المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (137)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (137)]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ قَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَلَيْسَ بِالْمُتَّصِلِ وَلَا بِالْقَوِيِّ قَالَ أَبُو دَاوُد وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ
( وَالنَّعْلَيْنِ ) : قَالَ مَجْد الدِّين الْفَيْرُوز آبَادِي فِي الْقَامُوس : النَّعْل مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ مِنْ الْأَرْض كَالنَّعْلَة مُؤَنَّثَة وَجَمْعه نِعَال بِالْكَسْرِ. وَقَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ فِي شَرْح شَمَائِل التِّرْمِذِيّ : وَأَفْرَدَ الْمُؤَلِّف أَيْ التِّرْمِذِيّ الْخُفّ عَنْهَا بِبَابٍ لِتَغَايُرِهِمَا عُرْفًا بَلْ لُغَة إِنْ جَعَلْنَا مِنْ الْأَرْض قَيْدًا فِي النَّعْل. قَالَ الشَّيْخ أَحْمَد الشَّهِير بِالْمُقْرِي فِي رِسَالَته الْمُسَمَّاة بِفَتْحِ الْمُتَعَال فِي مَدْح خَيْر النِّعَال : إِنَّ ظَاهِر كَلَام صَاحِب الْقَامُوس وَبَعْض أَئِمَّة اللُّغَة أَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِ , وَقَدْ صَرَّحَ بِالْقَيْدِيَّةِ مُلَّا عِصَام الدِّين فَإِنَّهُ قَالَ : وَلَا يَدْخُل فِيهِ الْخُفّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ مِنْ الْأَرْض. اِنْتَهَى. وَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّعْلَيْنِ لُبْسُهُمَا فَوْق الْجَوْرَبَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. فَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ مَعًا , فَلَا يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى جَوَاز مَسْح النَّعْلَيْنِ فَقَطْ. قَالَ الطَّحَاوِيّ : مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتهمَا جَوْرَبَانِ , وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ لَا إِلَى نَعْلَيْهِ وَجَوْرَبَاهُ مِمَّا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ بِلَا نَعْلَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَح عَلَيْهِمَا , فَكَانَ مَسْحه ذَلِكَ مَسْحًا أَرَادَ بِهِ الْجَوْرَبَيْنِ , فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ , فَكَانَ مَسْحه عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي تَطْهُر بِهِ وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَضْلٌ. اِنْتَهَى كَلَامه. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة اِخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاء , فَالْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَالثَّوْرِيُّ وَعَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن وَأَبُو يُوسُف ذَهَبُوا إِلَى جَوَاز مَسْح الْجَوْرَبَيْنِ سَوَاء كَانَا مُجَلَّدَيْنِ أَوْ مُنَعَّلَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُونَا بِهَذَا الْوَصْف بَلْ يَكُونَانِ ثَخِينَيْنِ فَقَطْ بِغَيْرِ نَعْل وَبِلَا تَجْلِيد , وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة فِي أَحَد الرِّوَايَات عَنْهُ , وَاضْطَرَبَتْ أَقْوَال عُلَمَاء الشَّافِعِيَّة فِي هَذَا الْبَاب وَأَنْتَ خَبِير أَنَّ الْجَوْرَب يُتَّخَذ مِنْ الْأَدِيم , وَكَذَا مِنْ الصُّوف وَكَذَا مِنْ الْقُطْن , وَيُقَال لِكُلٍّ مِنْ هَذَا إِنَّهُ جَوْرَب. وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ هَذِهِ الرُّخْصَة بِهَذَا الْعُمُوم الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَيْهَا تِلْكَ الْجَمَاعَة لَا تَثْبُت إِلَّا بَعْد أَنْ يَثْبُت أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ اللَّذَيْنِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَا مِنْ صُوف سَوَاء كَانَا مُنَعَّلَيْنِ أَوْ ثَخِينَيْنِ فَقَطْ وَلَمْ يَثْبُت هَذَا قَطّ. فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ جَوَاز الْمَسْح عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ غَيْر الْمُجَلَّدَيْنِ , بَلْ يُقَال إِنَّ الْمَسْح يَتَعَيَّن عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الْمُجَلَّدَيْنِ لَا غَيْرهمَا , لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْخُفّ , وَالْخُفّ لَا يَكُون إِلَّا مِنْ الْأَدِيم. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَدِيث قَوْلِيًّا بِأَنْ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" اِمْسَحُوا عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ "" لَكَانَ يُمْكِن الِاسْتِدْلَال بِعُمُومِهِ عَلَى كُلّ أَنْوَاع الْجَوْرَب , وَإِذْ لَيْسَ فَلَيْسَ. فَإِنْ قُلْت : لَمَّا كَانَ الْجَوْرَب مِنْ الصُّوف أَيْضًا اُحْتُمِلَ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ الَّذِينَ مَسَحَ عَلَيْهِمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَا مِنْ صُوف أَوْ قُطْن إِذَا لَمْ يُبَيِّن الرَّاوِي , قُلْت : نَعَمْ الِاحْتِمَال فِي كُلّ جَانِب سَوَاء يَحْتَمِل كَوْنهمَا مِنْ صُوف وَكَذَا مِنْ أَدِيم وَكَذَا مِنْ قُطْن , لَكِنْ تَرَجَّحَ الْجَانِب الْوَاحِد وَهُوَ كَوْنه مِنْ أَدِيم , لِأَنَّهُ يَكُون حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى الْخُفّ , وَيَجُوز الْمَسْح عَلَيْهِ قَطْعًا , وَأَمَّا الْمَسْح عَلَى غَيْر الْأَدِيم فَثَبَتَ بِالِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي لَمْ تَطْمَئِنّ النَّفْس بِهَا , وَقَدْ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" دَعْ مَا يَرِيبك إِلَى مَا لَا يَرِيبك "" أَخْرَجَهُ أَحْمَد فِي مُسْنَده وَالنَّسَائِيُّ عَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة وَهُوَ حَدِيث صَحِيح. نَعَمْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُور عَنْ خَالِد بْن سَعْد قَالَ : كَانَ أَبُو مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ يَمْسَح عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْر وَنَعْلَيْهِ وَسَنَده صَحِيح وَاَللَّه أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ. قَالَ فِي غَايَة الْمَقْصُود بَعْدَمَا أَطَالَ الْكَلَام : هَذَا مَا فَهِمْت وَمَنْ كَانَ عِنْده عِلْم بِهَذَا مِنْ السُّنَّة فَكَلَامه أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح. ( وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا ) : الْحَدِيث أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَلَفْظه : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْن مَنْصُور وَبِشْر بْن آدَم قَالَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْن يُونُس عَنْ عِيسَى بْن سِنَان عَنْ الضَّحَّاك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَرْزَب عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ : "" أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ "" قَالَ الْمُعَلَّى فِي حَدِيثه لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ وَالنَّعْلَيْنِ ( وَلَيْسَ بِالْمُتَّصِلِ ) : لِأَنَّ الضَّحَّاك بْن عَبْد الرَّحْمَن لَمْ يَثْبُت سَمَاعه مِنْ أَبِي مُوسَى , وَعِيسَى بْن سِنَان ضَعِيف لَا يُحْتَجّ بِهِ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَالْمُتَّصِل مَا سَلِمَ إِسْنَاده مِنْ سُقُوط فِي أَوَّله أَوْ آخِره أَوْ وَسَطه بِحَيْثُ يَكُون كُلّ مِنْ رِجَاله سَمِعَ ذَلِكَ الْمَرْوِيَّ مِنْ شَيْخه ( وَلَا بِالْقَوِيِّ ) : أَيْ الْحَدِيث مَعَ كَوْنه غَيْر مُتَّصِل لَيْسَ بِقَوِيٍّ مِنْ جِهَة ضَعْف رَاوِيه وَهُوَ أَبُو سِنَان عِيسَى بْن سِنَان. قَالَ الذَّهَبِيّ : ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَابْن مَعِين وَهُوَ مِمَّا يُكْتَب حَدِيثه عَلَى لِينه وَقَوَّاهُ بَعْضهمْ يَسِيرًا. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ : لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم : لَيْسَ بِقَوِيٍّ. اِنْتَهَى وَكَذَا ضَعَّفَهُ الْعُقَيْلِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ. ( وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ) : أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه : أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيّ عَنْ الزِّبْرِقَان عَنْ كَعْب بْن عَبْد اللَّه قَالَ : رَأَيْت عَلِيًّا بَالَ فَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ( وَابْن مَسْعُود ) : أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّ اِبْن مَسْعُود كَانَ يَمْسَح عَلَى خُفَّيْهِ وَيَمْسَح عَلَى جَوْرَبَيْهِ ( وَالْبَرَاء بْن عَازِب ) : أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْت الْبَرَاء بْن عَازِب يَمْسَح عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ ( وَأَنَس بْن مَالِك ) : أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس بْن مَالِك أَنَّهُ كَانَ يَمْسَح عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ( وَأَبُو أُمَامَة وَسَهْل بْن سَعْد وَعَمْرو بْن حُرَيْث ) : لَمْ أَقِف عَلَى رِوَايَات هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة ( وَرُوِيَ ذَلِكَ ) : أَيْ الْمَسْح عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ( عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَابْن عَبَّاس ) : لَمْ أَقِف عَلَى رِوَايَتهمَا أَيْضًا.



