المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (199)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (199)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي جُنُبٌ فَقَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ
( لَقِيَهُ ) : أَيْ حُذَيْفَة , زَادَ مُسْلِم وَهُوَ جُنُب ( فَأَهْوَى ) : قَالَ فِي الْمِصْبَاح : أَهْوَى إِلَى الشَّيْء بِيَدِهِ : مَدّهَا لِيَأْخُذهَا إِذَا كَانَ عَنْ قُرْب , وَإِنْ كَانَ عَنْ بُعْد قِيلَ هَوَى إِلَيْهِ بِغَيْرِ أَلِف. اِنْتَهَى ( إِلَيْهِ ) : أَيْ مَدّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده إِلَى حُذَيْفَة ( فَقَالَ ) : حُذَيْفَة ( إِنِّي جُنُب ) : وَلَفْظ النَّسَائِيِّ : "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُل مِنْ أَصْحَابه مَازَحَهُ وَدَعَا لَهُ , قَالَ : فَرَأَيْته يَوْمًا بُكْرَة فَحِدْت عَنْهُ ثُمَّ أَتَيْته حِين اِرْتَفَعَ النَّهَار فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُك فَحِدْت عَنِّي ؟ فَقُلْت : إِنِّي كُنْت جُنُبًا فَخَشِيت أَنْ تَمَسّنِي ( فَقَالَ ) : رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمُسْلِم لَيْسَ بِنَجَسٍ ) : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ عَرَق الْجُنُب طَاهِر لِأَنَّ الْمُسْلِم لَا يَنْجُس وَإِذَا كَانَ لَا يَنْجُس فَعَرَقه لَا يَنْجُس. وَهَذَا الْحَدِيث أَصْل عَظِيم فِي طَهَارَة الْمُسْلِم حَيًّا وَمَيِّتًا , فَأَمَأ الْحَيّ فَطَاهِر بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى الْجَنِين وَكَذَلِكَ الصِّبْيَان أَبْدَانهمْ وَثِيَابهمْ مَحْمُولَة عَلَى الطَّهَارَة حَتَّى تُتَيَقَّن النَّجَاسَة فَيَجُوز الصَّلَاة فِي ثِيَابهمْ وَالْأَكْل مَعَهُمْ مِنْ الْمَائِع إِذَا غَمَسُوا أَيْدِيهمْ فِيهِ , وَدَلَائِل هَذَا كُلّه مِنْ السُّنَّة وَالْإِجْمَاع مَشْهُورَة. وَأَمَّا الْمَيِّت فَفِيهِ خِلَاف لِلْعُلَمَاءِ , وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَنْ اِبْن عَبَّاس تَعْلِيقًا. "" الْمُسْلِم لَا يَنْجُس حَيًّا وَلَا مَيِّتًا "" اِنْتَهَى. وَتَمَسَّكَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيث بَعْض أَهْل الظَّاهِر فَقَالَ : إِنَّ الْكَافِر نَجَس الْعَيْن وَقَوَّاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس } وَأَجَابَ الْجُمْهُور عَنْ الْحَدِيث بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الْمُؤْمِن طَاهِر الْأَعْضَاء لِاعْتِيَادِهِ مُجَانَبَة النَّجَاسَة بِخِلَافِ الْمُشْرِك لِعَدَمِ تَحَفُّظه عَنْ النَّجَاسَة. وَعَنْ الْآيَة بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُمْ نَجَس فِي الِاعْتِقَاد وَالِاسْتِقْذَار. وَحُجَّتهمْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَبَاحَ نِكَاح نِسَاء أَهْل الْكِتَاب , وَمَعْلُوم أَنَّ عَرَقهنَّ لَا يَسْلَم مِنْهُ مَنْ يُضَاجِعهُنَّ , وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِب عَلَيْهِ مِنْ غُسْل الْكِتَابِيَّة إِلَّا مِثْل مَا يَجِب عَلَيْهِ مِنْ غُسْل الْمُسْلِمَة. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْآدَمِيّ الْحَيّ لَيْسَ بِنَجَسِ الْعَيْن , إِذْ لَا فَرْق بَيْن النِّسَاء وَالرِّجَال. كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.



