المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (141)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (141)]
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْنَى قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَسَحَ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا قَالَ أَبُو دَاوُد وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ ثَوْرُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَجَاءٍ
( حَدَّثَنَا الْوَلِيد ) : بْن مُسْلِم أَبُو الْعَبَّاس الدِّمَشْقِيّ عَالِم الشَّام , قَالَ الْحَافِظ : هُوَ مَشْهُور مُتَّفَق عَلَى تَوْثِيقه فِي نَفْسه , وَإِنَّمَا عَابُوا عَلَيْهِ كَثْرَة التَّدْلِيس وَالتَّسْوِيَة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : كَانَ الْوَلِيد يَرْوِي عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَحَادِيث عِنْده عَنْ شُيُوخ ضُعَفَاء عَنْ شُيُوخ ثِقَات قَدْ أَدْرَكَهُمْ الْأَوْزَاعِيُّ , فَيُسْقِط الْوَلِيد الضُّعَفَاء وَيَجْعَلهَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الثِّقَات. اِنْتَهَى ( عَنْ كَاتِب الْمُغِيرَة ) : وَاسْم كَاتِب الْمُغِيرَة وَرَّاد كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ. وَأَمَّا قَوْل الْبَيْهَقِيِّ فِي الْمَعْرِفَة : وَضَعَّفَ الشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم حَدِيث الْمُغِيرَة بِأَنْ لَمْ يُسَمِّ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ كَاتِبَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَكَذَا قَوْل اِبْن حَزْم : إِنَّ كَاتِب الْمُغِيرَة لَمْ يُسَمَّ فِيهِ فَهُوَ مَجْهُول فَيَنْدَفِع بِمَا بَيَّنَاهُ مِنْ التَّصْرِيح ( فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلِهِمَا ) : دَلَّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ مَحَلّ الْمَسْح أَعْلَى الْخُفّ وَأَسْفَلُهُ , وَحَدِيث عَلِيّ وَالْحَدِيث الْأَوَّل لِمُغِيرَةَ بْن شُعْبَة يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْمَسْح الْمَشْرُوع هُوَ مَسْح ظَاهِر الْخُفّ دُون بَاطِنه. قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل , وَذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابهمَا وَالزُّهْرِيّ وَابْن الْمُبَارَك , وَرُوِيَ عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز إِلَى أَنَّهُ يَمْسَح ظُهُورهمَا وَبُطُونهمَا. قَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ : إِنْ مَسَحَ ظُهُورهمَا دُون بُطُونهمَا أَجْزَأَهُ. قَالَ مَالِك : مَنْ مَسَحَ بَاطِن الْخُفَّيْنِ دُون ظَاهِرهمَا لَمْ يُجْزِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَة فِي الْوَقْت وَبَعْده , وَرُوِيَ عَنْهُ غَيْر ذَلِكَ وَالْمَشْهُور عَنْ الشَّافِعِيّ إِنْ مَسَحَ ظُهُورهمَا وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَجْزَأَهُ , وَمَنْ مَسَحَ بَاطِنهمَا دُون ظَاهِرهمَا لَمْ يُجْزِهِ وَلَيْسَ بِمَاسِحٍ. وَقَالَ اِبْن شِهَاب وَهُوَ قَوْل لِلشَّافِعِيِّ : إِنْ مَسَحَ بُطُونهمَا وَلَمْ يَمْسَح ظُهُورهمَا أَجْزَأَهُ. وَالْوَاجِب عِنْد أَبِي حَنِيفَة مَسْح قَدْر ثَلَاث أَصَابِع مِنْ أَصَابِع الْيَد , وَعِنْد أَحْمَد أَكْثَرَ الْخُفّ , وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّ الْوَاجِب مَا يُسَمَّى مَسْحًا. وَأَمَّا الْحَدِيث الثَّانِي لِلْمُغِيرَةِ وَحَدِيث عَلِيّ فَلَيْسَ بَيْن حَدِيثَيْهِمَا تَعَارُض , غَايَة الْأَمْر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ تَارَة عَلَى بَاطِن الْخُفّ وَظَاهِره , وَتَارَة اِقْتَصَرَ عَلَى ظَاهِره , وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ مَا يَقْتَضِي الْمَنْع مِنْ أَحَد الصِّفَتَيْنِ فَكَانَ جَمِيع ذَلِكَ جَائِزًا وَسُنَّة , وَاَللَّه أَعْلَمُ , اِنْتَهَى كَلَام الشَّوْكَانِيِّ. قُلْت : الْحَدِيث الثَّانِي لِلْمُغِيرَةِ قَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّة الْكِبَار : الْبُخَارِيّ وَأَبُو زُرْعَة وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرهمْ كَمَا يَجِيء بَيَانه عَنْ قَرِيب , فَلَا يَصْلُح لِمُعَارَضَةِ حَدِيث عَلِيّ الصَّحِيح , فَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي دَفْع التَّعَارُض لَا حَاجَة إِلَيْهِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ. وَضَعَّفَ الْإِمَام الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَدِيث الْمُغِيرَة هَذَا. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَسْمَع ثَوْر هَذَا الْحَدِيث مِنْ رَجَاء. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث مَعْلُول , وَقَالَ وَسَأَلْت أَبَا زُرْعَة وَمُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ. اِنْتَهَى. ( لَمْ يَسْمَع ثَوْر هَذَا الْحَدِيث مِنْ رَجَاء ) : وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث ذَكَرُوا فِيهِ أَرْبَع عِلَل : الْعِلَّة الْأُولَى أَنَّ ثَوْر بْن يَزِيد لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ رَجَاء بْن حَيْوَة بَلْ قَالَ حُدِّثْت , وَالثَّانِيَة أَنَّهُ مُرْسَل , قَالَ التِّرْمِذِيّ : سَأَلْت أَبَا زُرْعَة وَمُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ , لِأَنَّ اِبْن الْمُبَارَك رَوَى هَذَا عَنْ ثَوْر عَنْ رَجَاء قَالَ حُدِّثْت عَنْ كَاتِب الْمُغِيرَة مُرْسَل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّالِثَة تَدْلِيس وَلِيد بْن مُسْلِم. الرَّابِعَة جَهَالَة كَاتِب الْمُغِيرَة. قُلْت : عِلَّة جَهَالَة كَاتِب الْمُغِيرَة مَدْفُوعَة لِمَجِيءِ التَّصْرِيح فِي اِسْم كَاتِب الْمُغِيرَة كَمَا عَرَفْت. قَالَ الْحَافِظ اِبْن الْقَيِّم : وَأَيْضًا فَالْمَعْرُوف بِكَاتِبِ الْمُغِيرَة هُوَ مَوْلَاهُ وَرَّاد وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ , وَإِنَّمَا تَرَكَ ذِكْر اِسْمه فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لِشُهْرَتِهِ وَعَدَم اِلْتِبَاسه بِغَيْرِهِ , وَمَنْ لَهُ خِبْرَة بِالْحَدِيثِ وَرُوَاته لَا يَتَمَارَى فِي أَنَّهُ وَرَّاد كَاتِبه. وَبَعْد فَهَذَا حَدِيث قَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّة الْكِبَار : الْبُخَارِيّ وَأَبُو زُرْعَة وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالشَّافِعِيّ. وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اِبْن حَزْم وَهُوَ الصَّوَاب , لِأَنَّ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة كُلّهَا مُخَالِفَة , وَهَذِهِ الْعِلَل وَإِنْ كَانَ بَعْضهَا غَيْر مُؤَثِّر , فَمِنْهَا مَا هُوَ مُؤَثِّر مَانِع مِنْ صِحَّة الْحَدِيث , وَقَدْ تَفَرَّدَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم بِإِسْنَادِهِ وَوَصْلِهِ , وَخَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ وَأَجَلُّ وَهُوَ الْإِمَام الثَّبْت عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , فَرَوَاهُ عَنْ ثَوْر عَنْ رَجَاء قَالَ حُدِّثْت عَنْ كَاتِب الْمُغِيرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِذَا اِخْتَلَفَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك وَالْوَلِيد بْن مُسْلِم , فَالْقَوْل مَا قَالَ عَبْد اللَّه. وَقَدْ قَالَ بَعْض الْحُفَّاظ : أَخْطَأَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم فِي هَذَا الْحَدِيث فِي مَوْضِعَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّ رَجَاء لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ كَاتِب الْمُغِيرَة وَإِنَّمَا قَالَ حُدِّثْت عَنْهُ , وَالثَّانِي أَنَّ ثَوْرًا لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ رَجَاء , وَخَطَأ ثَالِث أَنَّ الصَّوَاب إِرْسَالُهُ , فَمَيَّزَ الْحُفَّاظ ذَلِكَ كُلّه فِي الْحَدِيث وَبَيَّنُوهُ , وَرَوَاهُ الْوَلِيد مُعَنْعَنًا مِنْ غَيْر تَبْيِين.



