موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (333)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (333)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏ابْنَ شِهَابٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ‏ ‏كَانَ قَاعِدًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ ‏ ‏عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ‏ ‏أَمَا إِنَّ ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ أَخْبَرَ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏اعْلَمْ مَا تَقُولُ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏عُرْوَةُ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ ‏ ‏يَقُولُ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏نَزَلَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ وَرَأَيْتُهُ ‏ ‏يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَأْتِي ‏ ‏ذَا الْحُلَيْفَةِ ‏ ‏قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً ‏ ‏بِغَلَسٍ ‏ ‏ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى ‏ ‏فَأَسْفَرَ ‏ ‏بِهَا ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ‏ ‏التَّغْلِيسَ ‏ ‏حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى أَنْ ‏ ‏يُسْفِرَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏رَوَى ‏ ‏هَذَا الْحَدِيثَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏مَعْمَرٌ ‏ ‏وَمَالِكٌ ‏ ‏وَابْنُ عُيَيْنَةَ ‏ ‏وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ‏ ‏وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ‏ ‏وَغَيْرُهُمْ ‏ ‏لَمْ يَذْكُرُوا الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ ‏ ‏وَكَذَلِكَ أَيْضًا ‏ ‏رَوَى ‏ ‏هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ‏ ‏وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ ‏ ‏نَحْوَ رِوَايَةِ ‏ ‏مَعْمَرٍ ‏ ‏وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ ‏ ‏حَبِيبًا ‏ ‏لَمْ يَذْكُرْ ‏ ‏بَشِيرًا ‏ ‏وَرَوَى ‏ ‏وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَابِرٍ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَقْتَ الْمَغْرِبِ قَالَ ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غَابَتْ الشَّمْسُ ‏ ‏يَعْنِي مِنْ الْغَدِ ‏ ‏وَقْتًا وَاحِدًا ‏ ‏وَكَذَلِكَ ‏ ‏رُوِيَ عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ثُمَّ صَلَّى ‏ ‏بِيَ الْمَغْرِبَ ‏ ‏يَعْنِي مِنْ الْغَدِ ‏ ‏وَقْتًا وَاحِدًا ‏ ‏وَكَذَلِكَ ‏ ‏رُوِيَ عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ‏ ‏مِنْ حَدِيثِ ‏ ‏حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَدِّهِ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏


‏ ‏( فَأَخَّرَ الْعَصْر شَيْئًا ) ‏ ‏: أَيْ تَأْخِير السَّيْر أَوْ لَعَلَّهُ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْته الْمُخْتَار لِيَكُونَ مَحَلّ الْإِنْكَار بِرِفْقٍ عَلَى طَرِيق الْإِخْبَار ‏ ‏( أَمَا ) ‏ ‏: بِالتَّخْفِيفِ حَرْف اِسْتِفْتَاح بِمَنْزِلَةِ أَلَا ‏ ‏( اِعْلَمْ ) ‏ ‏: بِصِيغَةِ الْأَمْر مِنْ الْعِلْم , وَقِيلَ مِنْ الْإِعْلَام , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَعْلَم بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّم , إِلَّا أَنَّ الْأَوَّل هُوَ الصَّحِيح ‏ ‏( مَا تَقُول ) ‏ ‏: قِيلَ : هَذَا الْقَوْل تَنْبِيه مِنْ عُمَر مِنْ عَبْد الْعَزِيز لِعُرْوَةَ عَلَى إِنْكَاره إِيَّاهُ , ثُمَّ تَصَدَّرَهُ بَأَمَا الَّتِي هِيَ مِنْ طَلَائِع الْقَسَم أَيْ تَأَمَّلْ مَا تَقُول وَعَلَامَ تَحْلِف وَتُنْكِر. كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ , وَكَأَنَّهُ اِسْتِبْعَاد لِقَوْلِ عُرْوَة : صَلَّى أَمَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّ الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ هُوَ النَّبِيّ , وَالْأَظْهَر أَنَّهُ اِسْتِبْعَاد لِإِخْبَارِ عُرْوَة بِنُزُولِ جِبْرِيل بِدُونِ الْإِسْنَاد , فَكَأَنَّهُ غَلُظَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَعَ عَظِيم جَلَالَته إِشَارَة إِلَى مَزِيد الِاحْتِيَاط فِي