المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (350)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (350)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَامَ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ذَكَرْنَا تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ أَوْ ذَكَرَهَا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ أَوْ عَلَى قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا
( تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِقِينَ ) : قَالَ اِبْن الْمَلَك : إِشَارَة إِلَى مَذْكُور حُكْمًا أَيْ صَلَاة الْعَصْر الَّتِي أُخِّرَتْ إِلَى الِاصْفِرَار ( فَكَانَتْ ) : الشَّمْس ( بَيْن قَرْنَيْ شَيْطَان ) : أَيْ قَرِيبًا مِنْ الْغُرُوب قَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله عَلَى وُجُوه , فَقَالَ قَائِل مَعْنَاهُ مُقَارَنَة الشَّيْطَان الشَّمْس عِنْد دُنُوّهَا لِلْغُرُوبِ عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّيْطَان يُقَارِنهَا إِذَا طَلَعَتْ فَإِذَا اِرْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا اِسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا , فَحُرِّمَتْ الصَّلَاة فِي هَذِهِ الْأَوْقَات لِذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَى قَرْن الشَّيْطَان قُوَّته مِنْ قَوْلك أَنَا مُقْرِن لِهَذَا الْأَمْر أَيْ مُطِيق لَهُ قَوِيّ عَلَيْهِ قَالَ اللَّه تَعَالَى { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } أَيْ مُطِيقِينَ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَان إِنَّمَا يَقْوَى أَمْره فِي هَذِهِ الْأَوْقَات لِأَنَّهُ يُسَوِّل لِعَبَدَةِ الشَّمْس أَنْ يَسْجُدُوا لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَات الثَّلَاثَة. وَقِيلَ قَرْنه حِزْبه وَأَصْحَابه الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الشَّمْس يُقَال هَؤُلَاءِ قَرْن أَيْ شُيُوخًا جَاءُوا بَعْد قَرْن مَضَوْا. وَقِيلَ إِنَّ هَذَا تَمْثِيل وَتَشْبِيه , وَذَلِكَ أَنَّ تَأْخِير الصَّلَاة إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَسْوِيل الشَّيْطَان لَهُمْ وَتَسْوِيفه وَتَزْيِينه ذَلِكَ فِي قُلُوبهمْ , وَذَوَات الْقُرُون , إِنَّمَا تُعَالِج الْأَشْيَاء وَتَدْفَعهَا بِقُرُونِهَا فَكَأَنَّهُمْ لَمَّا دَفَعُوا الصَّلَاة وَأَخَّرُوهَا عَنْ أَوْقَاتهَا بِتَسْوِيلِ الشَّيْطَان لَهُمْ حَتَّى اِصْفَرَّتْ الشَّمْس صَارَ ذَلِكَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا تُعَالِجهُ ذَوَات الْقُرُون وَتُدَافِعهُ بِأَرْوَاقِهَا وَاَللَّه أَعْلَم. وَفِيهِ خَامِس قَالَهُ بَعْض أَهْل الْعِلْم. وَهُوَ أَنَّ الشَّيْطَان يُقَابِل الشَّمْس حِين طُلُوعهَا وَيَنْتَصِب دُونهَا حَتَّى يَكُون طُلُوعهَا بَيْن قَرْنَيْهِ وَهُمَا جَانِبَا رَأْسه فَيَنْقَلِب سُجُود الْكُفَّار عِبَادَة لَهُ. اِنْتَهَى كَلَام الْخَطَّابِيِّ. وَهَذَا الْوَجْه الْخَامِس رَجَّحَهُ شَيْخنَا الْعَلَامَة الدَّهْلَوِيُّ ( قَامَ ) : أَيْ إِلَى الصَّلَاة ( فَنَقَرَ أَرْبَعًا ) : أَيْ لَقَطَ أَرْبَع رَكَعَات , وَهَذَا عِبَارَة عَنْ سُرْعَة أَدَاء الصَّلَاة وَقِلَّة الْقُرْآن وَالذِّكْر فِيهَا. قَالَ الْقَارِي : فَنَقَرَ مِنْ نَقْر الطَّائِر الْحَبَّة نَقْرًا أَيْ اِلْتَقَطَهَا , وَتَخْصِيص الْأَرْبَع بِالنَّقْرِ وَفِي الْعَصْر ثَمَانِي سَجَدَات اِعْتِبَارًا بِالرَّكَعَاتِ , وَإِنَّمَا خُصَّ الْعَصْر بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى , وَقِيلَ إِنَّمَا خَصَّهَا لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْت تَعَب النَّاس مِنْ مُقَاسَاة أَعْمَالهمْ. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ.



