المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (204)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (204)]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا قَالَ يَغْتَسِلُ وَعَنْ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ وَلَا يَجِدُ الْبَلَلَ قَالَ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ الْمَرْأَةُ تَرَى ذَلِكَ أَعَلَيْهَا غُسْلٌ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ
( يَجِد الْبَلَل ) : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ الرُّطُوبَة ( وَلَا يَذْكُر اِحْتِلَامًا ) : الِاحْتِلَام : اِفْتِعَال مِنْ الْحُلْم بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَسُكُون اللَّام وَهُوَ مَا يَرَاهُ النَّائِم فِي نَوْمه يُقَال مِنْهُ حَلَمَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَلَمَ وَالْمُرَاد بِهِ هَاهُنَا أَمْر خَاصّ وَهُوَ الْجِمَاع أَيْ لَا يَذْكُر أَنَّهُ جَامَعَ فِي النَّوْم ( يَغْتَسِل ) : خَبَر بِمَعْنَى الْأَمْر وَهُوَ لِلْوُجُوبِ ( يَرَى ) بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ يَعْتَقِد وَبِضَمِّ الْيَاء أَيْ يَظُنّ ( قَالَ لَا غُسْل عَلَيْهِ ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن : ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث يُوجِب الِاغْتِسَال إِذَا رَأَى بِلَّة وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّن أَنَّهَا الْمَاء الدَّافِق , وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْل عَنْ جَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاء وَالشَّعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ. وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : أَعْجَب إِلَيَّ أَنْ يَغْتَسِل , وَقَالَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم : لَا يَجِب عَلَيْهِ الِاغْتِسَال حَتَّى يَعْلَم أَنَّهَا الْمَاء الدَّافِق , وَاسْتَحَبُّوا أَلَّا يَغْتَسِل مِنْ طَرِيق الِاحْتِيَاط , وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرَ الْمَاء وَإِنْ كَانَ رَأَى فِي النَّوْم أَنَّهُ قَدْ اِحْتَلَمَ فَإِنَّهُ لَا يَجِب عَلَيْهِ الِاغْتِسَال. اِنْتَهَى كَلَامه. قُلْت : مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجَمَاعَة الْأُولَى مِنْ أَنَّ مُجَرَّد رُؤْيَة الْبِلَّة فِي الْمَنَام مُوجِب لِلِاغْتِسَالِ هُوَ أَوْفَق بِحَدِيثِ الْبَاب , وَبِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ : إِذَا رَأَتْ الْمَاء. وَبِحَدِيثِ خَوْلَة بِنْت حَكِيم بِلَفْظِ : لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْل حَتَّى تُنْزِل. فَهَذِهِ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى اِعْتِبَار مُجَرَّد وُجُود الْمَنِيّ سَوَاء اِنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ الدَّفْق وَالشَّهْوَة أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْحَقّ وَاَللَّه أَعْلَم ( فَقَالَتْ أُمّ سُلَيْمٍ ) : هِيَ أُمّ أَنَس خَادِم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِشْتَهَرَتْ بِكُنْيَتِهَا , وَاخْتُلِفَ فِي اِسْمهَا ( أَعْلَيْهَا غُسْل ) : بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَام وَعَلَيْهَا خَبَر مُقَدَّم وَغُسْل مُبْتَدَأ مُؤَخَّر ( إِنَّمَا النِّسَاء شَقَائِق الرِّجَال ) : هَذِهِ الْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيل. قَالَ اِبْن الْأَثِير : أَيْ نَظَائِرهمْ وَأَمْثَالهمْ كَأَنَّهُنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ آدَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , وَشَقِيق الرَّجُل أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ , لِأَنَّ شِقّ نَسَبه مِنْ نَسَبه , يَعْنِي فَيَجِب الْغُسْل عَلَى الْمَرْأَة بِرُؤْيَةِ الْبَلَل بَعْد النَّوْم كَالرَّجُلِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ مِنْ الْفِقْه إِثْبَات الْقِيَاس وَإِلْحَاق حُكْم النَّظِير بِالنَّظِيرِ , فَإِنَّ الْخِطَاب إِذَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْمُذَكَّر كَانَ خِطَابًا لِلنِّسَاءِ إِلَّا مَوَاضِع الْخُصُوص الَّتِي قَامَتْ أَدِلَّة التَّخْصِيص فِيهَا. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ , وَأَشَارَ التِّرْمِذِيّ إِلَى أَنَّ رَاوِيه وَهُوَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن حَفْص الْعُمَرِيّ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْن سَعِيد مِنْ قِبَل حِفْظه فِي الْحَدِيث.