الرِّوَايَة لِئَلَّا يَقَع فِي مَحْذُور الْكَذِب عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدهُ ‏ ‏( فَقَالَ عُرْوَة سَمِعْت بَشِير ) ‏ ‏: هُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا مُعْجَمَة وَزْن فَعِيلَ وَهُوَ تَابِعِيّ جَلِيل ذُكِرَ فِي الصَّحَابَة لِكَوْنِهِ وُلِدَ فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَآهُ كَذَا فِي الْفَتْح ‏ ‏( اِبْن أَبِي مَسْعُود يَقُول سَمِعْت أَبَا مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ ) ‏ ‏: قَالَ الطِّيبِيُّ : مَعْنَى إِيرَاد عُرْوَة الْحَدِيث أَنِّي كَيْفَ لَا أَدْرِي مَا أَقُول وَأَنَا صَحِبْته وَسَمِعْت مِمَّنْ صَحِبَ وَسَمِعَ مِمَّنْ صَاحَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيث فَعَرَفْت كَيْفِيَّة الصَّلَاة وَأَوْقَاتهَا وَأَرْكَانهَا يُقَال : لَيْسَ فِي الْحَدِيث بَيَان أَوْقَات الصَّلَاة يُجَاب عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا عِنْد الْمُخَاطَب فَأَبْهَمَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة وَبَيَّنَهُ فِي رِوَايَة جَابِر وَابْن عَبَّاس. اِنْتَهَى. وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر الَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ عُمَر لَمْ يُنْكِر بَيَان الْأَوْقَات وَإِنَّمَا اِسْتَعْظَمَ إِمَامَة جِبْرِيل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اِنْتَهَى. وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْرِفَة الْأَوْقَات تَتَعَيَّن عَلَى كُلّ أَحَد , فَكَيْف تَخْفَى عَلَى مِثْله رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ. ‏ ‏( يَحْسُب بِأَصَابِعِهِ ) ‏ ‏: بِضَمِّ السِّين مَعَ الْبَاء التَّحْتَانِيَّة وَقِيلَ بِالنُّونِ. قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ بِالنُّونِ حَال مِنْ فَاعِل يَقُول أَيْ يَقُول هُوَ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْل وَنَحْنُ نَحْسِب بِعَقْدِ أَصَابِعه , وَهَذَا مِمَّا يَشْهَد بِإِتْقَانِهِ وَضَبْطه أَحْوَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ مَيْرك : لَكِنْ صَحَّ فِي أَصْل سَمَاعنَا مِنْ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالْمِشْكَاة يَحْسُب بِالتَّحْتَانِيَّةِ , وَالظَّاهِر أَنَّ فَاعِله النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يَقُول ذَلِكَ حَال كَوْنه يَحْسُب تِلْكَ الْمَرَّات بِعَقْدِ أَصَابِعه , قَالَ بَعْض شُرَّاح الْمِشْكَاة : وَهَذَا أَظْهَر لَوْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَة ‏ ‏( خَمْس صَلَوَات ) ‏ ‏: قَالَ وَلِيّ الدِّين هُوَ مَفْعُول صَلَّيْت أَوْ يَحْسُب ‏ ‏( وَالشَّمْس مُرْتَفِعَة ) ‏ ‏: أَيْ فِي أَوَّل وَقْت الْعَصْر ‏ ‏( فَيَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ ) ‏ ‏: هِيَ قَرْيَة بَيْنهَا وَبَيْن الْمَدِينَة سِتَّة أَمْيَال أَوْ سَبْعَة مِنْهَا مِيقَات أَهْل الْمَدِينَة وَهِيَ مِنْ مِيَاه بَنِي جُشَم ‏ ‏( حِين تَسْقُط الشَّمْس ) ‏ ‏: أَيْ تَغْرُب الشَّمْس ‏ ‏( وَصَلَّى الصُّبْح مَرَّة بِغَلَسٍ ) ‏ ‏: وَالْغَلَس بِفَتْحَتَيْنِ : بَقَايَا الظَّلَام. قَالَ اِبْن الْأَثِير : الْغَلَس : ظُلْمَة آخِر اللَّيْل إِذَا اِخْتَلَطَتْ بِضَوْءِ الصَّبَاح. اِنْتَهَى. ‏ ‏وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى اِسْتِحْبَاب التَّغْلِيس وَأَنَّهُ أَفْضَل مِنْ الْإِسْفَار وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا لَازَمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ , وَبِذَلِكَ اِحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ التَّغْلِيس. وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ وَأَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَنْ عُمَر وَعُثْمَان وَابْن الزُّبَيْر وَأَنَس وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَة إِلَى أَنَّ التَّغْلِيس أَفْضَل وَأَنَّ الْإِسْفَار غَيْر مَنْدُوب , وَحَكَى هَذَا الْقَوْل الْحَازِمِيُّ عَنْ بَقِيَّة الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن مَسْعُود وَأَبِي مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ وَأَهْل الْحِجَاز , وَاحْتَجُّوا بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب وَغَيْرهَا , وَلِتَصْرِيحِ أَبِي مَسْعُود فِي هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّهَا كَانَتْ صَلَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّغْلِيس حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْفَار. وَقَدْ حَقَّقَ شَيْخنَا الْعَلَّامَة السَّيِّد مُحَمَّد نَذِير حُسَيْن الْمُحَدِّث هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي كِتَابه مِعْيَار الْحَقّ : وَرَجَّحَ التَّغْلِيس عَلَى الْإِسْفَار وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ أَبُو حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَصْحَابه وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَن بْن حَيّ , وَأَكْثَر الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ عَلِيّ وَابْن مَسْعُود إِلَى أَنَّ الْإِسْفَار أَفْضَل. ‏ ‏( فَأَسْفَرَ بِهَا ) ‏ ‏: قَالَ فِي الْقَامُوس : سَفَرَ الصُّبْح يُسْفِر أَضَاءَ وَأَشْرَقَ ‏ ‏( وَلَمْ يَعُدْ ) ‏ ‏: بِضَمِّ الْعَيْن مِنْ عَادَ يَعُود ‏ ‏( إِلَى أَنْ يُسْفِر ) ‏ ‏: مِنْ الْإِسْفَار. وَلَفْظ الطَّحَاوِيِّ : فَأَسْفَرَ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْفَار حَتَّى قَبَضَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَهَكَذَا لَفْظ الدَّارَقُطْنِيِّ. وَفِي لَفْظ لَهُ : حَتَّى مَاتَ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا رُؤْيَته لِصَلَاةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الزِّيَادَة فِي قِصَّة الْإِسْفَار رُوَاتهَا عَنْ آخِرهمْ ثِقَات , وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة. اِنْتَهَى. ‏ ‏( رَوَى هَذَا الْحَدِيث ) ‏ ‏: أَيْ حَدِيث إِمَامَة جِبْرِيلَ مِنْ رِوَايَة أَبِي مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ ‏ ‏( عَنْ الزُّهْرِيّ مَعْمَر ) ‏ ‏: فَاعِل رَوَى وَكَذَا مَا بَعْده إِلَى اللَّيْث بْن سَعْد ‏ ‏( وَغَيْرهمْ ) ‏ ‏: أَيْ غَيْر مَعْمَر وَمَالِك وَسُفْيَان وَشُعَيْب وَاللَّيْث كَالْأَوْزَاعِيِّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق ‏ ‏( لَمْ يَذْكُرُوا ) ‏ ‏: هَؤُلَاءِ مِنْ رُوَاة الزُّهْرِيّ ‏ ‏( الْوَقْت الَّذِي صَلَّى فِيهِ ) ‏ ‏: رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ ) ‏ ‏: أَيْ لَمْ يُبَيِّنُوا هَؤُلَاءِ الْوَقْت كَمَا بَيَّنَ وَفَسَّرَ الْأَوْقَات أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ الزُّهْرِيّ ‏ ‏( وَكَذَلِكَ أَيْضًا ) ‏ ‏: أَيْ كَمَا رَوَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ مِنْ غَيْر بَيَان الْأَوْقَات ‏ ‏( نَحْو رِوَايَة مَعْمَر وَأَصْحَابه ) ‏ ‏: كَمَالِكٍ وَسُفْيَان وَاللَّيْث وَغَيْرهمْ ‏ ‏( إِلَّا أَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَذْكُر ) ‏ ‏: فِي رِوَايَته ‏ ‏( بَشِيرًا ) ‏ ‏: أَيْ بَشِير بْن أَبِي مَسْعُود , بَلْ فِيهِ أَنَّ عُرْوَة رَوَى عَنْ أَبِي مَسْعُود الْبَدْرِيّ مِنْ غَيْر وَاسِطَة اِبْنه بَشِير بْن أَبِي مَسْعُود. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قَدْ وُجِدَ مَا يُعَضِّد رِوَايَة أُسَامَة بْن زَيْد , وَيَزِيد عَلَيْهَا أَنَّ الْبَيَان مِنْ فِعْل جِبْرِيلَ , وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَاغَنْدِيُّ فِي مُسْنَد عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن الْكُبْرَى مِنْ طَرِيق يَحْيَى مِنْ سَعِيد الْأَنْصَارِيّ عَنْ أَبِي بَكْر بْن حَزْم أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُود فَذَكَرَهُ مُنْقَطِعًا , لَكِنْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي بَكْر عَنْ عُرْوَة , فَرَجَعَ الْحَدِيث إِلَى عُرْوَة , وَوَضَح أَنَّ لَهُ أَصْلًا , وَأَنَّ فِي رِوَايَة مَالِك وَمَنْ تَابَعَهُ اِخْتِصَارًا , وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْن عَبْد الْبَرّ , وَلَيْسَ فِي رِوَايَة مَالِك وَمَنْ تَابَعَهُ مَا يَنْفِي الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة فَلَا تُوصَف وَالْحَالَة هَذِهِ بِالشُّذُوذِ. اِنْتَهَى كَلَامه. قُلْت فِي رِوَايَة مَالِك وَمَنْ تَابَعَهُ اِخْتِصَار مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّن الْأَوْقَات , وَثَانِيهمَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر صَلَاة جَبْرَئِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمْس إِلَّا مَرَّة وَاحِدَة. وَقَدْ عُلِمَ مِنْ رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ وَابْن عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد مِنْ طَرِيق أَيُّوب بْن عُقْبَة عَنْ أَبِي بَكْر بْن حَزْم عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ أَنَّ جَبْرَئِيلَ صَلَّى بِهِ الْخَمْس مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ. وَقَدْ وَرَدَ مِنْ رِوَايَة الزُّهْرِيّ نَفْسه فَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي ذِئْب فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ اِبْن شِهَاب بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي مَسْعُود , وَفِيهِ أَنَّ جَبْرَئِيلَ نَزَلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى ثُمَّ صَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا أُمِرْت وَثَبَتَ أَيْضًا صَلَاته مَرَّتَيْنِ مَعَ تَفْسِير الْأَوْقَات الْخَمْس عَنْ اِبْن عَبَّاس عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ , وَأَنَس عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ , وَعَمْرو بْن حَزْم عِنْد عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه وَابْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده , وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه فِي التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ , وَأَبِي سَعِيد عِنْد أَحْمَد وَأَبِي هُرَيْرَة عِنْد الْبَزَّار , وَابْن عُمَر عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ , فَهَذِهِ الرِّوَايَات تُعَضِّد رِوَايَة أُسَامَة بْن زَيْد اللَّيْثِيِّ وَتَدْفَع عِلَّة الشُّذُوذ. وَأَمَّا مَالِك وَمَنْ تَابَعَهُ فَإِنْ أَجْمَلُوا وَأَبْهَمُوا فِي رِوَايَتهمْ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ بَشِير عَنْ أَبِي مَسْعُود الْبَدْرِيّ , وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْأَوْقَات وَلَمْ يُفَسِّرُوهَا , لَكِنْ أُسَامَة بْنَ زَيْد عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة رَوَى مُفَسِّرًا وَمُبَيِّنًا لِلْأَوْقَاتِ , وَكَذَا رَوَى مُفَسِّرًا أَبُو بَكْر بْن حَزْم عَنْ عُرْوَة , وَكَذَا رَوَى سَبْع مِنْ الصَّحَابَة الَّذِينَ سَمَّيْنَا أَسْمَاءَهُمْ آنِفًا حَدِيث إِمَامَة جَبْرَئِيلَ مُفَسِّرًا وَمُبَيِّنًا لِلْأَوْقَاتِ , وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏( وَرَوَى وَهْب بْن كَيْسَانَ إِلَى قَوْله عَمْرو بْن شُعَيْب إِلَخْ ) ‏ ‏: مَقْصُود الْمُؤَلِّف مِنْ إِيرَاد هَذِهِ التَّعَالِيق الثَّلَاثَة أَيْ رِوَايَة جَابِر وَأَبِي هُرَيْرَة وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ , بَيَان أَنَّهُ لَمْ يَرِد صَلَاة الْمَغْرِب فِي إِمَامَة جَبْرَئِيلَ إِلَّا فِي وَقْت وَاحِد , فِي أَحَادِيث هَؤُلَاءِ كَمَا فِي رِوَايَة أُسَامَة بْن زَيْد , وَكَمَا فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس الْمَذْكُور , وَالْأَمْر كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّف , فَإِنَّ فِي رِوَايَة هَؤُلَاءِ كُلّهمْ أَنَّ جَبْرَئِيلَ صَلَّى لِلْمَغْرِبِ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْت وَاحِد. قُلْت : لَكِنْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِب فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ حَدِيث بُرَيْدَةَ عِنْد مُسْلِم وَأَبِي مُوسَى عِنْد مُسْلِم أَيْضًا , وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ عِنْد مُسْلِم أَيْضًا. وَأَبِي هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَة : وَالْأَشْبَه أَنْ يَكُون قِصَّة الْمَسْأَلَة عَنْ الْمَوَاقِيت بِالْمَدِينَةِ , وَقِصَّة إِمَامَة جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام بِمَكَّة , وَالْوَقْت الْآخَر لِصَلَاةِ الْمَغْرِب زِيَادَة مِنْهُ وَرُخْصَة. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!