المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (42)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (42)]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَبِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ
( يَرْفَعهُ ) : هَذِهِ مَقُولَة الْأَعْرَج , أَيْ يَقُول الْأَعْرَج : يَرْفَع أَبُو هُرَيْرَة هَذَا الْحَدِيث إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهَذِهِ صِيغَة يُكْنَى بِهَا عَنْ صَرِيح الرَّفْع فَهُوَ أَيْضًا مِنْ أَقْسَام الْمَرْفُوع الْحُكْمِيّ كَقَوْلِ التَّابِعِيّ عَنْ الصَّحَابِيّ يَرْفَع الْحَدِيث صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَافِظ. وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ رِوَايَة الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَالَ ) : أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَوْلَا ) : مَخَافَة ( أَنْ أَشُقَّ ) : مَصْدَرِيَّة فِي مَحَلّ الرَّفْع عَلَى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وُجُوبًا , أَيْ لَوْلَا الْمَشَقَّة مَوْجُود ( بِتَأْخِيرِ الْعِشَاء ) : إِلَى ثُلُث اللَّيْل كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيث زَيْد بْن خَالِد. وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ : "" لَأَخَّرْت صَلَاة الْعِشَاء إِلَى نِصْف اللَّيْل "". ( وَبِالسِّوَاكِ ) : أَيْ لَأَمَرْتهمْ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاك , لِأَنَّ السِّوَاك هُوَ آلَة , وَيُطْلَق عَلَى الْفِعْلِيّ أَيْضًا فَعَلَى هَذَا لَا تَقْدِير , وَالسِّوَاك مُذَكَّر عَلَى الصَّحِيح , وَحَكَى فِي الْمُحْكَم تَأْنِيثه , وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْأَزْهَرِيّ ( عِنْد كُلّ صَلَاة ) : وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسْلِم وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج بِلَفْظِ : ( عِنْد كُلّ صَلَاة ) وَخَالَفَهُ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال عَنْ الْأَعْرَج فَقَالَ : "" مَعَ الْوُضُوء "" بَدَل الصَّلَاة. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقه. وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : "" مَعَ كُلّ صَلَاة "" قَالَ الْحَافِظ : قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيّ : لَوْلَا كَلِمَة تَدُلّ عَلَى اِنْتِفَاء الشَّيْء لِثُبُوتِ غَيْره , وَالْحَقّ أَنَّهَا مُرَكَّبَة مِنْ "" لَوْ "" الدَّالَّةِ عَلَى اِنْتِفَاء الشَّيْء لِانْتِفَاءِ غَيْره وَ "" لَا "" النَّافِيَة , فَدَلَّ الْحَدِيث عَلَى اِنْتِفَاء الْأَمْر لِثُبُوتِ الْمَشَقَّة لِأَنَّ اِنْتِفَاء النَّفْي ثُبُوت , فَيَكُون الْأَمْر مَنْفِيًّا لِثُبُوتِ الْمَشَقَّة. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْأَمْر لِلْوُجُوبِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ نَفَى الْأَمْر مَعَ ثُبُوت النَّدْبِيَّة , وَلَوْ كَانَ لِلنَّدْبِ لَمَا جَازَ النَّفْي. وَثَانِيهمَا : أَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْر مَشَقَّة عَلَيْهِمْ , وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّق إِذَا كَانَ الْأَمْر لِلْوُجُوبِ , إِذْ النَّدْب لَا مَشَقَّة فِيهِ لِأَنَّهُ جَائِز التَّرْك. وَقَالَ الشَّافِعِيّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ السِّوَاك لَيْسَ بِوَاجِبٍ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَشُقّ , وَإِلَى الْقَوْل بِعَدَمِ وُجُوبه صَارَ أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْم , بَلْ اِدَّعَى بَعْضهمْ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ , لَكِنْ حَكَى الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَتَبِعَهُ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ قَالَ : هُوَ وَاجِب لِكُلِّ صَلَاة , فَمَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاته. وَعَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ وَاجِبٌ لَكِنْ لَيْسَ شَرْطًا. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ بِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ , فَعِنْد اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَة مَرْفُوعًا "" تَسَوَّكُوا "" وَلِأَحْمَدَ نَحْوه مِنْ حَدِيث الْعَبَّاس وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيث. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فَضْل السِّوَاك فَقَطْ , وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ الْفَضْلَيْنِ , وَأَخْرَجَ اِبْن مَاجَهْ فَضْل الصَّلَاة , وَأَخْرَجَ فَضْل السِّوَاك مِنْ حَدِيث سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ فَضْل السِّوَاك مِنْ حَدِيث أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة. اِنْتَهَى.



