المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (324)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (324)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَابْنُ عَبْدَةَ فِي آخَرِينَ وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ عَبْدَةَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَصَلَّى قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ قَالَ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ صَلَّى أَعْرَابِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فِيهِ وَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ فَأَلْقُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِهِ مَاءً قَالَ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مُرْسَلٌ ابْنُ مَعْقِلٍ لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فِي آخَرِينَ ) : أَيْ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيث غَيْر وَاحِد مِنْ شُيُوخنَا وَكَانَ أَحْمَد بْن عَمْرو وَأَحْمَد بْن عَبْدَةَ مِنْهُمْ ( أَنَّ أَعْرَابِيًّا ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَة مَنْسُوب إِلَى الْأَعْرَاب وَهُمْ سُكَّان الْبَوَادِي , وَوَقَعَتْ النِّسْبَة إِلَى الْجَمْع دُون الْوَاحِد فَقِيلَ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْقَبِيلَة كَأَنَّمَا رَأَوْا لِأَنَّهُ لَوْ نُسِبَ إِلَى الْوَاحِد وَهُوَ عَرَب لَقِيلَ عَرَبِيّ فَيَشْتَبِه الْمَعْنَى لِأَنَّ الْعَرَبِيّ كُلّ مَنْ هُوَ مِنْ وَلَد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام سَوَاء كَانَ سَاكِنًا بِالْبَادِيَةِ أَوْ بِالْقُرَى وَهَذَا غَيْر الْمَعْنَى الْأَوَّل. قَالَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين ( لَقَدْ تَحَجَّرْت وَاسِعًا ) : بِصِيغَةِ الْخِطَاب مِنْ بَاب تَفَعَّلَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَصْل الْحَجْر الْمَنْع , وَمِنْهُ الْحَجْر عَلَى السَّفِيه وَهُوَ مَنْعه مِنْ التَّصَرُّف فِي مَاله وَقَبْض يَده عَنْهُ , يَقُول لَهُ : لَقَدْ ضَيَّقْت مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى مَا وَسَّعَهُ , وَمَنَعْت مِنْهَا مَا أَبَاحَهُ. اِنْتَهَى. وَقَالَ فِي النِّهَايَة : أَيْ ضَيَّقْت مَا وَسَّعَهُ اللَّه وَخَصَصْت بِهِ نَفْسك دُون غَيْرك. اِنْتَهَى. ( فَأَسْرَعَ النَّاس إِلَيْهِ ) : فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : فَزَجَرَهُ النَّاس , وَلِمُسْلِمٍ : فَقَالَ الصَّحَابَة : مَهْ مَهْ , وَلَهُ فِي رِوَايَة أُخْرَى فَصَاحَ النَّاس بِهِ ( فَنَهَاهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : عَنْ زَجْرهمْ ( إِنَّمَا بُعِثْتُمْ ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول ( مُيَسِّرِينَ ) . حَال أَيْ مُسَهِّلِينَ عَلَى النَّاس ( وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ) : عَطْف عَلَى السَّابِق عَلَى طَرِيق الطَّرْد وَالْعَكْس مُبَالَغَة فِي الْيُسْر قَالَهُ الطِّيبِيُّ. أَيْ فَعَلَيْكُمْ بِالتَّيْسِيرِ أَيّهَا الْأُمَّة ( صُبُّوا ) : الصَّبّ : السَّكْب ( عَلَيْهِ ) : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارَيَّ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْله ( سَجْلًا مِنْ مَاء ) : بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم قَالَ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيُّ : هُوَ الدَّلْو مَلْأَى , وَلَا يُقَال لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فَارِغَة. وَقَالَ اِبْن دُرَيْدٍ : السَّجْل : الدَّلْو وَاسِعَة وَفِي الصِّحَاح : الدَّلْو الضَّخِيمَة ( أَوْ قَالَ ذَنُوبًا ) : بِفَتْحِ الذَّال الْمُعْجَمَة. قَالَ الْخَلِيل : الدَّلْو مَلْأَى مَاء وَقَالَ اِبْن فَارِس : الدَّلْو الْعَظِيمَة. وَقَالَ اِبْن السِّكِّيت : فِيهَا قَرِيب مِنْ الْمَلَاء , وَلَا يُقَال لَهَا وَهِيَ فَارِغَة ذَنُوب , فَعَلَى التَّرَادُف أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي وَإِلَّا فَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ ; وَالْأَوَّل أَظْهَر , فَإِنَّ رِوَايَة أَنَس لَمْ يُخْتَلَف فِي أَنَّهَا ذَنُوب. قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح. قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَاء إِذَا وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَة عَلَى سَبِيل الْمُكَاثَرَة وَالْغَلَبَة طَهَّرَهَا وَأَنَّ غُسَالَة النَّجَاسَات طَاهِر مَا لَمْ يَبِنْ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا لَوْن وَلَا رِيح , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَاء طَاهِرًا لَكَانَ الْمَصْبُوب مِنْهُ عَلَى الْبَوْل أَكْثَر تَنْجِيسًا لِلْمَسْجِدِ مِنْ الْبَوْل نَفْسه , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَته. اِنْتَهَى كَلَامه. وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَطْهِير الْأَرْض النَّجِسَة بِالْمُكَاثَرَةِ بِالْمَاءِ , وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يُكْتَفَى بِإِفَاضَةِ الْمَاء , وَلَا يُشْتَرَط نَقْل التُّرَاب مِنْ الْمَكَان بَعْد ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ. وَوَجْه الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيث الْأَمْر بِنَقْلِ التُّرَاب , وَظَاهِر ذَلِكَ الِاكْتِفَاء بِصَبِّ الْمَاء فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَأَمَرَ بِهِ وَلَوْ أَمَرَ بِهِ لَذُكِرَ , وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيث آخَر الْأَمْر بِنَقْلِ التُّرَاب وَلَكِنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهِ. وَأَيْضًا لَوْ كَانَ نَقْل التُّرَاب وَاجِبًا فِي التَّطْهِير لَاكْتَفَى بِهِ فَإِنَّ الْأَمْر بِصَبِّ الْمَاء حِينَئِذٍ يَكُون زِيَادَة تَكْلِيف وَتَعَب مِنْ غَيْر مَنْفَعَة تَعُود إِلَى الْمَقْصُود وَهُوَ تَطْهِير الْأَرْض. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ , وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه اِبْن عَتَبَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مِنْ حَدِيث أَنَس بْن مَالِك بِنَحْوِهِ. اِنْتَهَى. ( عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَعْقِل ) : بِفَتْحِ الْمِيم وَسُكُون الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَكَسْر الْقَاف ( بْن مُقَرِّن ) : بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح الْقَاف وَكَسْر الرَّاء الْمُشَدَّدَة ( بِهَذِهِ الْقِصَّة ) : أَيْ قِصَّة بَوْل الْأَعْرَابِيّ ( قَالَ فِيهِ ) : أَيْ قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَعْقِل فِي هَذَا الْحَدِيث ( خُذُوا مَا بَال عَلَيْهِ مِنْ التُّرَاب ) : بَيْن مَا الْمَوْصُولَة ( فَأَلْقُوهُ ) : أَيْ اِحْفِرِوا ذَلِكَ الْمَكَان وَانْقُلُوا التُّرَاب وَأَلْقُوهُ فِي مَوْضِع آخَر ( وَأَهْرِيقُوا ) : أَصْله أَرِيقُوا مِنْ الْإِرَاقَة فَالْهَاء زَائِدَة , وَيُرْوَى هَرِيقُوا فَتَكُون الْهَاء بَدَلًا مِنْ الْهَمْزَة ( اِبْن مَعْقِل لَمْ يُدْرِك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : لِأَنَّهُ تَابِعِيّ.


