْبَة وَالثَّوْرِيُّ وَثَّقَهُ أَحْمَد أَيْ حَدَّثَنِي حُصَيْنٌ كَمَا حَدَّثَنِي بِهِ اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى )  : فَرَوَى عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى بِلَا وَاسِطَة , وَرُوِيَ أَيْضًا بِوَاسِطَةِ حُصَيْنٍ عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى. قَالَهُ فِي غَايَة الْمَقْصُود  ( حَتَّى جَاءَ مُعَاذ )  : يُشْبِه أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَنَّ عَمْرو بْن مُرَّة رَوَى عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى مِنْ أَوَّل الْحَدِيث إِلَى هَذَا الْقَوْل أَيْ حَتَّى جَاءَ مُعَاذ , وَأَمَّا بَاقِي الْحَدِيث فرَوَى عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى نَفْسه. قَالَهُ فِي غَايَة الْمَقْصُود.  ( قَالَ شُعْبَة )  : بْن الْحَجَّاج  ( وَقَدْ سَمِعْتهَا )  : هَذِهِ الرِّوَايَة أَمَّا أَيْضًا  ( مِنْ حُصَيْن )  : اِبْن عَبْد الرَّحْمَن وَزَادَنِي حُصَيْنُ عَلَى قَوْله : حَتَّى جَاءَ مُعَاذ هَذِهِ الْجُمْلَة الْآتِيَة  ( فَقَالَ )  : مُعَاذ  ( لَا أُرَاهُ عَلَى حَال إِلَى قَوْله )  : وَهُوَ إِلَّا كُنْت عَلَيْهَا. قَالَ فَقَالَ : إِنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّة  ( كَذَلِكَ فَافْعَلُوا )  : فَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَنْ حُصَيْنٍ : تَمَّ الْحَدِيث إِلَى قَوْله : كَذَلِكَ فَافْعَلُوا. وَفِي رِوَايَة عَمْرو بِنْ مَرَّة عَنْ حُصَيْنٍ تَمَّ الْحَدِيث , إِلَى قَوْله حَتَّى جَاءَ مُعَاذ. قَالَهُ فِي غَايَة الْمَقْصُود  ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ رَجَعْت إِلَى حَدِيث عَمْرو بْن مَرْزُوق )  لِأَنَّهُ أَتَمّ سِيَاقًا وَأَكْثَر بَيَانًا مِنْ حَدِيث اِبْن الْمُثَنَّى  ( قَالَ )  . عَمْرو بْن مَرْزُوق بِإِسْنَادِهِ إِلَى اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( فَجَاءَ مُعَاذ فَأَشَارُوا إِلَيْهِ )  : بِاَلَّذِي سَبَقَ بِهِ مِنْ الصَّلَاة وَأَفْهَمُوهُ بِالْإِشَارَةِ أَنَّهُ سُبِقَ بِكَذَا وَكَذَا رَكْعَة  ( قَالَ شُعْبَة وَهَذِهِ )  : الْجُمْلَة  ( سَمِعْتهَا )  : أَيْ الْجُمْلَة  ( مِنْ حُصَيْنٍ )  : كَرَّرَ شُعْبَة ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ وَإِعْلَامًا بِأَنَّ عَمْرو اِبْن مَرَّة وَإِنْ رَوَى عَنْ حُصَيْن إِلَى قَوْله : حَتَّى جَاءَ مُعَاذ لَكِنْ أَنَا أَرْوِي عَنْ حُصَيْنٍ إِلَى قَوْله : فَافْعَلُوا كَذَلِكَ. وَمُحَصَّل الْكَلَام أَنَّ شُعْبَة رَوَى هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيقَيْنِ. الْأُولَى عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى وَهُوَ مَتْن طَوِيل مِنْ أَوَّل الْحَدِيث إِلَى آخِر الْحَدِيث. وَالثَّانِيَة عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى وَهُوَ مِنْ أَوَّل الْحَدِيث إِلَى قَوْله : إِنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّة كَذَلِكَ فَافْعَلُوا , وَأَمَّا عَمْرو بْن مُرَّة شَيْخ شُعْبَة , فَهُوَ أَيْضًا رَوَى الْحَدِيث مِنْ طَرِيقَيْنِ. الْأُولَى عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى وَالثَّانِيَة عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , فَرِوَايَة عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى نَفْسه أَطْوَل وَرِوَايَته عَنْ حُصَيْنٍ هِيَ إِلَى قَوْله : حَتَّى جَاءَ مُعَاذ , فَهِيَ مُخْتَصَرَة. هَذَا يُفْهَم مِنْ ظَاهِر عِبَارَة الْكِتَاب. وَاَللَّه أَعْلَم بِمُرَادِ الْمُؤَلِّف الْإِمَام. قَالَهُ فِي غَايَة الْمَقْصُود.  ( قَالَ )  : اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( فَقَالَ مُعَاذ لَا أُرَاهُ )  أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ( عَلَى حَال إِلَّا كُنْت عَلَيْهَا )  : أَيْ عَلَى تِلْكَ الْحَالَة وَلَا أُؤَدِّي مَا سُبِقْت بَلْ أَصْنَع كَمَا يَصْنَع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَلَّمَ أَقْضِي مَا سُبِقْت وَبَيَانه أَنَّ مُعَاذ بْن جَبَل لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِد لِأَدَاءِ الصَّلَاة فَأَشَارَ النَّاس إِلَيْهِ عَمَّا فَاتَ مِنْ صَلَاته عَلَى عَادَتهمْ الْقَدِيمَة فَرَدَّ مُعَاذ بْن جَبَل قَوْلهمْ وَقَالَ لَا أَفْعَل هَكَذَا وَلَا أُؤَدِّي الصَّلَاة الْفَائِتَة أَوَّلًا بَلْ أَدْخُل فِي الْجَمَاعَة مَعَ الْقَوْم وَنُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَيْ حَال كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِيَام أَوْ رُكُوع أَوْ سُجُود أَوْ قُعُود ثُمَّ أَقْضِي الصَّلَاة الَّتِي فَاتَتْ مِنِّي بَعْد إِتْمَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاته وَفَرَاغه مِنْهَا. وَيُؤَيِّد هَذَا الْمَعْنَى مَا فِي رِوَايَة لِأَحْمَد قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى فَجَاءَ مُعَاذ فَقَالَ لَا أَجِدهُ عَلَى حَال أَبَدًا إِلَّا كُنْت عَلَيْهَا ثُمَّ قَضَيْت مَا سَبَقَنِي , قَالَ فَجَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِهَا قَالَ فَثَبَتَ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَقَضَى اِنْتَهَى.  ( قَالَ )  : مُعَاذ بْن جَبَل  ( فَقَالَ )  : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ( إِنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ إِلَخْ )  : فَرَضِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فِعْل مُعَاذ وَرَغَّبَ النَّاس عَلَيْهِ وَأَسْلُكهُمْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَة. فَهَذَا تَغَيُّر ثَانٍ لِلصَّلَاةِ مِنْ فِعْل النَّاس الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ إِلَى فِعْل مُعَاذ. وَإِلَى هَاهُنَا تَمَّتْ الْحَالَة الثَّانِيَة لِلصَّلَاةِ. وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا. اِنْتَهَى. وَالْحَالَة الثَّالِثَة لَيْسَتْ بِمَذْكُورَةٍ فِي هَذَا الْحَدِيث وَإِنَّمَا هِيَ فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة بَعْد هَذَا الْحَدِيث وَفِيهَا قَالَ الْحَال الثَّالِث أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَة فَصَلَّى يَعْنِي نَحْو بَيْت الْمَقْدِس ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا. الْحَدِيث , وَيَجِيء شَرْح الْحَدِيث هُنَاكَ  ( قَالَ )  : اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( أَمَرَهُمْ )  : أَيْ الْمُسْلِمِينَ  ( بِصِيَامِ ثَلَاثَة أَيَّام )  : وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة , فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر وَيَصُوم يَوْم عَاشُورَاء  ( ثُمَّ أَنْزَلَ رَمَضَان )  : أَيْ صَوْم رَمَضَان  ( وَكَانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيَام )  : أَيْ أَنَّ النَّاس لَمْ تَكُنْ عَادَتهمْ بِالصِّيَامِ  ( وَكَانَ الصِّيَام عَلَيْهِمْ )  : أَيْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ  ( شَدِيدًا )  : لَا يَتَحَمَّلُونَهُ  ( فَكَانَ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا )  : وَهَذَا هُوَ الْحَال الْأَوَّل مِنْ الْأَحْوَال الثَّلَاثَة لِلصِّيَامِ , وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة : فَكَانَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُوم صَامَ , وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِر وَيُطْعِم كُلّ يَوْم مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ فَهَذَا حَوْل الْحَدِيث فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أَيْ فَمَنْ كَانَ حَاضِرًا مُقِيمًا غَيْر مُسَافِر فَأَدْرَكَهُ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ. وَالشُّهُود الْحُضُور , وَقِيلَ : هُوَ مَحْمُول عَلَى الْعَادَة بِمُشَاهَدَةِ الشَّهْر وَهِيَ رُؤْيَة الْهِلَال وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ "" أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَإِذَا اِسْتَهَلَّ الشَّهْر وَهُوَ مُقِيم ثُمَّ أَنْشَأَ السَّفَر فِي أَثْنَائِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُفْطِر حَالَة السَّفَر لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس الْآتِي. قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره. قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي الْمَعَالِم وَبِهِ قَالَ أَكْثَر الصَّحَابَة وَالْفُقَهَاء. قَالَ الْخَازِن : وَيَجُوز لَهُ أَنْ يَصُوم فِي بَعْض السَّفَر وَأَنْ يُفْطِر فِي بَعْضه إِنْ أَحَبَّ , يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس "" أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح فِي رَمَضَان فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيد ثُمَّ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاس مَعَهُ وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَث مِنْ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. اِنْتَهَى كَلَام الْخَازِن. وَقَالَ اِبْن عُمَر وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَان وَهُوَ مُقِيم ثُمَّ أَنْشَأَ السَّفَر لَا يَجُوز لَهُ الْإِفْطَار كَمَا قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرّ الْمَنْثُور بِقَوْلِهِ : أَخْرَجَ وَكِيع وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ وَابْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم عَنْ عَلِيّ قَالَ : مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَان وَهُوَ مُقِيم ثُمَّ سَافَرَ فَقَدْ لَزِمَهُ الصَّوْم لِأَنَّ اللَّه يَقُول : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ وَأَخْرَجَ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ اِبْن عُمَر فِي قَوْله : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَان فِي أَهْله ثُمَّ أَرَادَ السَّفَر فَلْيَصُمْ. اِنْتَهَى كَلَام السُّيُوطِيِّ , رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى.  ( فَكَانَتْ الرُّخْصَة لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِر فَأُمِرُوا بِالصِّيَامِ )  : أَيْ غَيْر الْمَرِيض وَالْمُسَافِر , وَهَذَا هُوَ الْحَال الثَّانِي لِلصِّيَامِ. وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد. وَأَمَّا أَحْوَال الصِّيَام فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَة فَجَعَلَ يَصُوم مِنْ كُلّ شَهْر ثَلَاثَة أَيَّام وَصِيَام عَاشُورَاء , ثُمَّ إِنَّ اللَّه فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيَام وَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } إِلَى قَوْله : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ , ثُمَّ إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الْآيَة الْأُخْرَى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } إِلَى قَوْله : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فَأَثْبَتَ اللَّه صِيَامه عَلَى الْمُقِيم الصَّحِيح , وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِر , وَثَبَتَ الْإِطْعَام لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الصِّيَام فَهَذَانِ حَالَانِ لِلْحَدِيثِ.  ( قَالَ )  : اِبْن أَبِي لَيْلَى  ( وَكَانَ الرَّجُل إِلَخْ )  : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ : إِذَا كَانَ الرَّجُل صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَار فَنَامَ قَبْل أَنْ يُفْطِر لَمْ يَأْكُل لَيْلَته وَلَا يَوْمه حَتَّى يُمْسِي  ( قَالَ )  : مُعَاذ بْن جَبَل  ( فَجَاءَ عُمَر فَأَرَادَ اِمْرَأَته فَقَالَتْ )  : اِمْرَأَة عُمَر  ( إِنِّي قَدْ نِمْت )  : قَبْل أَنْ نَأْكُل  ( فَظَنَّ )  : أَيْ عُمَر  ( أَنَّهَا )  : أَيْ أَمْرَأَته  ( تَعْتَلّ )  : مِنْ الِاعْتِلَال أَيْ تَلَهَّى وَتُزَوِّر مِنْ تَزْوِير النِّسَاء وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بهانه ميكتد. قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب يُقَال : تَعَلَّلْت بِالْمَرْأَةِ تَعَلُّلًا لَهَوْت بِهَا  ( فَأَتَاهَا )  : أَيْ فَجَامَعَ أَمْرَأَته  ( فَجَاءَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار )  : إِلَى أَهْله وَكَانَ صَائِمًا  ( فَأَرَادَ الطَّعَام فَقَالُوا )  : أَيْ أَهْل بَيْته لِهَذَا الرَّجُل اِصْبِرْ  ( حَتَّى نُسَخِّن لَك شَيْئًا )  : مِنْ التَّسْخِين أَيْ نُحْمِي لَك  ( فَنَامَ )  : الرَّجُل الْأَنْصَارِيّ  ( فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَزَلَتْ عَلَيْهِ )  : أَيْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ( هَذِهِ الْآيَة )  : الْآتِيَة ( فِيهَا ) : أَيْ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَة  { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ }  وَهَذَا هُوَ الْحَال الثَّالِث لِلصِّيَامِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَفْسِير الدُّرّ الْمَنْثُور : أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ وَابْن الْمُنْذِر وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنه عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الدُّخُول وَالتَّغَشِّي وَالْإِفْضَاء وَالْمُبَاشَرَة وَالرَّفَث وَاللَّمْس وَالْمَسّ وَالْمَسِيس الْجِمَاع , وَالرَّفَث فِي الصِّيَام الْجِمَاع , وَالرَّفَث فِي الْحَجّ الْإِغْرَاء بِهِ. اِنْتَهَى. 



