المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (180)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (180)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْ الِاغْتِسَالِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ قَالَ يَكْفِيكَ بِأَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ
( كُنْت أَلْقَى مِنْ الْمَذْي شِدَّة وَكُنْت أُكْثِر مِنْهُ الِاغْتِسَال ) : مِنْ الْإِكْثَار وَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ أُكْثِر الْغُسْل لِأَجْلِ خُرُوج الْمَذْي ( إِنَّمَا يُجْزِئك ) : مِنْ الْإِجْزَاء أَيْ يَكْفِيك ( مِنْ ذَلِكَ ) : أَيْ مِنْ خُرُوج الْمَذْي ( فَكَيْف بِمَا يُصِيب ثَوْبِي مِنْهُ ) : أَيْ فَكَيْف أَصْنَع بِالْمَذْيِ الَّذِي يُصِيب ثَوْبِي , وَقَوْله مِنْهُ بَيَان لِمَا ( فَتَنْضَح بِهَا ) : أَيْ بِالْكَفِّ مِنْ الْمَاء , وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ : فَتَنْضَح بِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِير , وَفِي رِوَايَة الْأَثْرَم : يُجْزِئُك أَنْ تَأْخُذ حَفْنَة مِنْ مَاء فَتَرُشّ عَلَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيّ : النَّضْح قَدْ يَكُون غَسْلًا. وَقَدْ يَكُون رَشًّا. اِنْتَهَى. وَلَا شَكّ أَنَّ اِسْتِعْمَال هَذَا اللَّفْظ جَاءَ فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ لَكِنْ الرَّشّ هَاهُنَا مُتَعَيَّن لِرِوَايَةِ الْأَثْرَم ( مِنْ ثَوْبك ) : مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ بَعْض ثَوْبك , وَلَفْظ التِّرْمِذِيّ : فَتَنْضَح بِهِ ثَوْبك بِإِسْقَاطِ مِنْ ( حَيْثُ تُرَى ) : بِضَمِّ التَّاء بِمَعْنَى تَظُنّ وَبِفَتْحِ التَّاء بِمَعْنَى تُبْصِر ( أَنَّهُ ) : أَيْ الْمَذْي ( أَصَابَهُ ) : أَيْ الثَّوْب : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح , وَلَا يُعْرَف مِثْل هَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وَاعْلَمْ أَنَّ أَهْل الْعِلْم اِخْتَلَفُوا فِي الْمَذْي يُصِيب الثَّوْب فَقَالَ بَعْضهمْ : لَا يُجْزِئ إِلَّا الْغَسْل وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق , وَقَالَ بَعْضهمْ : يُجْزِئهُ النَّضْح. وَقَالَ أَحْمَد : أَرْجُو أَنْ يُجْزِئهُ النَّضْح بِالْمَاءِ قَالَهُ التِّرْمِذِيّ. وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْل : اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْمَذْي إِذَا أَصَابَ الثَّوْب , فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَغَيْرهمَا لَا يَجْزِيه إِلَّا الْغَسْل أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْغَسْل. وَفِيهِ مَا سَلَف عَلَى أَنَّ رِوَايَة الْغَسْل إِنَّمَا هِيَ فِي الْفَرْج لَا فِي الثَّوْب الَّذِي هُوَ مَحَلّ النِّزَاع فَإِنَّهُ لَمْ يُعَارِض رِوَايَة النَّضْح الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب مُعَارِض , فَالِاكْتِفَاء بِهِ صَحِيح مُجْزٍ. وَانْتَهَى. قُلْت : مَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ هُوَ الْحَقّ وَلَا رَيْب فِي أَنَّ الْمَذْي نَجَس يُغْسَل الذَّكَر مِنْهُ وَيُنْضَح بِالْمَاءِ مَا مَسَّهُ مِنْ الثَّوْب وَأَنَّ الرَّشّ مُجْزِئ كَالْغَسْلِ.



