المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (283)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (283)]
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ الْمِصْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَشْفَقْتُ إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَالِ وَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا قَالَ أَبُو دَاوُد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ مِصْرِيٌّ مَوْلَى خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ وَلَيْسَ هُوَ ابْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ قَالَ فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّيَمُّمَ قَالَ أَبُو دَاوُد وَرَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ فِيهِ فَتَيَمَّمَ
( قَالَ اِحْتَلَمْت ) : قَالَ السُّيُوطِيُّ : يُرَدّ بِهَذَا عَلَى مَنْ يَقُول مِنْ الصُّوفِيَّة : إِذَا اِحْتَلَمَ الْمُرِيد أَدَّبَهُ الشَّيْخ , فَلَا أَحَد أَتْقَى وَأَصْلَح وَلَا أَوْرَع مِنْ الصَّحَابَة , وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا لِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا , وَمَا عُصِمَ مِنْ الِاحْتِلَام إِلَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام ( فِي غَزْوَة ذَات السَّلَاسِل ) : فِي مَرَاصِد الِاطِّلَاع : السَّلَاسِل جَمْع سِلْسِلَة : مَاء بِأَرْضِ جُذَام سُمِّيَتْ بِهِ غَزْوَة ذَات السَّلَاسِل. قَالَ الْعَيْنِيّ : وَهِيَ وَرَاء وَادِي الْقُرَى بَيْنهَا وَبَيْن الْمَدِينَة عَشْرَة أَيَّام , وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَة فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَة ( فَأَخْبَرْته بِاَلَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَال ) : وَهُوَ شِدَّة الْبَرْد ( فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ) : فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز التَّيَمُّم عِنْد شِدَّة الْبَرْد مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّل : التَّبَسُّم وَالِاسْتِبْشَار , وَالثَّانِي : عَدَم الْإِنْكَار , لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقِرّ عَلَى بَاطِل , وَالتَّبَسُّم وَالِاسْتِبْشَار أَقْوَى دَلَالَة مِنْ السُّكُوت عَلَى الْجَوَاز. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام جَعَلَ عَدَم إِمْكَان اِسْتِعْمَال الْمَاء كَعَدَمِ عَيْن الْمَاء وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَخَاف الْعَطَش وَمَعَهُ مَاء , فَأَبْقَاهُ لِيَشْرَبهُ وَلِيَتَيَمَّم بِهِ خَوْف التَّلَف. قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْح السُّنَن : لَا يَتَيَمَّم لِشِدَّةِ الْبَرْد مَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسَخِّن الْمَاء أَوْ يَسْتَعْمِلهُ عَلَى دَجِّهِ يَأْمَن الضَّرَر مِثْل أَنْ يَغْسِل عُضْوًا وَيَسْتُرهُ وَكُلَّمَا غَسَلَ عُضْوًا سَتَرَهُ وَدَفَّأَهُ مِنْ الْبَرْد لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِر يَتَيَمَّم وَصَلَّى فِي قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء. وَقَالَ الْحَسَن وَعَطَاء يَغْتَسِل وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَجْعَلَا لَهُ عُذْرًا وَمُقْتَضَى قَوْل اِبْن مَسْعُود لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ لَأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمْ. أَنْ يَتَيَمَّمُوا أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّم لِشِدَّةِ الْبَرْد. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : حَسَن. ( كَانَ عَلَى سَرِيَّة ) : هِيَ قِطْعَة مِنْ الْجَيْش فَعِيلَة بِمَعْنَى فَاعِلَة وَالْجَمْع سَرَايَا وَسَرِيَّات مِثْل عَطِيَّة وَعَطَايَا وَعَطِيَّات ( فَغَسَلَ مَغَابِنه ) : الْوَاحِد مَغْبِن مِثْل مَسْجِد وَمَغَابِن الْبَدَن الْأَرْفَاغ وَالْآبَاط.


