المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (329)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (329)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَتْنَا أُمُّ يُونُسَ بِنْتُ شَدَّادٍ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي حَمَاتِي أُمُّ جَحْدَرٍ الْعَامِرِيَّةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْنَا شِعَارُنَا وَقَدْ أَلْقَيْنَا فَوْقَهُ كِسَاءً فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْكِسَاءَ فَلَبِسَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لُمْعَةٌ مِنْ دَمٍ فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَلِيهَا فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ مَصْرُورَةً فِي يَدِ الْغُلَامِ فَقَالَ اغْسِلِي هَذِهِ وَأَجِفِّيهَا ثُمَّ أَرْسِلِي بِهَا إِلَيَّ فَدَعَوْتُ بِقَصْعَتِي فَغَسَلْتُهَا ثُمَّ أَجْفَفْتُهَا فَأَحَرْتُهَا إِلَيْهِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِصْفِ النَّهَارِ وَهِيَ عَلَيْهِ
( أُمّ يُونُس بِنْت شَدَّاد ) : مَا رَوَى عَنْهَا غَيْر عَبْد الْوَارِث. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان وَابْن حَجَر فِي التَّقْرِيب : لَا يُعْرَف حَالهَا ( حَمَاتِي ) : حَمَاة الْمَرْأَة وَزْن حَصَاة أُمّ زَوْجهَا لَا يَجُوز فِيهَا غَيْر الْقَصْر , وَكُلّ قَرِيب لِلزَّوْجِ مِثْل الْأَب وَالْأَخ وَالْعَمّ فَفِيهِ أَرْبَع لُغَات : حَمَا مِثْل عَصَا وَحَم مِثْل يَد وَحَمُوهَا مِثْل أَبُوهَا يُعْرَب بِالْحُرُوفِ , وَحَمَأ بِالْهَمْزَةِ مِثْل خَبَأَ , وَكُلّ قَرِيب مِنْ قِبَل الْمَرْأَة فَهُمْ الْأَخْتَان. قَالَ اِبْن فَارِس : الْحَمَأ أَبُو الزَّوْج وَأَبُو اِمْرَأَة الرَّجُل. وَقَالَ فِي الْمُحْكَم أَيْضًا : وَحَمَأ الرَّجُل أَبُو زَوْجَته أَوْ أَخُوهَا أَوْ عَمّهَا. فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَمَأ يَكُون مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالصِّهْرِ , وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْخَلِيل , كَذَا فِي الْمِصْبَاح ( أُمّ جَحْدَر ) : بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون الْحَاء ( الْعَامِرِيَّة ) : مَجْهُولَة لَا يُعْرَف حَالهَا. قَالَهُ الذَّهَبِيّ وَابْن حَجَر ( شِعَارنَا ) : بِكَسْرِ الشِّين وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد ( فَوْقه ) : أَيْ فَوْق الشِّعَار ( لُمْعَة ) : كَغُرْفَةٍ قَدْر يَسِير وَشَيْء قَلِيل ( فَقَبِضَ ) : مِنْ سَمِعَ ( عَلَى مَا يَلِيهَا ) : أَيْ اللُّمْعَة. قَالَ اِبْن الْأَثِير : وَهِيَ فِي الْأَصْل قِطْعَة مِنْ النَّبْت إِذَا أَخَذَتْ فِي الْيُبْس , وَمِنْهُ حَدِيث دَم الْحَيْض فَرَأَى بِهِ لُمْعَة مِنْ دَم ( فَبَعَثَ بِهَا ) : أَيْ بِالثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ اللُّمْعَة ( مَصْرُورَة ) : حَال أَيْ مَجْمُوعَة مُنْقَبِضَة أَطْرَافهَا وَأَصْل الصَّرّ الْجَمْع وَالشَّدّ , وَكُلّ شَيْء جَمَعْته فَقَدْ صَرَرْته وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَسِيرِ مَصْرُور لِأَنَّ يَدَيْهِ جُمِعَتَا إِلَى عُنُقه. كَذَا فِي اللِّسَان ( هَذِهِ ) : أَيْ اللُّمْعَة ( وَأَجَفِّيهَا ) : بِشِدَّةِ الْفَاء أَمْر لِلْمُؤَنَّثِ الْحَاضِر مِنْ الْإِجْفَافِ أَيْ أَجَفِّي اللُّمْعَة الْوَاقِعَة فِي الثَّوْب ( بِقَصْعَتِي ) : بِفَتْحِ الْقَاف بِالْفَارِسِيَّةِ كاسه ( أَجَفَفْتهَا ) : مِنْ الْإِجْفَافِ ( فَأَحَرْتهَا ) : بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالرَّاء عَلَى وَزْن رَدَدْتهَا وَزْنًا وَمَعْنًى. كَذَا قَالَ فِي مِرْقَاة الصُّعُود. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ رَدَدْتهَا إِلَيْهِ , يُقَال : حَارَ الشَّيْء يَحُور بِمَعْنَى رَجَعَ. قَالَ اللَّه تَعَالَى { إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلَى } أَيْ لَا يُبْعَث وَلَا يَرْجِع إِلَيْنَا فِي يَوْم الْقِيَامَة لِلْحِسَابِ ( وَهِيَ ) : أَيْ الْكِسَاء الَّذِي كَانَتْ فِيهِ اللُّمْعَة , وَفِي بَعْض النُّسَخ وَهُوَ ( عَلَيْهِ ) : صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَدِيث تَفَرَّدَ بِهِ الْمُؤَلِّف وَهُوَ ضَعِيف وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هُوَ غَرِيب. اِنْتَهَى وَالْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَادَ الصَّلَاة الَّتِي صَلَّى فِي ذَلِكَ الثَّوْب , فَكَيْفَ يَتِمّ اِسْتِدْلَال الْمُؤَلِّف مِنْ الْحَدِيث , نَعَمْ الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى تَجَنُّب الْمُصَلِّي مِنْ الثَّوْب الْمُتَنَجِّس وَعَلَى الْعَفْو عَمَّا لَا يَعْلَم بِالنَّجَاسَةِ , وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّف فِي كِتَاب الصَّلَاة قَالَ "" بَيْنَمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَاره , فَلَمَّا رَأَى الْقَوْم ذَلِكَ أَلْقَوْا نِعَالهمْ , فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاته قَالَ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالكُمْ ؟ قَالُوا : رَأَيْنَاك أَلْقَيْت نَعْلَيْك فَأَلْقَيْنَا نِعَالنَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" إِنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا "" الْحَدِيث. فَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل صَرِيح عَلَى اِجْتِنَاب النَّجَاسَة فِي الصَّلَاة وَالْعَفْو عَمَّا لَا يُعْلَم بِالنَّجَاسَةِ , وَهَذَا هُوَ الْحَقّ الصَّوَاب , وَاَللَّه أَعْلَم.



