المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (113)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (113)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا وَقَالَ مُسَدَّدٌ مَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ حَتَّى أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ أُذُنَيْهِ قَالَ مُسَدَّدٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ يَحْيَى فَأَنْكَرَهُ قَالَ أَبُو دَاوُد و سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ إِيشْ هَذَا طَلْحَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
( عَنْ لَيْث ) : هُوَ اِبْن سُلَيْمٍ الْقُرَشِيّ الْكُوفِيّ رَوَى عَنْ عِكْرِمَة وَغَيْره , وَعَنْهُ شُعْبَة وَالثَّوْرِيُّ وَمَعْمَر. قَالَ أَحْمَدُ : مُضْطَرِب الْحَدِيث , وَقَالَ الْفُضَيْل بْن عِيَاض : لَيْثٌ أَعْلَمُ أَهْل الْكُوفَة بِالْمَنَاسِكِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَة. وَقَالَ الْحَافِظ قَالَ اِبْن حِبَّان يَقْلِبُ الْأَسَانِيد وَيَرْفَع الْمَرَاسِيل , وَيَأْتِي عَنْ الثِّقَات بِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثهمْ , تَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّان وَابْن مَهْدِيّ وَابْن مَعِين وَأَحْمَد بْن حَنْبَل. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء : اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى ضَعْفه ( عَنْ أَبِيهِ ) : أَيْ مُصَرِّف بْن عَمْرو بْن كَعْب قَالَ اِبْن الْقَطَّان : مُصَرِّف بْن عَمْرو وَالِد طَلْحَة مَجْهُول ذَكَرَهُ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص وَمِثْله فِي التَّقْرِيب ( الْقَذَال ) : بِفَتْحِ الْقَاف وَالذَّال الْمُعْجَمَة كَسَحَابِ : هُوَ مُؤَخَّر الرَّأْس , وَجَمْعه قُذُل كَكُتُبٍ وَأَقْذِلَة كَأَغْلِمَة. وَلَفْظ أَحْمَد فِي مُسْنَده أَنَّهُ رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَح رَأْسه حَتَّى بَلَغَ الْقَذَال وَمَا يَلِيه مِنْ مُقَدَّم الْعُنُق , وَلَفْظ اِبْن سَعْد : وَجَرَّ يَدَيْهِ إِلَى قَفَاهُ ( وَهُوَ ) : أَيْ الْقَذَال ( أَوَّل الْقَفَا ) : وَهَذَا تَفْسِير مِنْ أَحَد الرُّوَاة. وَالْقَفَا بِفَتْحِ الْقَاف مَقْصُور هُوَ مُؤَخَّر الْعُنُق. كَذَا فِي الْمِصْبَاح. وَفِي الْمُحْكَم وَرَاء الْعُنُق يُذَكَّر وَيُؤَنَّث. وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ فِي شَرْح مَعَانِي الْآثَار : مَسَحَ مُقَدَّم رَأْسه حَتَّى بَلَغَ الْقَذَال مِنْ مُقَدَّم عُنُقه. وَحَاصِل الْكَلَام أَنَّ الْقَذَال هُوَ مُؤَخَّر الرَّأْس وَأَوَّل الْقَفَا هُوَ مُؤَخَّر الرَّأْس أَيْضًا لِأَنَّ الْقَفَا بِغَيْرِ إِضَافَة لَفْظِ "" أَوَّل "" هُوَ مُؤَخَّر الْعُنُق , فَابْتِدَاء الْعُنُق هُوَ مُؤَخَّر الرَّأْس. فَالْمَعْنَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسه مَرَّة مِنْ مُقَدَّم الرَّأْس إِلَى مُنْتَهَاهُ ( وَقَالَ مُسَدَّد ) : فِي رِوَايَته ( مَسَحَ رَأْسه مِنْ مُقَدَّمه إِلَى مُؤَخَّره حَتَّى أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْت أُذُنَيْهِ ) : وَجَانِب الْأُذُن الَّذِي يَلِي الرَّأْس الْمُعَبَّر بِظَاهِرِ الْأُذُن هُوَ تَحْتهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَانِب الْأُذُن الَّذِي يَلِي الْوَجْه الْمُعَبَّر بِبَاطِنِ الْأُذُن. