المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (116)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (116)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الطُّهُورُ فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ وَبِالسَّبَّاحَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ
( عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب ) : بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ السَّهْمِيّ الْمَدَنِيّ نَزِيل الطَّائِف. وَاعْلَمْ أَنَّهُ اِخْتَلَفَ كَلَام الْأَئِمَّة الْحُفَّاظ فِي الِاحْتِجَاج بِحَدِيثِ عَمْرو اِبْن شُعَيْب رُوِيَ عَنْ اِبْن مَعِين أَنَّهُ قَالَ : إِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْر أَبِيهِ فَهُوَ ثِقَة. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ الْقَطَّان : إِذَا رَوَى عَنْ الثِّقَات فَهُوَ ثِقَة حُجَّة يُحْتَجّ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه : وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب إِنَّمَا ضَعَّفَهُ لِأَنَّهُ يُحَدِّث عَنْ صَحِيفَة جَدّه , كَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَع هَذِهِ الْأَحَادِيث مِنْ جَدّه. قَالَ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه : وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد أَنَّهُ قَالَ : حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب عِنْدنَا وَاهٍ. اِنْتَهَى. قَالَ الْحَافِظ جَمَال الدِّين الْمِزِّيّ : عَمْرو بْن شُعَيْب يَأْتِي عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه : عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه , وَعَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , وَعَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. فَعَمْرو لَهُ ثَلَاثَة أَجْدَاد : مُحَمَّد وَعَبْد اللَّه وَعَمْرو بْن الْعَاصِ ; فَمُحَمَّد تَابِعِيّ , وَعَبْد اللَّه وَعَمْرو صَحَابِيَّانِ , فَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِجَدِّهِ مُحَمَّدًا فَالْحَدِيث مُرْسَل لِأَنَّهُ تَابِعِيّ , وَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهِ عَمْرًا فَالْحَدِيث مُنْقَطِع لِأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يُدْرِك عَمْرًا , وَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهِ عَبْد اللَّه فَيُحْتَاج إِلَى مَعْرِفَة سَمَاع شُعَيْب مِنْ عَبْد اللَّه. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَاب الصَّلَاة مِنْ جَامِعه : عَمْرو بْن شُعَيْب هُوَ اِبْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ , قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل : رَأَيْت أَحْمَد وَإِسْحَاق وَذَكَرَ غَيْرهمَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرو بْن شُعَيْب , قَالَ مُحَمَّد : وَقَدْ سَمِعَ شُعَيْب بْن مُحَمَّد مِنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. اِنْتَهَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَاب الْبُيُوع مِنْ سُنَنه : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن النَّقَّاش أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن تَمِيم قَالَ قُلْت لِأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ : شُعَيْب وَالِد عَمْرو بْن شُعَيْب سَمِعَ مِنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو ؟ قَالَ : نَعَمْ. قُلْت : فَعَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه يَتَكَلَّم النَّاس فِيهِ , قَالَ : رَأَيْت عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَالْحُمَيْدِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ يَحْتَجُّونَ بِهِ. . وَيَدُلّ عَلَى سَمَاع شُعَيْب مِنْ جَدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي إِفْسَاد الْحَجّ فَقَالُوا : عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَسْأَلهُ عَنْ مُحْرِم وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ , فَأَشَارَ إِلَى عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَقَالَ : اِذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ فَاسْأَلْهُ. قَالَ شُعَيْب : فَلَمْ يَعْرِفهُ الرَّجُل. فَذَهَبْت مَعَهُ , فَسَأَلَ اِبْن عَمْرو. قَالَ الْحَافِظ قَالَ أَحْمَد : عَمْرو بْن شُعَيْب لَهُ أَشْيَاء مَنَاكِيرُ وَإِنَّمَا يُكْتَب حَدِيثه يُعْتَبَر بِهِ , فَأَمَّا أَنْ يَكُون حُجَّة فَلَا. قَالَ الْجُوزَجَانِيّ : قُلْت لِأَحْمَد سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا , قَالَ : يَقُول حَدَّثَنِي أَبِي , قُلْت : فَأَبُوهُ سَمِعَ مِنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : نَعَمْ أَرَاهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ. . وَقَالَ أَبُو بَكْر الْأَثْرَم : سُئِلَ أَبُو عَبْد اللَّه عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب فَقَالَ : أَنَا أَكْتُب حَدِيثه وَرُبَّمَا اِحْتَجَجْنَا بِهِ وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي الْقَلْب مِنْهُ شَيْء وَقَالَ الْبُخَارِيّ : رَأَيْت أَحْمَد وَعَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَأَبَا عُبَيْدَة وَعَامَّة أَصْحَابنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه مَا تَرَكَهُ أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْبُخَارِيّ : فَمَنْ النَّاسُ بَعْدَهُمْ !. اِنْتَهَى. وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن زِيَاد : صَحَّ سَمَاع عَمْرو مِنْ أَبِيهِ وَصَحَّ سَمَاع شُعَيْب مِنْ جَدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. وَفِي شَرْح أَلْفِيَّة الْعِرَاقِيّ لِلْمُصَنِّفِ : وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الِاحْتِجَاج بِرِوَايَةِ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه , وَأَصَحّ الْأَقْوَال أَنَّهَا حُجَّة مُطْلَقًا إِذَا صَحَّ السَّنَد إِلَيْهِ. قَالَ اِبْن الصَّلَاح وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْحَدِيث حَمْلًا لِلْجَدِّ عِنْد الْإِطْلَاق عَلَى الصَّحَابِيّ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو دُون اِبْنه مُحَمَّد وَالِد شُعَيْب لِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ إِطْلَاقه ذَلِكَ , فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيّ : رَأَيْت أَحْمَد بْن حَنْبَل وَعَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَأَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا خَيْثَمَةَ وَعَامَّة أَصْحَابنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه مَا تَرَكَهُ أَحَد مِنْهُمْ وَثَبَتُوهُ , فَمَنْ النَّاسُ بَعْدهمْ. وَقَوْل اِبْن حِبَّان : هِيَ مُنْقَطِعَة لِأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَلْقَ عَبْد اللَّه , مَرْدُود فَقَدْ صَحَّ سَمَاع شُعَيْب مِنْ جَدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَأَحْمَد وَكَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن بِإِسْنَادٍ صَحِيح. وَذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ مُحَمَّدًا مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيهِ وَأَنَّ أَبَاهُ كَفَلَ شُعَيْبًا وَرَبَّاهُ وَقِيلَ لَا يُحْتَجّ بِهِ مُطْلَقًا. اِنْتَهَى بِتَلْخِيصٍ. وَمُحَصَّل الْكَلَام أَنَّ الْأَكْثَر عَلَى تَوْثِيقه وَعَلَى الِاحْتِجَاج بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه. ( عَنْ أَبِيهِ ) : شُعَيْب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ عَنْ جَدّه , قَدْ وَثَّقَهُ اِبْن حِبَّان وَثَبَتَ سَمَاعه مِنْ جَدّه عَبْد اللَّه , فَالضَّمِير فِي ( عَنْ جَدّه ) : لِشُعَيْبٍ وَإِنْ عَادَ عَلَى عَمْرو اِبْنه حُمِلَ عَلَى جَدّه الْأَعْلَى الصَّحَابِيّ , فَالْحَدِيث مُتَّصِل الْإِسْنَاد ( قَالَ ) : أَيْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ ( كَيْف الطُّهُور ) : الْجُمْهُور عَلَى أَنَّ ضَمّ الطَّاء لِلْفِعْلِ وَفَتْحَ الطَّاء لِلْمَاءِ وَعَنْ بَعْض عَكْسه ( فَدَعَا ) : أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( السَّبَّاحَتَيْنِ ) : بِمُهْمَلَةٍ فَمُوَحَّدَة فَأَلِف بَعْدهَا مُهْمَلَة : تَثْنِيَة سَبَّاحَة وَأَرَادَ بِهِمَا مُسَبِّحَتَيْ الْيَد الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى , وَسُمِّيَتْ سَبَّاحَة لِأَنَّهُ يُشَار بِهَا عِنْد التَّسْبِيح ( ثُمَّ قَالَ ) : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَكَذَا الْوُضُوء ) : أَيْ تَثْلِيث الْغَسْل هُوَ أَسْبَغُ الْوُضُوء وَأَكْمَلُهُ , وَرَدَ فِي بَعْض الرِّوَايَات أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوء الْأَنْبِيَاء مِنْ قَبْلِي. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيف فِي كِتَابه غَرَائِب مَالِك عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ( عَلَى هَذَا ) : أَيْ عَلَى الثَّلَاث ( أَوْ نَقَصَ ) : عَنْ الثَّلَاث ( فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ ) : أَيْ عَلَى نَفْسه بِتَرْكِ مُتَابَعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِمُخَالَفَتِهِ , أَوْ لِأَنَّهُ أَتْعَبَ نَفْسه فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَة مِنْ غَيْر حُصُول ثَوَاب لَهُ أَوْ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَاء بِلَا فَائِدَة. وَأَمَّا فِي النَّقْص فَأَسَاءَ الْأَدَب بِتَرْكِ السُّنَّة وَظَلَمَ نَفْسه بِنَقْصِ ثَوَابهَا بِتَزْدَادِ الْمَرَّات فِي الْوُضُوء. وَاسْتُشْكِلَ بِالْإِسَاءَةِ وَالظُّلْم عَلَى مَنْ نَقَصَ عَنْ هَذَا الْعَدَد , فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَمَرَّة مَرَّة. وَأَجْمَعَ أَئِمَّةُ الْحَدِيث وَالْفِقْه عَلَى جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَى وَاحِدَة. