المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (145)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (145)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُدَّامَ أَنْفُسِنَا نَتَنَاوَبُ الرِّعَايَةَ رِعَايَةَ إِبِلِنَا فَكَانَتْ عَلَيَّ رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَرَوَّحْتُهَا بِالْعَشِيِّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَخْطُبُ النَّاسَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَّا قَدْ أَوْجَبَ فَقُلْتُ بَخٍ بَخٍ مَا أَجْوَدَ هَذِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ الَّتِي قَبْلَهَا يَا عُقْبَةُ أَجْوَدُ مِنْهَا فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا هِيَ يَا أَبَا حَفْصٍ قَالَ إِنَّهُ قَالَ آنِفًا قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ وُضُوئِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ قَالَ مُعَاوِيَةُ وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عَنْ حَيْوَةَ وَهُوَ ابْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي عَقِيلٍ عَنْ ابْنِ عَمِّهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الرِّعَايَةِ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ
( خُدَّامَ أَنْفُسِنَا ) : خَدَّام جَمْع خَادِم أَيْ كَانَ كُلّ مِنَّا خَادِمًا لِنَفْسِهِ فَيَخْدُم كُلّ وَاحِد نَفْسه وَلَمْ يَكُنْ لَنَا خَادِم غَيْر أَنْفُسنَا يَخْدُمنَا ( نَتَنَاوَب الرِّعَايَة ) : التَّنَاوُب أَنْ تَفْعَل الشَّيْء مَرَّة وَيَفْعَل الْآخَر مَرَّة أُخْرَى. وَالرِّعَايَة بِكَسْرِ الرَّاي الرَّعْي ( رِعَايَة إِبِلنَا ) : هَذِهِ اللَّفْظَة بَدَل مِنْ الرِّعَايَة. وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَام أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاوَبُونَ رَعْيَ إِبِلهمْ فَتَجْتَمِع الْجَمَاعَة وَيَضُمُّونَ إِبِلَهُمْ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ فَيَرْعَى كُلُّ وَاحِد مِنْهُمْ لِيَكُونَ أَرْفَقَ بِهِمْ وَيَنْصَرِف الْبَاقُونَ فِي مَصَالِحهمْ. قَالَهُ النَّوَوِيّ ( فَكَانَتْ عَلَيَّ رِعَايَة الْإِبِل ) : فِي يَوْمِي وَنَوْبَتِي ( فَرَوَّحْتهَا ) : مِنْ التَّرْوِيح ( بِالْعَشِيِّ ) : عَلَى وَزْن فَعِيل قَالَ فِي الْقَامُوس الرَّوَاح الْعَشِيّ أَوْ مِنْ الزَّوَال إِلَى اللَّيْل. قَالَ الْجَوْهَرِيّ : أَرَاحَ إِبِله أَيْ رَدَّهَا إِلَى الْمُرَاح وَكَذَلِكَ التَّرْوِيح وَلَا يَكُون ذَلِكَ إِلَّا بَعْد الزَّوَال , وَالْعَشِيّ وَالْعَشِيَّة مِنْ صَلَاة الْمَغْرِب إِلَى الْعَتَمَة , وَالْعِشَاءُ بِالْمَدِّ وَالْقَصْر مِثْل الْعَشِيّ , وَزَعَمَ قَوْم أَنَّ الْعِشَاء مِنْ زَوَال الشَّمْس إِلَى طُلُوع الْفَجْر اِنْتَهَى مَا فِي الصِّحَاح. أَيْ رَدَدْت الْإِبِل إِلَى مُرَاحهَا فِي آخِر النَّهَار وَتَفَرَّغْت مِنْ أَمْرهَا ثُمَّ جِئْت إِلَى مَجْلِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَيُحْسِن الْوُضُوء ) : مِنْ الْإِحْسَان أَيْ يُتِمّهُ بِآدَابِهِ ( يُقْبِل عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهه ) : مِنْ الْإِقْبَال وَهُوَ خِلَاف الْإِدْبَار أَيْ يَتَوَجَّه , وَأَرَادَ بِوَجْهِهِ ذَاته أَيْ يُقْبِل عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنه. قَالَ النَّوَوِيّ : وَقَدْ جَمَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ أَنْوَاع الْخُضُوع وَالْخُشُوع , لِأَنَّ الْخُضُوع فِي الْأَعْضَاء وَالْخُشُوع بِالْقَلْبِ ( إِلَّا فَقَدْ أَوْجَبَ ) : عَلَيْهِ الْجَنَّة. وَلَفْظ مُسْلِم إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة ( قُلْت بَخٍ بَخٍ ) : قَالَ الْجَوْهَرِيّ بَخٍ كَلِمَة تُقَال عِنْد الْمَدْح وَالرِّضَا بِالشَّيْءِ وَتُكَرَّر لِلْمُبَالَغَةِ فَيُقَال بَخٍ بَخٍ فَإِنْ وُصِلَتْ خُفِّفَتْ وَنُوِّنَتْ فَقُلْت بَخٍ بَخٍ وَرُبَّمَا شُدِّدَتْ ( مَا أَجْوَدَ هَذِهِ ) : يَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَة أَوْ الْبِشَارَة أَوْ الْفَائِدَة. وَجَوْدَتُهَا مِنْ جِهَات مِنْهَا سَهْلَة مُتَيَسِّرَة يَقْدِر عَلَيْهَا كُلُّ أَحَد بِلَا مَشَقَّة , وَمِنْهَا أَنَّ أَجْرهَا عَظِيم وَاَللَّه أَعْلَمُ ( الَّتِي قَبْلهَا يَا عُقْبَة أَجْوَدُ مِنْهَا ) : أَيْ الْكَلِمَة الَّتِي كَانَتْ قَبْل هَذِهِ الْكَلِمَة الَّتِي سَمِعْت أَجْوَدُ مِنْ هَذِهِ ( فَنَظَرْت ) : إِلَى هَذَا الْقَائِل مَنْ هُوَ ( مَا هِيَ ) : الْكَلِمَة ( يَا أَبَا حَفْص ) : عُمَر ( قَالَ ) : عُمَر ( إِنَّهُ ) : الضَّمِير لِلشَّأْنِ ( قَالَ ) : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( آنِفًا ) : أَيْ قَرِيبًا. قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِالْمَدِّ عَلَى اللُّغَة الْمَشْهُورَة وَبِالْقَصْرِ عَلَى لُغَة صَحِيحَة قُرِئَ بِهَا فِي السَّبْع ( مِنْ أَيّهَا ) : أَيْ مِنْ أَيِّ أَبْوَاب الْجَنَّة ( شَاءَ ) : دُخُولَهَا. وَلَفْظ التِّرْمِذِيّ ( فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَة أَبْوَاب مِنْ الْجَنَّة يَدْخُل مِنْ أَيّهَا شَاءَ ) قَالَ الْحَافِظ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي كِتَاب التَّمْهِيد : هَكَذَا قَالَ فُتِحَ لَهُ مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة , وَهُوَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَة , وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرهمَا : فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَاب الْجَنَّة الثَّمَانِيَة لَيْسَ فِيهَا ذِكْر "" مِنْ "" , فَعَلَى هَذَا أَبْوَابُ الْجَنَّة ثَمَانِيَةٌ. قَالَ الْإِمَام الْقُرْطُبِيّ فِي "" التَّذْكِرَة فِي أَحْوَال أُمُور الْآخِرَة "" قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم : إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَة أَبْوَاب وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عُمَر الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَغَيْره وَجَاءَ تَعْيِين هَذِهِ الْأَبْوَاب لِبَعْضِ الْعُمَّال كَمَا فِي حَدِيث الْمُوَطَّأ وَالْبُخَارِيّ وَمُسْلِم قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيل اللَّه زَوْجَيْنِ نُودِيَ فِي الْجَنَّة يَا عَبْد اللَّه هَذَا خَيْر , فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصَّلَاة دُعِيَ مِنْ بَاب الصَّلَاة. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْجِهَاد دُعِيَ مِنْ بَاب الْجِهَاد. