المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1214)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1214)]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ هَذَا يَقُولُ فِي الْوِتْرِ فِي الْقُنُوتِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ أَبُو الْحَوْرَاءِ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ
( عَنْ بُرَيْد بْن أَبِي مَرْيَم ) : بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَهُوَ غَيْرُ يَزِيدَ بْن أَبِي مَرْيَم الشَّامِيّ الَّذِي خَرَّجَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَحَدِيثه مَنْ اِغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيل اللَّه , ذَلِكَ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة الْمَفْتُوحَةِ وَالزَّاي الْمَكْسُورَة وَلَمْ يُخَرِّجَا لِبُرَيْد هَذَا شَيْئًا. وَاسْم أَبِي مَرْيَم وَالِد هَذَا مَالِك بْن رَبِيعَة السَّلُولِيُّ , وَاسْم وَالِد ذَاكَ عَبْد اللَّه ( أَقُولُهُنَّ ) : أَيْ أَدْعُو بِهِنَّ ( فِي الْوِتْر ) : وَفِي رِوَايَة فِي قُنُوت الْوِتْر , وَظَاهِره الْإِطْلَاق فِي جَمِيع السُّنَّة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة , وَأَمَّا الشَّافِعِيَّة فَيُقَيِّدُونَ الْقُنُوت فِي الْوِتْر بِالنِّصْفِ الْأَخِير مِنْ رَمَضَان كَمَا هُوَ مَذْهَب جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة ( اللَّهُمَّ اِهْدِنِي ) : أَيْ ثَبِّتْنِي عَلَى الْهِدَايَة أَوْ زِدْنِي مِنْ أَسْبَاب الْهِدَايَة إِلَى الْوُصُول بِأَعْلَى مَرَاتِب النِّهَايَة ( فِيمَنْ هَدَيْت ) : أَيْ فِي جُمْلَة مَنْ هَدَيْتُمْ أَوْ هَدَيْته مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء كَمَا قَالَ سُلَيْمَان { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ } ( وَعَافَنِي فِيمَنْ عَافَيْت ) : أَيْ مِنْ أَسْوَأ الْأَدْوَاء وَالْأَخْلَاق وَالْأَهْوَاء. وَقَالَ اِبْن الْمَلَك مِنْ الْمُعَافَاة الَّتِي هِيَ دَفْع السُّوء ( وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت ) : أَيْ تَوَلَّ أَمْرِي وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفْسِي فِي جُمْلَة مَنْ تَفَضَّلْت عَلَيْهِمْ. قَالَ الْمُظْهِر أَمْر مُخَاطَب مِنْ تَوَلَّى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا وَقَامَ بِحِفْظِهِ وَحِفْظ أَمْره ( وَبَارِكْ ) : أَيْ أَكْثِرْ الْخَيْر ( لِي ) : أَيْ لِمَنْفَعَتِي ( فِيمَا أَعْطَيْت ) : أَيْ فِيمَا أَعْطَيْتنِي مِنْ الْعُمْر وَالْمَال وَالْعُلُوم وَالْأَعْمَال ( وَقِنِي ) : أَيْ اِحْفَظْنِي ( شَرَّ مَا قَضَيْت ) : أَوْ مَا قَدَّرْت لِي مِنْ قَضَاء وَقَدَر فَسَلِّمْ لِي الْعَقْلَ وَالدِّينَ ( تَقْضِي ) : أَيْ تَقْدُر أَوْ تَحْكُم بِكُلِّ مَا أَرَدْت ( وَلَا يُقْضَى عَلَيْك ) : فَإِنَّهُ لَا مُعَقِّب لِحُكْمِك وَلَا يَجِبُ عَلَيْك شَيْءٌ ( إِنَّهُ ) : أَيْ الشَّأْنُ ( لَا يَذِلُّ ) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ لَا يَصِيرُ ذَلِيلًا أَيْ حَقِيقَةً وَلَا عِبْرَةً بِالصُّورَةِ ( مَنْ وَالَيْت ) : الْمُوَالَاةُ ضِدُّ الْمُعَادَاة ( وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت ) : هَذِهِ الْجُمْلَة لَيْسَتْ فِي عَامَّة النُّسَخ إِنَّمَا وُجِدَتْ فِي بَعْضهَا , نَعَمْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَكَذَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ عِدَّة طُرُق وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت ( تَبَارَكْت ) : أَيْ تَكَاثَرَ خَيْرُك فِي الدَّارَيْنِ ( رَبَّنَا ) : بِالنَّصْبِ أَيْ يَا رَبَّنَا ( وَتَعَالَيْت ) : أَيْ اِرْتَفَعَتْ عَظَمَتُك وَظَهَرَ قَهْرُك وَقُدْرَتُك عَلَى مَنْ فِي الْكَوْنَيْنِ وَقَالَ اِبْنُ الْمَلَك أَيْ اِرْتَفَعْت عَنْ مُشَابَهَةِ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَهُ عَلِيٌّ الْقَارِيّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْن الْقُنُوت قَبْلَ الرُّكُوع أَوْ بَعْده , فَفِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث عِنْد الْبَيْهَقِيِّ التَّصْرِيح بِكَوْنِهِ بَعْد الرُّكُوع , وَقَالَ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ أَبُو بَكْر بْن شَيْبَة الْحِزَامِيّ , وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي الثِّقَات فَلَا يَضُرُّ تَفَرُّدُهُ , وَأَمَّا الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوع فَهُوَ ثَابِتٌ عِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيث أُبَيِّ بْن كَعْب وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ ذِكْر الْقُنُوتِ فِيهِ , وَثَابِت أَيْضًا فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة قَالَ الْعِرَاقِيّ : وَهُوَ ضَعِيف قَالَ : وَيُعَضِّدُ كَوْنَهُ بَعْد الرُّكُوع أَوَّل فِعْل الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة لِذَلِكَ , وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الصُّبْح. وَقَدْ رَوَى مُحَمَّد بْن نَصْر عَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ بَعْد الرَّكْعَة وَأَبُو بَكْر وَعُمَر حَتَّى كَانَ عُثْمَان فَقَنَتَ قَبْل الرَّكْعَة لِيُدْرِكَ النَّاس قَالَ الْعِرَاقِيّ : وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَفِي رِوَايَة قَالَ : هَذَا يَقُولُ فِي الْوِتْر فِي الْقُنُوت. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيث حَسَن لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه مِنْ حَدِيث أَبِي الْحَوْرَاء السَّعْدِيّ وَاسْمُهُ رَبِيعَة بْن شَيْبَان , وَلَا نَعْرِفُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُنُوت شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قُنُوتِهِ فِي صَلَاة الْفَجْر وَفِي مَوْضِعِ الْقُنُوت مِنْهَا , فَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي لَا قُنُوت إِلَّا فِي الْوِتْر وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوع , وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق يَقْنُتُ فِي صَلَاة الْفَجْر , وَالْقُنُوت بَعْد الرُّكُوع. وَقَدْ رُوِيَ الْقُنُوتُ بَعْد الرُّكُوع فِي صَلَاة الْفَجْر عَنْ عَلِيّ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان , فَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي شَهْر رَمَضَان فَمَذْهَبُ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَأَهْل الرَّأْي وَإِسْحَاق أَنْ يَقْنُتَ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إِسْحَاق : لَا يَقْنُتُ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْآخَر مِنْهُ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِفِعْلِ أُبَيِّ بْن كَعْب وَابْن عُمَر وَمُعَاذ الْقَارِيّ. اِنْتَهَى.



