المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (150)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (150)]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَا يَنْفَتِلْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا
( عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعَبَّاد بْن تَمِيم ) : قَالَ الْحَافِظ قَوْله وَعَنْ عَبَّاد هُوَ مَعْطُوف عَلَى قَوْله عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , ثُمَّ إِنَّ شَيْخ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِيهِ اِحْتِمَالَانِ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَمّ عَبَّاد كَأَنَّهُ قَالَ كِلَاهُمَا عَنْ عَمّه أَيْ عَمّ الثَّانِي وَهُوَ عَبَّاد. وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَحْذُوفًا وَيَكُون مِنْ مَرَاسِيل اِبْن الْمُسَيِّب , وَعَلَى الْأَوَّل جَرَى صَاحِب الْأَطْرَاف , وَيُؤَيِّد الثَّانِي رِوَايَة مَعْمَر لِهَذَا الْحَدِيث عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَرُوَاته ثِقَات , لَكِنْ سُئِلَ أَحْمَد عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ مُنْكَر ( شُكِيَ ) : عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ هَكَذَا فِي أَكْثَر النُّسَخ وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسْلِم , وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فَقَالَ شُكِيَ بِضَمِّ الشِّين وَكَسْر الْكَاف , وَالرَّجُل مَرْفُوع وَلَا يُتَوَهَّم أَنَّهُ شَكَا مَفْتُوحَة الشِّين وَالْكَاف وَيُجْعَل الشَّاكِي هُوَ عَمّه الْمَذْكُور فَإِنَّ هَذَا الْوَهْم غَلَط , وَجَاءَ فِي بَعْض نُسَخ الْكِتَاب شَكَا بِالْأَلِفِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِي هُوَ الشَّاكِي , وَهَكَذَا فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَلَفْظه عَنْ عَمّه أَنَّهُ شَكَا , وَفِي رِوَايَة اِبْن خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْد الْجَبَّار بْن الْعَلَاء عَنْ سُفْيَان وَلَفْظه عَنْ عَمّه عَبْد اللَّه بْن زَيْد قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُل. وَمَعْنَى قَوْل النَّوَوِيّ فَإِنَّ هَذَا الْوَهْم غَلَط أَيْ ضَبْط لَفْظ شُكِيَ فِي رِوَايَة مُسْلِم بِالْأَلِفِ قِيَاسًا عَلَى رِوَايَة الْبُخَارِيّ وَغَيْره وَهْم , فَإِنَّ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ بِلَفْظِ أَنَّهُ شَكَا وَلَيْسَ هَذِهِ فِي رِوَايَة مُسْلِم ( الرَّجُل ) : مَفْعُول مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله وَعَلَى رِوَايَة شَكَا بِالْأَلِفِ مَنْصُوب عَلَى الْمَفْعُولِيَّة ( يَجِد الشَّيْء ) : أَيْ الْحَدَث خَارِجًا مِنْ دُبُره وَفِيهِ الْعُدُول عَنْ ذِكْر الشَّيْء الْمُسْتَقْذَر بِخَاصِّ اِسْمه إِلَّا لِلضَّرُورَةِ ( حَتَّى يُخَيَّل إِلَيْهِ ) : بِضَمِّ الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة مَبْنِيًّا لِمَا يُسَمَّ فَاعِله أَيْ يُشَبَّه لَهُ أَنَّهُ خَرَجَ شَيْء مِنْ الرِّيح أَوْ الصَّوْت ( لَا يَنْفَتِل ) : بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْي وَيَجُوز الرَّفْع عَلَى أَنَّ لَا نَافِيَة أَوْ الِانْفِتَال الِانْصِرَاف ( صَوْتًا ) : مِنْ دُبُره ( أَوْ يَجِد رِيحًا ) : مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ يَعْلَم وُجُود أَحَدهمَا وَلَا يُشْتَرَط السَّمَاع وَالشَّمّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا الْحَدِيث أَصْل مِنْ أُصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْفِقْه وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاء يُحْكَم بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولهَا حَتَّى يُتَيَقَّن خِلَاف ذَلِكَ وَلَا يَضُرّ الشَّكّ الطَّارِئ عَلَيْهَا , فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَة الْبَاب الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيث , وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَة وَشَكَّ فِي الْحَدَث حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَة , وَلَا فَرْق بَيْن حُصُول هَذَا الشَّكّ فِي نَفْس الصَّلَاة وَحُصُوله خَارِج الصَّلَاة , وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف. اِنْتَهَى. فَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَة وَشَكَّ فِي الْحَدَث عَمِلَ بِيَقِينِ الطَّهَارَة أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَث وَشَكَّ فِي الطَّهَارَة عَمِلَ بِيَقِينِ الْحَدَث وَاَللَّه أَعْلَم. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.



