المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1128)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1128)]
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ عَنْ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا بِمَعْنَاهُ زَادَ ثُمَّ لِيُطَوِّلْ بَعْدُ مَا شَاءَ قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَة عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْقَفُوهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ أَوْقَفُوهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ فِيهِمَا تَجَوُّزٌ
( فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ) : هَذَا الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة اِفْتِتَاح صَلَاة اللَّيْل بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لِيَنْشَط بِهِمَا لِمَا بَعْدهمَا وَأَخْرَجَ مُسْلِم عَنْ عَائِشَة قَالَتْ "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْل لَيُصَلِّيَ اِفْتَتَحَ صَلَاته بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ "" وَالْجَمْع بَيْن رِوَايَات عَائِشَة الْمُخْتَلِفَة فِي حِكَايَتهَا لِصَلَاتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا ثَلَاث عَشْرَة تَارَة وَأَنَّهَا إِحْدَى عَشْرَة أُخْرَى بِأَنَّهَا ضَمَّتْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَتْ ثَلَاث عَشْرَة وَلَمْ تَضُمّهُمَا , فَقَالَتْ إِحْدَى عَشْرَة وَلَا مُنَافَاة بَيْن هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , وَبَيْن قَوْلهَا فِي صِفَة صَلَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَل عَنْ حُسْنهنَّ وَطُولهنَّ ; لِأنَّ الْمُرَاد صَلَّى أَرْبَعًا بَعْد هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَفِي رِوَايَة لِأَبِي دَاوُدَ مَوْقُوفَة ثُمَّ لِيُطَوِّل بَعْد مَا شَاءَ وَفِي أُخْرَى فِيهِمَا تَجَوُّز اِنْتَهَى. قَالَ فِي الْأَزْهَار : الْمُرَاد بِهِمَا رَكْعَتَا الْوُضُوء , وَيُسْتَحَبّ فِيهِمَا التَّخْفِيف لِوُرُودِ الرِّوَايَات بِتَخْفِيفِهِمَا قَوْلًا وَفِعْلًا , وَالْأَظْهَر أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ جُمْلَة التَّهَجُّد يَقُومَانِ مَقَام تَحِيَّة الْوُضُوء لِأَنَّ الْوُضُوء لَيْسَ لَهُ صَلَاة عَلَى حِدَة فَيَكُون فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَمْرًا يَشْرَع فِيهِ قَلِيلًا لِيَتَدَرَّج. قَالَ الطِّيبِيُّ لِيَحْصُل بِهِمَا نَشَاط الصَّلَاة وَيُعْتَاد بِهِمَا ثُمَّ يَزِيد عَلَيْهِمَا بَعْد ذَلِكَ. ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاة. ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : إِذًا بِمَعْنَاهُ ) : أَيْ إِذَا قَامَ أَحَدكُمْ مِنْ اللَّيْل ( وَزَادَ ) : هَذِهِ الْجُمْلَة ( ثُمَّ لِيُطَوِّل بَعْد ) : أَيْ بَعْد هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَقِيَّة صَلَاته ( عَنْ مُحَمَّد ) : بْن سِيرِينَ ( قَالَ فِيهِمَا ) : أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ( تَجَوُّز ) : أَيْ فِي الْقِرَاءَة وَالْحَاصِل أَنَّ سُلَيْمَان بْن حَيَّان رَوَى عَنْ هِشَام بْن حَسَّان عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة هَذَا الْحَدِيث مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَّا حَمَّاد بْن سَلَمَة وَزُهَيْر وَجَمَاعَة فَرَوَوْهُ عَنْ هِشَام بْن حَسَّان عَنْ اِبْن سِيرِينَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَة وَكَذَلِكَ رَوَى أَيُّوب وَابْن عَوْن هَذَا الْحَدِيث عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَة. فَسُلَيْمَان بْن حَيَّان تَفَرَّدَ بِرَفْعِ هَذَا الْحَدِيث , وَالْفَرْق بَيْن رِوَايَة اِبْن عَوْن وَأَيُّوب أَنَّ أَيُّوب قَالَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ , وَقَالَ اِبْن عَوْن فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزَ فِيهِمَا. قَالَ فِي غَايَة الْمَقْصُود : إِنَّ سُلَيْمَان بْن حَيَّان لَيْسَ بِمُنْفَرِدٍ عَنْ هِشَام بَلْ تَابَعَهُ مُحَمَّد بْن سَلَمَة الْحَرَّانِيّ قَالَ أَحْمَد فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَلَمَة عَنْ هِشَام عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" إِذَا قَامَ أَحَدكُمْ لِيُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ فَلْيَبْدَأْ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ "" اِنْتَهَى. "" 1602 "" ( أَيّ الْأَعْمَال أَفْضَل ؟ قَالَ : طُول الْقِيَام ) : قَالَ الشَّيْخ عِزّ الدِّين بْن عَبْد السَّلَام هَذَا مُشْكِل بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" أَقْرَب مَا يَكُون الْعَبْد مِنْ رَبّه وَهُوَ سَاجِد "" وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" وَأَمَّا السُّجُود فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاء , فَقَمِن أَنْ يُسْتَجَاب لَكُمْ "" لِأَنَّ قُرْب الْعَبْد مِنْ اللَّه تَعَالَى رَاجِع إِلَى إِحْسَان إِلَيْهِ , وَذَلِكَ بِكَثْرَةِ الثَّوَاب وَهَذَا مَعْنَى كَوْن طُول الْقِيَام أَفْضَل , وَلَا يُمْكِن أَنْ يَكُون فِي الصَّلَاة رُكْنَانِ كُلّ وَاحِد أَفْضَل الصَّلَاة , وَأَيْضًا فَإِنَّ السُّجُود أَفْضَل مِنْ الْقِيَام وَاجِبه وَنَفْله ; لِأنَّ الشَّرْع سَامَحَ فِي الْقِيَام فِي حَقّ الْمَسْبُوق وَلَمْ يُسَامِح فِي السُّجُود فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِب السُّجُود أَفْضَل مِنْ وَاجِب الْقِيَام وَآكَد , وَكُلّ مَا كَانَ وَاجِبه أَفْضَل كَانَ نَفْله أَفْضَل , فَيُرَجَّح فَرْض السُّجُود وَنَفْله عَلَى الْقِيَام. قَالَ وَالْجَوَاب أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَدِيثَيْنِ سُنَّة الْقِيَام وَسُنَّة السُّجُود , أَمَّا الْأَوَّل فَلِقَوْلِهِ وَطُول الْقِيَام , وَطُوله لَيْسَ وَاجِبًا بِالْإِجْمَاعِ , وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاء , وَالْوَاجِب مِنْ السُّجُود لَا يَسْعَ دُعَاء , فَالْمُرَاد بِالصَّلَاةِ فِي قَوْل السَّائِل أَيّ الصَّلَاة أَفْضَل الصَّلَاة لِأَنَّ الْأَلِف وَاللَّام لِلْعُمُومِ فَيَكُون التَّقْدِير أَيّ سُنَن الصَّلَاة أَفْضَل اِنْتَهَى. قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَالْإِشْكَال بَاقٍ.



