المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (390)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (390)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْخَزَّازُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا
( عُرِضَتْ عَلِيّ ) : الظَّاهِر أَنَّهُ فِي لَيْلَة الْمِعْرَاج ( أُجُور أُمَّتِي ) : أَيْ ثَوَاب أَعْمَالهمْ ( حَتَّى الْقَذَاة ) : بِالرَّفْعِ أَوْ الْجَرّ وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَاف. قَالَ الطِّيبِيُّ : الْقَذَاة هِيَ مَا يَقَع فِي الْعَيْن مِنْ تُرَاب أَوْ تِبْن أَوْ وَسَخ , وَلَا بُدّ فِي الْكَلَام مِنْ تَقْدِير مُضَاف أَيْ أُجُور أَعْمَال أُمَّتِي , وَأَجْر الْقَذَاة أَيْ أَجْر إِخْرَاج الْقَذَاة , إِمَّا بِالْجَرِّ وَحَتَّى بِمَعْنَى إِلَى , وَالتَّقْدِير إِلَى إِخْرَاج الْقَذَاة , وَعَلَى هَذَا قَوْله يُخْرِجهَا الرَّجُل مِنْ الْمَسْجِد جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة لِلْبَيَانِ , وَإِمَّا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى أُجُور , فَالْقَذَاة مُبْتَدَأ وَيُخْرِجهَا خَبَره. قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي ( أَعْظَم مِنْ سُورَة ) : مِنْ ذَنْب نِسْيَان سُورَة كَائِنَة ( مِنْ الْقُرْآن ) : فَإِنْ قُلْت : هَذَا مُنَافٍ لِمَا مَرَّ فِي بَاب الْكَبَائِر. قُلْت إِنْ سَلِمَ أَنَّ أَعْظَم وَأَكْبَر مُتَرَادِفَانِ , فَالْوَعِيد عَلَى النِّسْيَان لِأَجْلِ أَنَّ مَدَار هَذِهِ الشَّرِيعَة عَلَى الْقُرْآن فَنِسْيَانه كَالسَّعْيِ فِي الْإِخْلَال بِهَا. فَإِنْ قُلْت : النِّسْيَان لَا يُؤَاخَذ بِهِ. قُلْت : الْمُرَاد تَرْكهَا عَمْدًا إِلَى أَنْ يُفْضِي إِلَى النِّسْيَان. وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَعْظَم مِنْ الذُّنُوب الصَّغَائِر إِنْ لَمْ تَكُنْ عَنْ اِسْتِخْفَاف وَقِلَّة تَعْظِيم. كَذَا فِي الْأَزْهَار شَرْح الْمَصَابِيح , ( أَوْ آيَة أُوتِيَهَا ) : أَيْ تَعْلَمهَا وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ ( ثُمَّ نَسِيَهَا ) : قَالَ الطِّيبِيُّ : شَطْر الْحَدِيث مُقْتَبِس مِنْ قَوْله تَعَالَى : { كَذَلِكَ آتَتْك آيَاتُنَا فَنَسِيتهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْم تُنْسَى } يَعْنِي عَلَى قَوْل فِي الْآيَة , وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا فِي الْمُشْرِك , وَالنِّسْيَان بِمَعْنَى تَرْك الْإِيمَان , وَإِنَّمَا قَالَ أُوتِيَهَا دُون حَفِظَهَا إِشْعَارًا بِأَنَّهَا كَانَتْ نِعْمَة جَسِيمَة أَوْلَاهَا اللَّه لِيَشْكُرهَا فَلَمَّا نَسِيَهَا فَقَدْ كَفَرَ تِلْكَ النِّعْمَة , فَبِالنَّظَرِ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَانَ أَعْظَم جُرْمًا , وَإِنْ لَمْ يُعَدّ مِنْ الْكَبَائِر. قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي. وَقَالَ اِبْن رَسْلَان : فِيهِ تَرْغِيب فِي تَنْظِيف الْمَسَاجِد مِمَّا يَحْصُل فِيهَا مِنْ الْقُمَامَات الْقَلِيلَة أَنَّهَا تُكْتَب فِي أُجُورهمْ وَتُعْرَض عَلَى نَبِيّهمْ , وَإِذَا كُتِبَ هَذَا الْقَلِيل وَعُرِضَ فَيُكْتَب الْكَبِير وَيُعْرَض مِنْ بَاب الْأَوْلَى. فَفِيهِ تَنْبِيه بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه قَالَ : وَذَاكَرْت بِهِ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل يَعْنِي الْبُخَارِيّ فَلَمْ يَعْرِفهُ وَاسْتَغْرَبَهُ. قَالَ : مُحَمَّد وَلَا أَعْرِف لِلْمُطَّلِبِ بْن عَبْد اللَّه سَمَاعًا مِنْ أَحَد مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَوْله خَطَبَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَسَمِعْت عَبْد اللَّه وَهُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُول : لَا يُعْرَف لِلْمُطَّلِبِ سَمَاعًا مِنْ أَحَد مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ عَبْد اللَّه : وَأَنْكَرَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ أَنْ يَكُون الْمُطَّلِب سَمِعَ مِنْ أَنَس وَفِي إِسْنَاده عَبْد الْمَجِيد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي رَوَّادٍ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ الْمَكِّيّ , وَثَّقَهُ يَحْيَى اِبْن مَعِين وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد.



