موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (201)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (201)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْأَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَتْنِي ‏ ‏جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ ‏ ‏قَالَتْ سَمِعْتُ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏تَقُولُ ‏ ‏جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَوُجُوهُ ‏ ‏بُيُوتِ أَصْحَابِهِ ‏ ‏شَارِعَةٌ ‏ ‏فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ‏ ‏وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَلَمْ يَصْنَعْ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ تَنْزِلَ فِيهِمْ رُخْصَةٌ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْدُ فَقَالَ وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنْ الْمَسْجِدِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا ‏ ‏جُنُبٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏هُوَ ‏ ‏فُلَيْتٌ الْعَامِرِيُّ ‏


‏ ‏( حَدَّثَتْنِي جَسْرَة ) ‏ ‏: بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْمَلَة ‏ ‏( بِنْت دِجَاجَة ) ‏ ‏: قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد فِي الْإِمَام : رَأَيْت فِي كِتَاب الْوَهْم وَالْإِيهَام لِابْنِ الْقَطَّان وَالْمُقَرّ عَلَيْهِ دِجَاجَة بِكَسْرِ الدَّال وَعَلَيْهَا صَحَّ وَكَتَبَ النَّاسِخ فِي الْحَاشِيَة بِكَسْرِ الدَّال اِنْتَهَى. وَقَالَ مُغَلْطَاي هِيَ بِكَسْرِ الدَّال لَا غَيْر قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله ‏ ‏( وَوُجُوه بُيُوت أَصْحَابه ) ‏ ‏: صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَوَجْه الْبَيْت الْحَدّ الَّذِي فِيهِ الْبَاب , وَلِذَا قِيلَ لِحَدِّ الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْبَاب وَجْه الْكَعْبَة أَيْ كَانَتْ أَبْوَاب بُيُوت أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( شَارِعَة فِي الْمَسْجِد ) ‏ ‏: قَالَ الْجَوْهَرِيّ أَشْرَعْت بَابًا إِلَى الطَّرِيق أَيْ فَتَحْت , وَفِي الْمِصْبَاح شَرَعَ الْبَاب إِلَى الطَّرِيق شُرُوعًا اِتَّصَلَ بِهِ وَشَرَعْته أَنَا يُسْتَعْمَل لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ أَيْضًا فَيُقَال أَشْرَعْته إِذَا فَتَحْته وَأَوْصَلْته , وَطَرِيق شَارِع يَسْلُكهُ النَّاس عَامَّة. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَتْ أَبْوَاب بَعْض الْبُيُوت حَوْل مَسْجِده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفْتُوحَة يَدْخُلُونَ مِنْهَا فِي الْمَسْجِد وَيَمُرُّونَ فِيهِ فَأُمِرُوا أَنْ يَصْرِفُوهَا إِلَى جَانِب آخَر مِنْ الْمَسْجِد ‏ ‏( فَقَالَ ) ‏ ‏: رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوت عَنْ الْمَسْجِد ) ‏ ‏: أَيْ اِصْرِفُوا أَبْوَاب الْبُيُوت إِلَى جَانِب آخَر مِنْ الْمَسْجِد. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُقَال وَجَّهْت الرَّجُل إِلَى نَاحِيَة كَذَا. إِذَا جَعَلْت وَجْهه إِلَيْهَا , وَوَجَّهْته عَنْهَا إِذَا صَرَفْته عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا ‏ ‏( ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏: فِي الْمَسْجِد أَوْ فِي بُيُوتهمْ ‏ ‏( وَلَمْ يَصْنَع الْقَوْم شَيْئًا ) ‏ ‏: مِنْ تَحْوِيل أَبْوَاب بُيُوتهمْ إِلَى جَانِب آخَر ‏ ‏( رَجَاء أَنْ يَنْزِل فِيهِمْ ) ‏ ‏: وَفِي بَعْض النُّسَخ رَجَاءَهُ أَنْ تَنْزِل لَهُمْ ‏ ‏( رُخْصَة ) ‏ ‏: مِنْ اللَّه تَعَالَى عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ ‏ ‏( فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْد ) ‏ ‏: أَيْ بَعْد ذَلِكَ ‏ ‏( فَإِنِّي لَا أُحِلّ الْمَسْجِد لِحَائِضٍ وَلَا جُنُب ) ‏ ‏: وَالْحَدِيث اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى حُرْمَة دُخُول الْمَسْجِد لِلْجُنُبِ وَالْحَائِض , لَكِنَّهُ مُؤَوَّل عَلَى الْمُكْث طَوِيلًا كَانَ أَوْ قَصِيرًا. وَأَمَّا عُبُورهمَا وَمُرُورهمَا مِنْ غَيْر مُكْث فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ إِلَّا إِذَا خَافَتْ التَّلَوُّث. وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } : رَوَى الْحَافِظ اِبْن كَثِير فِي تَفْسِيره عَنْ اِبْن أَبِي حَاتِم بِسَنَدِهِ إِلَى اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل }. قَالَ لَا تَدْخُلُوا الْمَسْجِد وَأَنْتُمْ جُنُب إِلَّا عَابِرِي سَبِيل قَالَ تَمُرّ بِهِ مَرًّا وَلَا تَجْلِس. ثُمَّ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَنَس وَأَبِي عُبَيْدَة وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالضَّحَّاك وَعَطَاء وَمُجَاهِد وَمَسْرُوق وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ وَزَيْد بْن أَسْلَم وَأَبِي مَالِك وَعَمْرو بْن دِينَار وَالْحَكَم بْن عُتْبَة وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَيَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ وَابْن شِهَاب وَقَتَادَةَ نَحْو ذَلِكَ. قُلْت : وَالْعُبُور إِنَّمَا يَكُون فِي مَحَلّ الصَّلَاة وَهُوَ الْمَسْجِد لَا فِي الصَّلَاة. ‏ ‏وَتَقْيِيد جَوَاز ذَلِكَ فِي السَّفَر لَا دَلِيل عَلَيْهِ بَلْ الظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد مُطْلَق الْمَارّ لِأَنَّ الْمُسَافِر ذُكِرَ بَعْد ذَلِكَ فَيَكُون تَكْرَارًا يُصَان الْقُرْآن عَنْ مِثْله. قَالَ اِبْن كَثِير : وَمِنْ الْآيَة الْمَذْكُورَة اِحْتَجَّ كَثِير مِنْ الْأَئِمَّة عَلَى أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى الْجُنُب الْمُكْث فِي الْمَسْجِد وَيَجُوز لَهُ الْمُرُور , وَكَذَا الْحَائِض وَالنُّفَسَاء فِي مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّ بَعْضهمْ قَالَ يَمْنَع مُرُورهمَا التَّلْوِيث لِاحْتِمَالٍ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ أَمِنَتْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا التَّلْوِيث فِي حَال الْمُرُور جَازَ لَهُمَا الْمُرُور وَإِلَّا فَلَا. قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْحه قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" فَإِنِّي لَا أُحِلّ الْمَسْجِد لِحَائِضٍ وَلَا جُنُب "" : اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم اللُّبْث فِي الْمَسْجِد وَالْعُبُور فِيهِ سَوَاء كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا قَائِمًا أَوْ جَالِسًا أَوْ مُتَرَدِّدًا عَلَى أَيّ حَال مُتَوَضِّئًا كَانَ أَوْ غَيْره لِإِطْلَاقِ هَذَا الْحَدِيث , وَيَجُوز عِنْد الشَّافِعِيّ وَمَالِك الْعُبُور فِي الْمَسْجِد مِنْ غَيْر لُبْث سَوَاء كَانَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا , وَحَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ لَا يَجُوز الْعُبُور إِلَّا أَنْ لَا يَجِد بُدًّا مِنْهُ فَيَتَوَضَّأ ثُمَّ يَمُرّ , وَإِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء يَتَيَمَّم. وَمَذْهَب أَحْمَد يُبَاح الْعُبُور فِي الْمَسْجِد لِلْحَاجَةِ مِنْ أَخْذ شَيْء أَوْ تَرْكه أَوْ كَوْن الطَّرِيق فِيهِ وَأَمَّا غَيْر ذَلِكَ فَلَا يَجُوز بِحَالٍ اِنْتَهَى كَلَامه : قُلْت : الْقَوْل الْمُحَقَّق فِي هَذَا الْبَاب هُوَ جَوَاز الْعُبُور وَالْمُرُور كَمَا تَدُلّ عَلَيْهِ الْآيَّة الْمَذْكُورَة وَحَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوِلِينِي الْخُمْرَة مِنْ الْمَسْجِد فَقُلْت إِنِّي حَائِض فَقَالَ إِنَّ حَيْضَتك لَيْسَتْ فِي يَدك "" أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَة إِلَّا الْبُخَارِيّ , وَحَدِيث مَيْمُونَة قَالَتْ "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُل عَلَى إِحْدَانَا وَهِيَ حَائِض فَيَضَع رَأْسه فِي حِجْرهَا فَيَقْرَأ الْقُرْآن وَهِيَ حَائِض ثُمَّ تَقُوم إِحْدَانَا بِخُمْرَةٍ فَتَضَعهَا فِي الْمَسْجِد وَهِيَ حَائِض "" أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ. وَأَمَّا الْمُكْث وَالْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لِلْجُنُبِ فَلَا يَجُوز أَيْضًا عِنْد مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة. وَذَهَبَ الْإِمَام أَحْمَد وَإِسْحَاق إِلَى أَنَّهُ مَتَى تَوَضَّأَ الْجُنُب جَازَ لَهُ الْمُكْث فِي الْمَسْجِد لِمَا رَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور فِي سُنَنه عَنْ عَطَاء بْن يَسَار قَالَ "" رَأَيْت رِجَالًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِد وَهُمْ مُجْنِبُونَ إِذَا تَوَضَّئُوا وُضُوء الصَّلَاة "" قَالَ اِبْن كَثِير هَذَا إِسْنَاد صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِم. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَفِيهِ زِيَادَة , وَذَكَرَ بَعْده حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَاب إِلَّا بَاب أَبِي بَكْر "" ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَصَحّ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَضَعَّفُوا هَذَا الْحَدِيث وَقَالُوا أَفْلَت رَاوِيه مَجْهُول لَا يَصِحّ الِاحْتِجَاج بِحَدِيثِهِ , وَفِيمَا حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ مَجْهُول نَظَر فَإِنَّهُ أَفْلَت بْن خَلِيفَة وَيُقَال فُلَيْت بْن خَلِيفَة الْعَامِرِيّ وَيُقَال الذُّهْلِيُّ وَكُنْيَته أَبُو حَسَّان حَدِيثه فِي الْكُوفِيِّينَ , رَوَى عَنْهُ سُفْيَان بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ وَعَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ فَقَالَ شَيْخ : وَحَكَى الْبُخَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ جَسْرَة بِنْت دِجَاجَة. قَالَ الْبُخَارِيّ وَعِنْد جَسْرَة عَجَائِب , اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ. ‏ ‏( قَالَ أَبُو دَاوُدَ هُوَ ) ‏ ‏: أَيْ أَفْلَت يُقَال بِهِ ‏ ‏( فُلَيْت الْعَامِرِيّ ) ‏ ‏: أَيْضًا. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!