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَسَحَ إِلَى مُؤَخَّر الرَّأْس حَتَّى مَرَّتْ يَدَاهُ عَلَى ظَاهِر الْأُذُنَيْنِ وَمَا اِنْفَصَلَتَا عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِع إِلَّا بَعْد مُرُورهمَا عَلَى ظَاهِرهمَا. قُلْت : وَالْحَدِيث مَعَ ضَعْفه لَا يَدُلّ عَلَى اِسْتِحْبَاب مَسْح الرَّقَبَة لِأَنَّ فِيهِ مَسْح الرَّأْس مِنْ مُقَدَّمه إِلَى مُؤَخَّر الرَّأْس أَوْ إِلَى مُؤَخَّر الْعُنُق عَلَى اِخْتِلَاف الرِّوَايَات , وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ كَلَام , إِنَّمَا الْكَلَام فِي مَسْح الرَّقَبَة الْمُعْتَاد بَيْن النَّاس أَنَّهُمْ يَمْسَحُونَ الرَّقَبَة بِظُهُورِ الْأَصَابِع بَعْد فَرَاغهمْ عَنْ مَسْح الرَّأْس , وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّة لَمْ تَثْبُت فِي مَسْح الرَّقَبَة , لَا مِنْ الْحَدِيث الصَّحِيح وَلَا مِنْ الْحَسَن , بَلْ مَا رُوِيَ فِي مَسْح الرَّقَبَة كُلّهَا ضِعَاف كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء , فَلَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهَا. وَمَا نَقَلَ الشَّيْخ اِبْن الْهَمَّام مِنْ حَدِيث وَائِل بْن حُجْرٍ فِي صِفَة وُضُوء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" ثُمَّ مَسَحَ عَلَى رَأْسه ثَلَاثًا وَظَاهِر أُذُنَيْهِ ثَلَاثًا وَظَاهِر رَقَبَته "" الْحَدِيث. وَنَسَبَهُ إِلَى التِّرْمِذِيّ فَهُوَ وَهْم مِنْهُ , لِأَنَّ الْحَدِيث لَيْسَ لَهُ وُجُود فِي التِّرْمِذِيّ ( فَحَدَّثْت بِهِ ) : أَيْ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور ( يَحْيَى ) : بْن سَعِيد الْقَطَّان كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ ( فَأَنْكَرَهُ ) : أَيْ الْحَدِيث مِنْ جِهَة جَهَالَة مُصَرِّف , أَوْ أَنْ يَكُون لِجَدِّ طَلْحَة صُحْبَة , وَلِذَا قَالَ عَبْد الْحَقّ : هُوَ إِسْنَاد لَا أَعْرِفهُ. وَقَالَ النَّوَوِيّ : طَلْحَة بْن مُصَرِّف أَحَد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام تَابِعِيّ اِحْتَجَّ بِهِ السِّتَّة وَأَبُوهُ وَجَدّه لَا يُعْرَفَانِ. قَالَهُ السُّيُوطِيُّ , لَكِنَّ يَحْيَى بْن مَعِين فِي رِوَايَة الدَّوْرِيّ , وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ وَابْن أَبِي حَاتِم وَأَبَا دَاوُدَ أَثْبَتُوا صُحْبَة لِعَمْرِو بْن كَعْب جَدّ طَلْحَة ( زَعَمُوا ) : أَيْ قَالُوا أَيْ قَالَ النَّاس ( أَنَّهُ ) : أَيْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ( كَانَ يُنْكِرهُ ) : أَيْ الْحَدِيث. وَالْعِبَارَة فِيهَا تَقْدِيم وَتَأْخِير أَيْ يَقُول أَحْمَد بْن حَنْبَل زَعَمَ النَّاس أَنَّ اِبْن عُيَيْنَةَ يُنْكِر هَذَا الْحَدِيث ( وَيَقُول ) : سُفْيَان ( أَيْشِ هَذَا ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَسُكُون الْيَاء وَكَسْر الشِّين الْمُعْجَمَة مَعْنَاهُ أَيُّ شَيْء هَذَا وَهُوَ اِسْتِفْهَام إِنْكَارِيّ أَيْ لَا شَيْء هَذَا الْحَدِيث. وَفِي الْمِصْبَاح وَفِي "" أَيّ شَيْء "" خُفِّفَتْ الْيَاء وَحُذِفَتْ الْهَمْزَة تَخْفِيفًا وَجُعِلَا كَلِمَةً وَاحِدَةً , فَقَالُوا أَيْشِ. قَالَهُ الْفَارَابِيّ. اِنْتَهَى كَلَامه ( طَلْحَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه ) : هَذَا تَعْلِيل لِلْإِنْكَارِ , أَيْ لَا شَيْء هَذَا الْحَدِيث إِنَّمَا يَرْوِي طَلْحَة مِنْ مُصَرِّف بْن عَمْرو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَمْرو بْن كَعْب , وَلَمْ يَثْبُت لِعَمْرٍو صُحْبَة.



