المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (384)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (384)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ
( بِبِنَاءِ الْمَسْجِد فِي الدُّور ) : قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْح السُّنَّة : يُرِيد بِهَا الْمَحَالّ الَّتِي فِيهَا الدُّور , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ } لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْمَحَلَّة الَّتِي اِجْتَمَعَتْ فِيهَا قَبِيلَة دَارًا , وَمِنْهُ الْحَدِيث "" مَا بَقِيَتْ دَار إِلَّا بُنِيَ فِيهَا مَسْجِد "" قَالَ سُفْيَان : بِنَاء الْمَسَاجِد فِي الدُّور يَعْنِي الْقَبَائِل. أَيْ مِنْ الْعَرَب يَتَّصِل بَعْضهَا بِبَعْضٍ , وَهُمْ بَنُو أَب وَاحِد يُبْنَى لِكُلِّ قَبِيلَة مَسْجِد. هَذَا ظَاهِر مَعْنَى تَفْسِير سُفْيَان الدُّور. قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْأَصْل فِي إِطْلَاق الدُّور عَلَى الْمَوَاضِع , وَقَدْ تُطْلَق عَلَى الْقَبَائِل مَجَازًا. قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْل. وَقَالَ عَلِيّ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاة : الدُّور جَمْع دَار وَهُوَ اِسْم جَامِع لِلْبِنَاءِ , وَالْعَرْصَة وَالْمَحَلَّة وَالْمُرَاد الْمَحَلَّات , فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْمَحَلَّة الَّتِي اِجْتَمَعَتْ فِيهَا قَبِيلَة دَارًا أَوْ مَحْمُول عَلَى اِتِّخَاذ بَيْت فِي الدَّار لِلصَّلَاةِ كَالْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ أَهْل الْبَيْت. قَالَهُ اِبْن الْمَلَك , وَالْأَوَّل هُوَ الْمَعْلُول وَعَلَيْهِ الْعَمَل. وَحِكْمَة أَمْره لِأَهْلِ كُلّ مَحَلَّة بِبِنَاءِ مَسْجِد فِيهَا أَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّر أَوْ يَشُقّ عَلَى أَهْل مَحَلَّة الذَّهَاب لِلْأُخْرَى , فَيُحْرَمُونَ أَجْر الْمَسْجِد وَفَضْل إِقَامَة الْجَمَاعَة فِيهِ فَأُمِرُوا بِذَلِكَ لِيَتَيَسَّر لِأَهْلِ كُلّ مَحَلَّة الْعِبَادَة فِي مَسْجِدهمْ مِنْ غَيْر مَشَقَّة تَلْحَقهُمْ ( وَأَنْ تُنَظَّف ) : مَعْنَاهُ تُطَهَّر كَمَا فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ , وَالْمُرَاد تَنْظِيفهَا مِنْ الْوَسَخ وَالدَّنَس وَبِإِزَالَةِ النَّتْن وَالْعَذِرَات وَالتُّرَاب ( وَتُطَيَّب ) : بِالرَّشِّ أَوْ الْعِطْر. قَالَ اِبْن رَسْلَان : بِطِيبِ الرِّجَال وَهُوَ مَا خَفِيَ لَوْنه وَظَهَر رِيحه , فَإِنَّ اللَّوْن رُبَّمَا شَغَلَ بَصَر الْمُصَلِّي. وَالْأَوْلَى فِي تَطْيِيب الْمَسْجِد مَوَاضِع الْمُصَلِّينَ وَمَوَاضِع سُجُودهمْ أَوْلَى. وَيَجُوز أَنْ يُحْمَل التَّطْيِيب عَلَى التَّجْمِير فِي الْمَسْجِد بِالْبَخُورِ. اِنْتَهَى. وَالظَّاهِر أَنَّ الْأَمْر بِبِنَاءِ الْمَسْجِد لِلْوُجُوبِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مُرْسَلًا وَقَالَ : هَذَا أَصَحّ مِنْ الْحَدِيث الْأَوَّل.