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصَّدَقَة دُعِيَ مِنْ بَاب الصَّدَقَة. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصِّيَام دُعِيَ مِنْ بَاب الصِّيَام. فَقَالَ أَبُو بَكْر يَا رَسُول اللَّه مَا عَلَى أَحَد يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَاب مِنْ ضَرُورَة هَلْ يُدْعَى أَحَد مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَاب ؟ قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُون مِنْهُمْ "" قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : ذَكَرَ مُسْلِم فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة أَرْبَعَة , وَزَادَ غَيْره بَقِيَّة الثَّمَانِيَة , فَذَكَرَ مِنْهَا بَاب التَّوْبَة , وَبَاب الْكَاظِمِينَ الْغَيْظ , وَبَاب الرَّاضِينَ , وَالْبَاب الْأَيْمَن الَّذِي يَدْخُل مِنْهُ مَنْ لَا حِسَاب عَلَيْهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ فَذَكَرَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ أَبْوَاب الْجَنَّة فَعَدَّ أَبْوَابًا غَيْر مَا ذُكِرَ. قَالَ فَعَلَى هَذَا أَبْوَابُ الْجَنَّةِ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا. وَقَدْ أَطَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَذْكِرَته وَيَجِيء بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى فِي مَوْضِعه. ( قَالَ مُعَاوِيَة ) وَهَذَا مَوْصُول بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَفِي لَفْظ لِأَبِي دَاوُدَ. فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ رَفَعَ نَظَره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ : وَفِي إِسْنَاد هَذَا رَجُل مَجْهُول , وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي إِدْرِيس الْخَوْلَانِيِّ عَايِذ اللَّه بْن عَبْد اللَّه وَأَبِي عُثْمَان عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مُخْتَصَرًا , وَفِيهِ دَعَا وَقَالَ : وَهَذَا حَدِيث فِي إِسْنَاده اِضْطِرَاب وَلَا يَصِحّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب كَثِير شَيْء. قَالَ مُحَمَّد أَبُو إِدْرِيس لَمْ يَسْمَع مِنْ عُمَر شَيْئًا ( نَحْوه ) : أَيْ نَحْو حَدِيث جُبَيْر بْن نُفَيْر وَأَبِي إِدْرِيس الْخَوْلَانِيِّ ( وَلَمْ يَذْكُر أَمْر الرِّعَايَة ) : أَيْ لَمْ يَذْكُر أَبُو عَقِيل أَوْ مَنْ دُونه قِصَّة رِعَايَتهمْ لِلْإِبِلِ ( قَالَ ) : أَبُو عَقِيل فِي حَدِيثه هَذِهِ الْجُمْلَة أَيْ ( ثُمَّ رَفَعَ ) : الْمُتَوَضِّئ فَقَالَ الْمُتَوَضِّئ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِلَى آخِره ( وَسَاقَ ) : أَبُو عَقِيل أَوْ مَنْ دُونه ( الْحَدِيث بِمَعْنَى حَدِيث مُعَاوِيَة ) : بْن صَالِح. وَحَاصِل الْكَلَام أَنَّ أَبَا عَقِيل لَمْ يَذْكُر فِي حَدِيثه قِصَّة رِعَايَة الْإِبِل وَقَالَ فِيهِ "" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوء ثُمَّ رَفَعَ نَظَره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه "" إِلَى آخِر الْحَدِيث كَمَا قَالَ مُعَاوِيَة وَاَللَّه أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْحِكْمَة فِي رَفْع النَّظَر إِلَى السَّمَاء فَالْعِلْم عِنْد الشَّارِع.