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَمْر نِسْبِيّ وَالْإِسَاءَة تَتَعَلَّق بِالنَّقْصِ أَيْ أَسَاءَ مَنْ نَقَصَ عَنْ الثَّلَاث بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فَعَلَهَا لَا حَقِيقَة الْإِسَاءَة وَالظُّلْم بِالزِّيَادَةِ عَنْ الثَّلَاث لِفِعْلِهِ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا. وَقَالَ بَعْض الْمُحَقِّقِينَ : فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيره مَنْ نَقَصَ شَيْئًا مِنْ غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ تَرَكَهُ لُمْعَة فِي الْوُضُوء مَرَّة , وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ نُعَيْم بْن حَمَّاد بْن مُعَاوِيَة مِنْ طَرِيق الْمُطَّلِب بْن حَنْطَب مَرْفُوعًا : "" الْوُضُوء مَرَّة مَرَّة وَثَلَاثًا , فَإِنْ نَقَصَ مِنْ وَاحِدَة أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَة فَقَدْ أَخْطَأَ "" وَهُوَ مُرْسَل لِأَنَّ الْمُطَّلِب تَابِعِيّ صَغِير وَرِجَاله ثِقَات فَفِيهِ بَيَان مَا أُجْمِلَ فِي حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب , وَأُجِيبَ عَنْ الْحَدِيث أَيْضًا بِأَنَّ الرُّوَاة لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى ذِكْر النَّقْص فِيهِ , بَلْ أَكْثَرُهُمْ يَقْتَصِر عَلَى قَوْله : فَمَنْ زَادَ فَقَطْ , وَلِذَا ذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء بِتَضْعِيفِ هَذَا اللَّفْظ فِي قَوْله أَوْ نَقَصَ. قَالَ اِبْن حَجَر وَالْقَسْطَلَانِيّ عَدَّهُ مُسْلِم فِي جُمْلَة مَا أَنْكَرُوهُ عَلَى عَمْرو بْن شُعَيْب , لِأَنَّ ظَاهِره ذَمّ النَّقْص عَنْ الثَّلَاثَة , وَالنَّقْص عَنْهَا جَائِز , وَفَعَلَهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ يُعَبَّر عَنْهُ بِأَسَاءَ وَظَلَمَ. قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ اِبْن الْمَوَّاق : إِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظ شَكًّا مِنْ الرَّاوِي فَهُوَ مِنْ الْأَوْهَام الْبَيِّنَة الَّتِي لَا خَفَاء لَهَا , إِذْ الْوُضُوء مَرَّة وَمَرَّتَيْنِ لَا خِلَاف فِي جَوَازه , وَالْآثَار بِذَلِكَ صَحِيحَة , وَالْوَهْم فِيهِ مِنْ أَبِي عَوَانَة , وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّقَات , فَإِنَّ الْوَهْم لَا يَسْلَم مِنْهُ بَشَر إِلَّا مَنْ عُصِمَ , وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة أَحْمَد وَالنَّسَائِيِّ وَابْن مَاجَهْ وَكَذَا اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه , وَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ , وَلَمْ يَذْكُرُوا أَوْ نَقَصَ فَقَوِيَ بِذَلِكَ أَنَّهَا شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي أَوْ وَهْم. قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ نَقَصَ بَعْض الْأَعْضَاء فَلَمْ يَغْسِلهَا بِالْكُلِّيَّةِ , وَزَادَ أَعْضَاء أُخَر لَمْ يُشْرَع غَسْلهَا , وَهَذَا عِنْدِي أَرْجَحُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر فِي مَسْح رَأْسه وَأُذُنَيْهِ تَثْلِيثًا. اِنْتَهَى. قَالَ الزُّرْقَانِيّ : وَمِنْ الْغَرَائِب مَا حَكَاهُ أَبُو حَامِد الْإِسْفَرَايِنِيّ عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّهُ لَا يَجُوز النَّقْص عَنْ الثَّلَاث كَأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَدِيث الْمَذْكُور وَهُوَ الْمَحْجُوج بِالْإِجْمَاعِ. وَحَكَى الدَّارِمِيُّ عَنْ قَوْم أَنَّ الزِّيَادَة عَلَى الثَّلَاث تُبْطِل الْوُضُوء كَالزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاة وَهُوَ قِيَاس فَاسِد. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاق وَغَيْرهمَا : لَا تَجُوز الزِّيَادَة عَلَى الثَّلَاث. وَقَالَ اِبْن الْمُبَارَك : لَا آمَن أَنْ يَأْثَم مَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاث. ( أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ ) : هَذَا شَكّ مِنْ الرَّاوِي. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. وَعَمْرو بْن شُعَيْب تَرَكَ الِاحْتِجَاج بِحَدِيثِهِ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة وَوَثَّقَهُ بَعْضهمْ. اِنْتَهَى.



