المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (337)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (337)]
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَيَرْجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَنَسِيتُ الْمَغْرِبَ وَكَانَ لَا يُبَالِي تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ قَالَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ قَالَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَمَا يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا مِنْ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ
( أَبِي بَرْزَة ) : بِالْفَتْحِ وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَة بَعْدهَا زَاي مُعْجَمَة ( إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَة ) : أَيْ آخِر الْمَدِينَة وَأَبْعَدهَا ( وَنَسِيت الْمَغْرِب ) : قَائِل ذَلِكَ هُوَ سَيَّار أَبُو الْمِنْهَال بَيَّنَهُ أَحْمَد فِي رِوَايَته عَنْ حَجَّاج عَنْ شُعْبَة عِنْد كَذَا فِي الْفَتْح ( وَكَانَ لَا يُبَالِي تَأْخِيرَ الْعِشَاء ) : بَلْ يَسْتَحِبّهُ كَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ وَكَانَ يَسْتَحِبّ أَنْ يُؤَخِّر الْعِشَاء ( وَكَانَ يَكْرَه النَّوْم قَبْلهَا ) : لِخَوْفِ الْفَوْت. قَالَ الْحَافِظ قَالَ التِّرْمِذِيّ كَرِهَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم النَّوْم قَبْل الْعِشَاء , وَرَخَّصَ بَعْضهمْ فِيهِ فِي رَمَضَان خَاصَّة. اِنْتَهَى. وَمَنْ نُقِلَتْ عَنْهُ الرُّخْصَة قُيِّدَتْ عَنْهُ فِي أَكْثَر الرِّوَايَات بِمَا إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظهُ أَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَته أَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِق وَقْت الِاخْتِيَار بِالنَّوْمِ , وَهَذَا جَيِّد حَيْثُ قُلْنَا إِنَّ عِلَّة النَّهْي خَشْيَة خُرُوج الْوَقْت. وَحَمَلَ الطَّحَاوِيُّ الرُّخْصَةَ عَلَى مَا قَبْل دُخُول وَقْت الْعِشَاء وَالْكَرَاهَة عَلَى مَا بَعْد دُخُوله. اِنْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيّ : إِذَا غَلَبَهُ النَّوْم لَمْ يُكْرَه لَهُ إِذَا لَمْ يَخَفْ فَوَات الْوَقْت ( وَالْحَدِيث بَعْدهَا ) : أَيْ التَّحَدُّث بِكَلَامِ الدُّنْيَا لِيَكُونَ خَتْم عَمَله عَلَى عِبَادَة وَآخِره ذِكْر اللَّه فَإِنَّ النَّوْم أَخُو الْمَوْت , أَمَّا الْحَدِيث فَقَدْ كَرِهَهُ جَمَاعَة مِنْهُمْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب. قَالَ : لَأَنْ أَنَام عَنْ الْعِشَاء أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ اللَّغْو بَعْدهَا وَرَخَّصَ بَعْضهمْ التَّحَدُّث فِي الْعِلْم وَفِيمَا لَا بُدّ مِنْهُ مِنْ الْحَوَائِج وَمَعَ الْأَهْل وَالضَّيْف. كَذَا فِي الْمِرْقَاة. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : إِنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَة مَخْصُوصَة بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَمْر مَطْلُوب , وَقِيلَ الْحِكْمَة فِيهِ لِئَلَّا يَكُون سَبَبًا فِي تَرْك قِيَام اللَّيْل أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي الْحَدِيث ثُمَّ يَسْتَغْرِق فِي النَّوْم فَيَخْرُج وَقْت الصُّبْح ( وَيَعْرِف أَحَدنَا جَلِيسه ) : وَلَفْظ مُسْلِم : "" وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْح فَيَنْصَرِف الرَّجُل فَيَنْظُر إِلَى وَجْه جَلِيسه الَّذِي يَعْرِفُ فَيَعْرِفهُ "" وَلَفْظ الْبُخَارِيّ : "" وَكَانَ يَنْفَتِل عَنْ صَلَاة الْغَدَاة حِين يَعْرِف الرَّجُل جَلِيسه "" ( فِيهَا ) : أَيْ فِي صَلَاة الصُّبْح ( السِّتِّينَ ) : آيَة أَيْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ بِهَذَا الْقَدْر مِنْ الْآيَات وَرُبَّمَا يَزِيد ( إِلَى الْمِائَة ) : يَعْنِي مِنْ الْآي , وَقَدْرهَا فِي رِوَايَة لِلطَّبَرَانِيِّ بِسُورَةِ الْحَاقَّة وَنَحْوهَا. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ , وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ طَرَفًا مِنْهُ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى التَّعْجِيل بِصَلَاةِ الصُّبْح , لِأَنَّ اِبْتِدَاء مَعْرِفَة الْإِنْسَان وَجْه جَلِيسه يَكُون فِي أَوَاخِر الْغَلَس وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْد فَرَاغ الصَّلَاة , وَمِنْ الْمَعْلُوم مِنْ عَادَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْتِيل الْقِرَاءَة وَتَعْدِيل الْأَرْكَان , فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُل فِيهَا مُغَلِّسًا. وَادَّعَى الزَّيْن بْن الْمُنِير أَنَّهُ مُخَالِف لِحَدِيثِ عَائِشَة الْآتِي حَيْثُ قَالَتْ فِيهِ : "" لَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَس "" وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْفَرْق بَيْنهمَا ظَاهِر وَهُوَ أَنَّ حَدِيث أَبِي بَرْزَة مُتَعَلِّق بِمَعْرِفَةِ مَنْ هُوَ مُسْفِر جَالِس إِلَى جَنْب الْمُصَلِّي فَهُوَ مُمْكِن , وَحَدِيث عَائِشَة مُتَعَلِّق بِمَنْ هُوَ مُتَلَفِّف مَعَ أَنَّهُ عَلَى بُعْد فَهُوَ بَعِيد.


