المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (191)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (191)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ
( أَنَّهُ تُصِيبهُ الْجَنَابَة ) : الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي تُصِيبهُ لِابْنِ عُمَر كَمَا تَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق اِبْن عَوْن عَنْ نَافِع قَالَ : أَصَابَ اِبْن عُمَر جَنَابَة فَأَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَأَتَى عُمَر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِيَتَوَضَّأ وَلْيَرْقُد ( مِنْ اللَّيْل ) : أَيْ فِي اللَّيْل كَقَوْلِهِ تَعَالَى { مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ } أَيْ فِيهِ , وَيَحْتَمِل أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَة فِي الزَّمَان. أَيْ اِبْتِدَاء إِصَابَة الْجَنَابَة اللَّيْل ( تَوَضَّأ ) : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِبْن عُمَر كَانَ حَاضِرًا فَوَجَّهَ الْخِطَاب إِلَيْهِ , وَيَحْتَمِل أَنَّ الْخِطَاب لِعُمَر فِي غَيْبَة اِبْنه جَوَابًا لِاسْتِفْتَائِهِ وَلَكِنْ يَرْجِع إِلَى اِبْنه لِأَنَّ اِسْتِفْتَاء عُمَر إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اِبْنه. ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيّ ( وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ) : أَيْ اِجْمَعْ بَيْنهمَا , فَإِنَّ الْوَاو لَا تُفِيد التَّرْتِيب , وَفِي رِوَايَة أَبِي نُوح عَنْ مَالِك "" اِغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ ثُمَّ نَمْ "" وَلِذَا قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ هَذَا مِنْ التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير , أَرَادَ اِغْسِلْ ذَكَرك وَتَوَضَّأْ. وَكَذَا رُوِيَ مِنْ غَيْر طَرِيق بِتَقْدِيمِ غَسْله عَلَى الْوُضُوء. قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر وَهُوَ يَرُدّ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِره فَقَالَ : يَجُوز تَقْدِيم الْوُضُوء عَلَى غَسْل الذَّكَر لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوُضُوءٍ يَرْفَع الْحَدَث وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّعَبُّدِ , إِذْ الْجَنَابَة أَشَدّ مِنْ مَسّ الذَّكَر. وَتَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَة أَبِي نُوح أَنَّ غَسْله مُقَدَّم عَلَى الْوُضُوء , وَيُمْكِن أَنْ يُؤَخِّرهُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمَسّهُ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ مَسّه يَنْقُض ( ثُمَّ نَمْ ) : قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : جَاءَ الْحَدِيث بِصِيغَةِ الْأَمْر وَجَاءَ بِصِيغَةِ الشَّرْط. أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق جُوَيْرِيَةَ بْن أَسْمَاء عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ "" اِسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيَنَامُ أَحَدنَا وَهُوَ جُنُب ؟ قَالَ : "" نَعَمْ يَنَام إِذَا تَوَضَّأَ "" , وَهُوَ مُتَمَسَّك لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ. وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : ذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ , وَذَهَبَ أَهْل الظَّاهِر إِلَى إِيجَابه وَفِيهِ شُذُوذ. وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ لَا يَجُوز لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَام قَبْل أَنْ يَتَوَضَّأ. وَاسْتَنْكَرَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا النَّقْل وَقَالَ لَمْ يَقُلْ الشَّافِعِيّ بِوُجُوبِهِ وَلَا يَعْرِف ذَلِكَ أَصْحَابه وَهُوَ كَمَا قَالَ. كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي. وَقَالَ الزُّرْقَانِيّ : وَلَا يُعْرَف عَنْهُمَا وُجُوبه وَقَدْ نَصَّ مَالِك فِي الْمَجْمُوعَة عَلَى أَنَّ هَذَا الْوُضُوء لَيْسَ بِوَاجِبٍ. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ.



