المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (276)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (276)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّيَمُّمِ فَأَمَرَنِي ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ
( فَأَمَرَنِي ضَرْبَة وَاحِدَة لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ) : فِيهِ دَلِيل صَرِيح عَلَى الِاقْتِصَار فِي التَّيَمُّم عَلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ بِضَرْبَةِ وَاحِدَة , وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْكَفَّيْنِ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ , وَهَذَا الْقَوْل قَوِيّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيل. قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : فِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَة لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ , وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ : أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ ضَرْبَتَيْنِ , ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَضَرْبَة لِلْيَدَيْنِ , وَقَدْ وَرَدَ فِي الضَّرْبَتَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُقَاوِم هَذَا الْحَدِيث فِي الصِّحَّة وَلَا يُعَارَض مِثْله بِمِثْلِهِ اِنْتَهَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : ذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم إِلَى أَنَّ التَّيَمُّم ضَرْبَة وَاحِدَة لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ , وَهُوَ قَوْل عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَمَكْحُول وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق وَعَامَّة أَصْحَاب الْحَدِيث وَهَذَا الْمَذْهَب أَصَحّ فِي الرِّوَايَة اِنْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظ بْن حَجَر فِي فَتْح الْبَارِي تَحْت قَوْل الْإِمَام الْبُخَارِيّ : بَاب التَّيَمُّم لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ , أَيْ هُوَ الْوَاجِب الْمُجْزِئ , وَأَتَى بِذَلِكَ بِصِيغَةِ الْجَزْم مَعَ شُهْرَة الْخِلَاف فِيهِ لِقُوَّةِ دَلِيله , فَإِنَّ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي صِفَة التَّيَمُّم لَمْ يَصِحّ مِنْهَا سِوَى حَدِيث أَبِي جُهَيْم وَعَمَّار وَمَا عَدَاهُمَا فَضَعِيف أَوْ مُخْتَلَف فِي رَفْعه وَوَقْفه , وَالرَّاجِح عَدَم رَفْعه , فَأَمَّا حَدِيث جُهَيْم فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ مُجْمَلًا , وَأَمَّا حَدِيث عَمَّار فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْكَفَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ , وَبِذِكْرِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّنَن , وَفِي رِوَايَة إِلَى نِصْف الذِّرَاع , وَفِي رِوَايَة إِلَى الْآبَاط , فَأَمَّا رِوَايَة الْمِرْفَقَيْنِ , وَكَذَا نِصْف الذِّرَاع فَفِيهِمَا مَقَال , وَأَمَّا رِوَايَة الْآبَاط فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَغَيْره : مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْره مِرَارًا , وَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ فِي الِاقْتِصَار عَلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ , كَوْن عَمَّار كَانَ يُفْتِي بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَرَاوِي الْحَدِيث أَعْرَف بِالْمُرَادِ بِهِ مِنْ غَيْره , وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابِيّ الْمُجْتَهِد.



