المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (340)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (340)]
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو دَاوُد أَبُو الْحَسَنِ هُوَ مُهَاجِرٌ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ الظُّهْرَ فَقَالَ أَبْرِدْ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ أَبْرِدْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ
( أَبُو الْحَسَن هُوَ مُهَاجِر ) : مُهَاجِر : اِسْم وَلَيْسَ بِوَصْفٍ ( فَقَالَ : أَبْرِدْ ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى الْإِبْرَاد فِي هَذَا الْحَدِيث , اِنْكِسَار شِدَّة الظَّهِيرَة. اِنْتَهَى. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : فَإِنْ قِيلَ الْإِبْرَاد لِلصَّلَاةِ , فَكَيْف أَمَرَ الْمُؤَذِّن بِهِ لِلْأَذَانِ , فَالْجَوَاب أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْأَذَان هَلْ هُوَ لِلْوَقْتِ أَوْ لِلصَّلَاةِ , وَفِيهِ خِلَاف مَشْهُور , وَالْأَمْر الْمَذْكُور يُقَوِّي الْقَوْل بِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ. وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ عَادَتهمْ جَرَتْ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَخَلَّفُونَ عِنْد سَمَاع الْأَذَان عَنْ الْحُضُور إِلَى الْجَمَاعَة , فَالْإِبْرَاد بِالْأَذَانِ لِغَرَضِ الْإِبْرَاد بِالْعِبَادَةِ ( أَوْ ثَلَاثًا ) : هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي ( حَتَّى رَأَيْنَا فَيْء التُّلُول ) : قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : هَذِهِ الْغَايَة مُتَعَلِّقَة بِقَوْلِهِ. فَقَالَ : أَبْرِدْ , أَيْ كَانَ يَقُول لَهُ فِي الزَّمَان الَّذِي قَبْل الرُّؤْيَة أَبْرِدْ أَوْ مُتَعَلِّقَة بِأَبْرِدْ , أَيْ قَالَ لَهُ أَبْرِدْ إِلَى أَنْ تَرَى أَوْ مُتَعَلِّقَة أَيْ قَالَ لَهُ أَبْرِدْ فَأَبْرَدَ إِلَى أَنْ رَأَيْنَا , وَالْفَيْء بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء بَعْدهَا هَمْزَة هُوَ مَا بَعْد الزَّوَال مِنْ الظِّلّ. وَالتُّلُول جَمْع تَلّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد اللَّام , كُلّ مَا اِجْتَمَعَ عَلَى الْأَرْض مِنْ تُرَاب أَوْ رَمْل أَوْ نَحْو ذَلِكَ , وَهِيَ فِي الْغَالِب مُنْبَطِحَة غَيْر شَاخِصَة , فَلَا يَظْهَر لَهَا ظِلّ إِلَّا إِذَا ذَهَبَ أَكْثَر وَقْت الظُّهْر. وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي غَايَة الْإِبْرَاد , فَقِيلَ حَتَّى يَصِير الظِّلّ ذِرَاعًا بَعْد ظِلّ الزَّوَال , وَقِيلَ رُبْع قَامَة , وَقِيلَ ثُلُثهَا , وَقِيلَ نِصْفهَا , وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ , وَنَزَّلَهَا الْمَازِرِيُّ عَلَى اِخْتِلَاف الْأَوْقَات , وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِد أَنَّهُ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال , لَكِنْ يُشْتَرَط أَنْ لَا يَمْتَدّ إِلَى آخِر الْوَقْت ( ثُمَّ قَالَ إِنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ فَيْح جَهَنَّم ) : هُوَ بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء وَفِي آخِره حَاء مُهْمَلَة. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَيْح جَهَنَّم مَعْنَاهُ سُطُوع حَرّهَا وَانْتِشَاره , وَأَصْله فِي كَلَامهمْ السَّعَة وَالِانْتِشَار , وَمِنْهُ قَوْلهمْ فِي الْغَارَة فِيحِي فَيَاحِ , وَمَكَان أَفَيْح أَيْ وَاسِع , وَأَرْض فَيْحَاء أَيْ وَاسِعَة. وَمَعْنَى الْحَدِيث يَحْمِل عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدهمَا أَنَّ شِدَّة حَرّ الصَّيْف مِنْ وَهَج حَرّ جَهَنَّم فِي الْحَقِيقَة , وَرُوِيَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَذِنَ لِجَهَنَّم فِي نَفَسَيْنِ , نَفَس فِي الصَّيْف وَنَفَس فِي الشِّتَاء فَهُوَ مِنْهَا. وَالْوَجْه الثَّانِي أَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَج التَّشْبِيه وَالتَّقْرِيب , أَيْ كَأَنَّهُ نَار جَهَنَّم أَيْ كَأَنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ نَار جَهَنَّم فَاحْذَرُوهَا وَاجْتَنِبُوا ضَرَرهَا وَاَللَّه أَعْلَم. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ.



