المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (128)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (128)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَدَلْتُ مَعَهُ فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدِهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَهُمَا إِلَى الْمِرْفَقِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ رَكِبَ فَأَقْبَلْنَا نَسِيرُ حَتَّى نَجِدَ النَّاسَ فِي الصَّلَاةِ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ حِينَ كَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَوَجَدْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَفَّ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَصَلَّى وَرَاءَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ لِأَنَّهُمْ سَبَقُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ قَدْ أَصَبْتُمْ أَوْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ
( عَدَلَ ) : أَيْ مَالَ مِنْ مُعْظَم الطَّرِيق إِلَى غَيْرهَا ( تَبُوك ) : بِتَقْدِيمِ التَّاء الْفَوْقَانِيَّة الْمَفْتُوحَة ثُمَّ الْمُوَحَّدَة الْمَضْمُومَة الْمُخَفَّفَة لَا يَنْصَرِف عَلَى الْمَشْهُور. قَالَ النَّوَوِيّ : وَابْن حَجَر : لِلتَّأْنِيثِ وَالْعِلْمِيَّة , هِيَ مَكَان مَعْرُوف بَيْنهَا وَبَيْن الْمَدِينَة مِنْ جِهَة الشَّام أَرْبَع عَشْرَةَ مَرْحَلَة , وَبَيْنهَا وَبَيْن دِمَشْق إِحْدَى عَشْرَةَ مَرْحَلَة , وَيُقَال لَهَا غَزْوَة الْعُسْرَة كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيّ وَغَيْره ( قَبْل الْفَجْر ) : أَيْ الصُّبْح , وَلِابْنِ سَعْد : فَتَبِعْته بِمَاءٍ بَعْد الْفَجْر , وَيُجْمَع بِأَنَّ خُرُوجه كَانَ بَعْد طُلُوع الْفَجْر وَقَبْل صَلَاة الصُّبْح ( فَتَبَرَّزَ ) : بِالتَّشْدِيدِ , أَيْ خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَضَاءِ حَاجَته. زَادَ فِي رِوَايَة لِلشَّيْخَيْنِ : فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي ثُمَّ قَضَى حَاجَته ( مِنْ الْإِدَاوَة ) : قَالَ النَّوَوِيّ : أَمَّا الْإِدَاوَة وَالرَّكْوَة وَالْمِطْهَرَة وَالْمِيضَأَة بِمَعْنًى مُتَقَارِب وَهُوَ إِنَاء الْوُضُوء , وَفِي رِوَايَة أَحْمَد أَنَّ الْمَاء أَخَذَهُ الْمُغِيرَة مِنْ أَعْرَابِيَّة صَبَّتْهُ لَهُ مِنْ قِرْبَة مِنْ جِلْد مَيْتَة , فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَلْهَا فَإِنْ كَانَتْ دَبَغَتْهَا فَهُوَ طَهُورهَا , فَقَالَتْ : إِي وَاَللَّهِ دَبَغْتُهَا. وَفِيهِ قَبُول خَبَر الْوَاحِد فِي الْأَحْكَام وَلَوْ اِمْرَأَة سَوَاء كَانَ مِمَّا تَعُمّ بِهِ الْبَلْوَى أَمْ لَا لِقَبُولِ خَبَر الْأَعْرَابِيَّة ( ثُمَّ حَسَرَ ) : مِنْ بَاب ضَرَبَ , أَيْ كَشَفَ , يُقَال : حَسَرْت كُمِّي عَنْ ذِرَاعِي أَحْسِره حَسْرًا , أَيْ كَشَفْت وَحَسَرْت الْعِمَامَة عَنْ رَأْسِي وَالثَّوْب عَنْ بَدَنِي , أَيْ كَشَفْتهمَا ( عَنْ ذِرَاعَيْهِ ) : وَفِي الْمُوَطَّأ : ثُمَّ ذَهَبَ يُخْرِج يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْ جُبَّته ( فَضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ ) : كُمَّا تَثْنِيَةُ كُمّ بِضَمِّ الْكَاف , فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ ضِيق كُمَّيْ الْجُبَّة إِخْرَاجَ يَدَيْهِ , وَهِيَ مَا قُطِعَ مِنْ الثِّيَاب مُشَمَّرًا. قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاض فِي الْمَشَارِق , وَلِلْبُخَارِيِّ : وَعَلَيْهِ جُبَّة شَامِيَّة , وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة