موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (175)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (175)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ ‏ ‏فِي ‏ ‏آخَرِينَ ‏ ‏قَالُوا حَدَّثَنَا ‏ ‏بَقِيَّةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وِكَاءُ ‏ ‏السَّهِ ‏ ‏الْعَيْنَانِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ ‏


‏ ‏( حَدَّثَنَا حَيْوَة ) ‏ ‏: عَلَى وَزْن رَحْمَة ‏ ‏( عَنْ الْوَضِين ) ‏ ‏: عَلَى وَزْن كَرِيم ‏ ‏( وِكَاء السَّهِ الْعَيْنَانِ ) ‏ ‏: بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَكَسْر الْهَاء الْمُخَفَّفَة قَالَ الْخَطَّابِيُّ : السَّهِ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الدُّبُر , وَالْوِكَاء الَّذِي تُشَدّ بِهِ الْقِرْبَة وَنَحْوهَا مِنْ الْأَوْعِيَة , وَفِي بَعْض الْكَلَام الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى الْأَمْثَال : اِحْفَظْ مَا فِي الْوِعَاء بِشَدِّ الْوِكَاء , وَالْمَعْنَى الْيَقَظَة وِكَاء الدُّبُر , أَيْ حَافِظَة مَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوج لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُسْتَيْقِظًا أَحَسَّ بِمَا يَخْرُج مِنْهُ قَالَ اِبْن الْأَثِير : وَمَعْنَاهُ مَنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا كَانَ اِسْته كَالْمَسْدُودَةِ الْمُوكَى عَلَيْهَا , فَإِذَا نَامَ اِنْحَلَّ وِكَاؤُهَا , كَنَّى بِهِ عَنْ الْحَدَث بِخُرُوجِ الرِّيح , وَقَالَ الطِّيبِيُّ : إِذَا تَيَقَّظَ أَمْسَكَ مَا فِي بَطْنه , فَإِذَا نَامَ زَالَ اِخْتِيَاره وَاسْتَرْخَتْ مَفَاصِله. اِنْتَهَى. وَكَنَّى بِالْعَيْنِ عَنْ الْيَقِظ , لِأَنَّ النَّائِم لَا عَيْن لَهُ تُبْصِر. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَاده بَقِيَّة بْن الْوَلِيد وَالْوَضِين بْن عَطَاء وَفِيهِمَا مَقَال. اِنْتَهَى. وَقَالَ الْجُوزَجَانِيّ : الْوَضِين وَاهٍ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيث. ‏ ‏قُلْت : وَثَّقَهُمَا بَعْضهمْ , سَأَلَ أَبُو زُرْعَة عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم عَنْ الْوَضِين بْنِ عَطَاء فَقَالَ ثِقَة , وَوَثَّقَهُ اِبْن مَعِين وَأَحْمَد , وَقَالَ اِبْن عَدِيّ : لَمْ أَرَ بِحَدِيثِهِ بَأْسًا , وَبَقِيَّة صَدُوق كَثِير التَّدْلِيس. ‏ ‏وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي النَّوْم هَلْ تَنْقُض الطَّهَارَة أَمْ لَا عَلَى تِسْعَة مَذَاهِب : ‏ ‏الْمَذْهَب الْأَوَّل : أَنَّ النَّوْم لَا يَنْقُض الْوُضُوء أَصْلًا عَلَى أَيّ حَال كَانَ , وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ أَنَس قَالَ "" كَانَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاء الْآخِرَة حَتَّى تَخْفِق رُءُوسهمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ "" تَقْرِير الِاسْتِدْلَال أَنَّ النَّوْم لَوْ كَانَ نَاقِضًا لَمَا أَقَرَّهُمْ اللَّه عَلَيْهِ وَلَأَوْحَى إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَوْحَى إِلَيْهِ فِي شَأْن نَجَاسَة نَعْله. ‏ ‏الْمَذْهَب الثَّانِي : أَنَّ النَّوْم يَنْقُض بِكُلِّ حَال قَلِيله وَكَثِيره , وَعَلَى أَيّ هَيْئَة كَانَتْ , وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ صَفْوَان بْن عَسَّال قَالَ "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِع خِفَافنَا ثَلَاثَة أَيَّام وَلَيَالِيهنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَة , لَكِنْ مِنْ غَائِط وَبَوْل وَنَوْم "" وَفِي رِوَايَة قَالَ "" أَمَرَنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَمْسَح عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهْر , ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا , وَيَوْمًا وَلَيْلَة إِذَا أَقَمْنَا , وَلَا نَخْلَعهُمَا مِنْ غَائِط وَلَا بَوْل وَلَا نَوْم وَلَا نَخْلَعهُمَا إِلَّا مِنْ جَنَابَة "" فَذَكَرَ الْأَحْدَاث الَّتِي يُنْزَع مِنْهَا الْخُفّ وَالْأَحْدَاث الَّتِي لَا يُنْزَع مِنْهَا وَعَدَّ مِنْ جُمْلَتهَا النَّوْم فَأَشْعَرَ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ مِنْ نَوَاقِض الْوُضُوء لَا سِيَّمَا بَعْد جَعْله مُقْتَرِنًا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِط الَّذَيْنِ هُمَا نَاقِضَانِ بِالْإِجْمَاعِ. قَالُوا : فَجَعَلَ مُطْلَق النَّوْم كَالْغَائِطِ وَالْبَوْل فِي النَّقْض. وَبِحَدِيثِ عَلِيّ وَفِيهِ "" فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ , وَلَمْ يُفَرِّق بَيْن قَلِيل النَّوْم وَكَثِيره. ‏ ‏الْمَذْهَب الثَّالِث : أَنَّ كَثِير النَّوْم يَنْقُض بِكُلِّ حَال وَقَلِيله لَا يَنْقُض بِحَالٍ. قَالَ فِي السُّبُل : وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ النَّوْم لَيْسَ بِنَاقِضٍ بِنَفْسِهِ بَلْ مَظِنَّة النَّقْض , وَالْكَثِير مَظِنَّة بِخِلَافِ الْقَلِيل , إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا قَدْر الْقَلِيل وَلَا الْكَثِير حَتَّى يُعْلَم كَلَامهمْ بِحَقِيقَتِهِ. اِنْتَهَى مُلَخَّصًا. ‏ ‏الْمَذْهَب الرَّابِع : أَنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى هَيْئَة مِنْ هَيْئَات الْمُصَلِّينَ كَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِد وَالْقَائِم وَالْقَاعِد لَا يُنْقَض وُضُوءُهُ , سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ اِنْتَقَضَ , وَهَذَا مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة وَدَاوُد وَهُوَ قَوْل لِلشَّافِعِيِّ غَرِيب قَالَهُ النَّوَوِيّ. ‏ ‏وَاسْتِدْلَالهمْ بِمَا أَخْرَجَهُ مَالِك عَنْ عُمَر مَوْقُوفًا "" إِذَا نَامَ أَحَدكُمْ مُضْطَجِعًا فَلْيَتَوَضَّأْ "" وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَوْقُوفًا : "" لَيْسَ عَلَى الْمُحْتَبِي النَّائِم , وَلَا عَلَى الْقَائِم النَّائِم , وَلَا عَلَى السَّاجِد النَّائِم وُضُوء حَتَّى يَضْطَجِع "" وَلِهَؤُلَاءِ آثَار وَأَحَادِيث أُخَر تَدُلّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ. ‏ ‏الْمَذْهَب الْخَامِس : أَنَّهُ لَا يَنْقُض إِلَّا نَوْم الرَّاكِع وَالسَّاجِد , رُوِيَ هَذَا عَنْ اِبْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه. قَالَهُ النَّوَوِيّ , وَلَعَلَّ وَجْهه أَنَّ هَيْئَة الرُّكُوع وَالسُّجُود مَظِنَّة لِلِانْتِقَاضِ. ‏ ‏الْمَذْهَب السَّادِس : أَنَّ النَّوْم يَنْقُض إِلَّا نَوْم الرَّاكِع وَالسَّاجِد , وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِحَدِيثِ : "" إِذَا نَامَ الْعَبْد وَهُوَ سَاجِد يَقُول اللَّه : اُنْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رُوحه عِنْدِي وَهُوَ سَاجِد لِي "" أَخْرَجَهُ أَحْمَد فِي الزُّهْد. قَالُوا هَذَا الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِالسُّجُودِ فَقَدْ قَاسَ عَلَيْهِ الرُّكُوع. ‏ ‏الْمَذْهَب السَّابِع : أَنَّهُ لَا يَنْقُض إِلَّا نَوْم السَّاجِد , وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَد. ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ , وَلَعَلَّ وَجْهه أَنَّ مَظِنَّة الِانْتِقَاض فِي السُّجُود أَشَدّ مِنْهَا فِي الرُّكُوع. ‏ ‏الْمَذْهَب الثَّامِن : أَنَّهُ لَا يَنْقُض النَّوْم فِي الصَّلَاة بِكُلِّ حَال , وَيَنْقُض خَارِج الصَّلَاة , وَهُوَ قَوْل ضَعِيف لِلشَّافِعِيِّ وَنَسَبَهُ فِي النَّيْل إِلَى أَبِي حَنِيفَة , وَاسْتُدِلَّ لَهُمَا بِحَدِيثِ : "" إِذَا نَامَ الْعَبْد فِي سُجُوده "" , وَلَعَلَّ سَائِر هَيْئَات الْمُصَلِّي مَقِيسَة عَلَى السُّجُود. ‏ ‏الْمَذْهَب التَّاسِع : أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض لَمْ يَنْتَقِض وَإِلَّا اِنْتَقَضَ سَوَاء قَلَّ أَوْ كَثُرَ , وَسَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا , وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه , وَالنَّوْم عِنْده لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسه وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيل خُرُوج الرِّيح , فَإِذَا نَامَ غَيْر مُمَكِّن لِلْمَقْعَدَةِ غَلَبَ عَلَى الظَّنّ خُرُوج الرِّيح , فَجَعَلَ الشَّرْع هَذَا الْغَالِب كَالْمُحَقَّقِ , وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُمَكِّنًا فَلَا يَغْلِب عَلَى الظَّنّ الْخُرُوج , وَالْأَصْل بَقَاء الطَّهَارَة. قَالَ النَّوَوِيّ : وَدَلِيل هَذَا الْمَذْهَب حَدِيث عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَهَذَا أَقْرَب الْمَذَاهِب عِنْدِي , وَبِهِ يُجْمَع بَيْن الْأَدِلَّة. وَقَالَ الْأَمِير الْيَمَانِيّ فِي سُبُل السَّلَام : وَالْأَقْرَب الْقَوْل بِأَنَّ النَّوْم الْمُسْتَغْرَق الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ إِدْرَاك نَاقِض. وَاَلَّذِي فَهِمْت أَنَا بَعْد إِمْعَان النَّظَر فِي كُلّ مِنْ الرِّوَايَات أَنَّ النَّوْم الْمُسْتَغْرَق الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ إِدْرَاك بِنَقْضِ الْوُضُوء لِلْمُضْطَجِعِ وَالْمُسْتَلْقِي , وَأَمَّا النَّائِم الْمُسْتَغْرِق فِي هَيْئَة مِنْ هَيْئَات الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ لَا يُنْقَض وُضُوءُهُ سَوَاء كَانَ دَاخِل الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا وَكَذَا لَا يَنْقُض الْوُضُوء نَوْم الْمُضْطَجِع إِنْ كَانَ النَّوْم غَيْر مُسْتَغْرَق وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!