لِلْمُؤَلِّفِ : مِنْ صُوف مِنْ جِبَاب الرُّوم. وَالْحَدِيث فِيهِ التَّشْمِير فِي السَّفَر وَلُبْس الثِّيَاب الضَّيِّقَة فِيهِ لِأَنَّهَا أَعْوَنُ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَافِظ اِبْن عَبْد الْبَرّ : بَلْ هُوَ مُسْتَحَبّ فِي الْغَزْو لِلتَّشْمِيرِ وَالتَّأَسِّي بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا بَأْس بِهِ عِنْدِي فِي الْحَضَر ( فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْت الْجُبَّة ) : زَادَ مُسْلِم : وَأَلْقَى الْجُبَّة عَلَى مَنْكِبَيْهِ ( ثُمَّ تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ ) : أَيْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ كَمَا فِي عَامَّة الرِّوَايَات , وَفِيهِ الرَّدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسْح عَلَيْهِمَا مَنْسُوخ بِآيَةِ الْمَائِدَة لِأَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي غَزْوَة الْمُرَيْسِيعِ , وَهَذِهِ الْقِصَّة فِي غَزْوَة تَبُوك بَعْدهَا بِاتِّفَاقٍ إِذْ هِيَ آخِر الْمَغَازِي , ثُمَّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ خَاصّ بِالْوُضُوءِ , وَلَا مَدْخَل لِلْغُسْلِ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَهُ الزُّرْقَانِيّ ( ثُمَّ رَكِبَ ) : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحِلَته ( فَأَقْبَلْنَا ) : قَدِمْنَا. وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ : ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْت فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْم ( حِين كَانَ ) : هُوَ تَامَّة , أَيْ حَصَلَ. وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ : فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ يَتَأَخَّر فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ , وَفِيهِ مِنْ الْمَسَائِل مِنْهَا جَوَاز اِقْتِدَاء الْفَاضِل بِالْمَفْضُولِ , وَجَوَاز صَلَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْف بَعْض أُمَّته , وَمِنْهَا أَنَّ الْأَفْضَل تَقْدِيم الصَّلَاة فِي أَوَّل الْوَقْت , فَإِنَّهُمْ فَعَلُوهَا أَوَّل الْوَقْت وَلَمْ يَنْتَظِرُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْإِمَام إِذَا أَخَّرَ عَنْ أَوَّل الْوَقْت اُسْتُحِبَّ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يُقَدِّمُوا أَحَدهمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ ( فَقَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاته ) : لِأَدَاءِ الرَّكْعَة الثَّانِيَة , وَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَام بِبَعْضِ الصَّلَاة أَتَى بِمَا أَدْرَكَ , فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُط ذَلِكَ عَنْهُ , وَفِيهِ اِتِّبَاع الْمَسْبُوق لِلْإِمَامِ فِي فِعْله فِي رُكُوعه وَسُجُوده وَجُلُوسه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَوْضِع فِعْله لِلْمَأْمُومِ , وَأَنَّ الْمَسْبُوق إِنَّمَا يُفَارِق الْإِمَام بَعْد سَلَام الْإِمَام ( فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيح ) : أَيْ قَوْلَهُمْ سُبْحَان اللَّه وَمِنْ عَادَة الْعَرَب أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ وَقْت التَّعَجُّب وَالْفَزَع ( أَوْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ ) : وَهَذَا شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , أَيْ أَحْسَنْتُمْ إِذَا جَمَعْتُمْ الصَّلَاة لِوَقْتِهَا. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا.


