المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1111)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1111)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ
( يَعْقِد ) : بِكَسْرِ الْقَاف أَيْ يَشُدّ ( عَلَى قَافِيَة رَأْس أَحَدكُمْ ) : أَيْ قَفَاهُ وَمُؤَخَّره وَقِيلَ وَسَطه ( ثَلَاث عُقَد ) : جَمْع عُقْدَة وَالْمُرَاد بِهَا عُقَد الْكَسَل أَيْ يَحْمِلهُ الشَّيْطَان عَلَيْهِ قَالَهُ اِبْن الْمَلِك. قَالَ الطِّيبِيُّ : أَرَادَ تَثْقِيله وَإِطَالَته فَكَأَنَّهُ قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ شَدًّا وَعَقَدَهُ ثَلَاث عُقَد قَالَ الْبَيْضَاوِيّ : الْقَافِيَة الْقَفَا وَقَفَا كُلّ شَيْء وَقَافِيَته آخِره , وَعَقَدَ الشَّيْطَان عَلَى قَافِيَته اِسْتِعَارَة عَنْ تَسْوِيل الشَّيْطَان وَتَحْبِيبه النَّوْم إِلَيْهِ وَالدَّعَة وَالِاسْتِرَاحَة , وَالتَّقْيِيد بِالثَّلَاثِ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِأَنَّ الَّذِي يَنْحَلّ بِهِ عُقْدَته ثَلَاثَة أَشْيَاء الذِّكْر وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة , وَكَأَنَّ الشَّيْطَان مَنَعَهُ عَنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا بِعُقْدَةٍ عَقَدَهَا عَلَى قَافِيَته , وَلَعَلَّ تَخْصِيص الْقَفَا لِأَنَّهُ مَحَلّ الْوَاهِمَة وَمَحَلّ تَصَرُّفهَا وَهُوَ أَطْوَع الْقُوَى لِلشَّيْطَانِ وَأَسْرَعَ إِجَابَة لِدَعَوْته ( يَضْرِب ) : أَيْ بِيَدِهِ تَأْكِيدًا أَوْ إِحْكَامًا ( مَكَان كُلّ عُقْدَة ) : قِيلَ مَعْنَى يَضْرِب يَحْجُب الْحِسّ عَنْ النَّائِم حَتَّى لَا يَسْتَيْقِظ. قَالَ مَيْرك : وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْعَقْد فَقِيلَ عَلَى الْحَقِيقَة كَمَا يَعْقِد السَّاحِر مَنْ يَسْحَرهُ , وَيُؤَيِّدهُ مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث "" إِنَّ عَلَى رَأْس كُلّ آدَمِيّ حَبْلًا فِيهِ ثَلَاث عُقَد "" وَذَلِكَ عِنْد اِبْن مَاجَهْ وَنَحْوه لِأَحْمَد وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان. وَقِيل عَلَى الْمَجَاز كَأَنَّهُ شَبَّهَ فِعْل الشَّيْطَان بِالنَّائِمِ مِنْ مَنْعه مِنْ الذِّكْر وَالصَّلَاة بِفِعْلِ السَّاحِر بِالْمَسْحُورِ مِنْ مَنْعه عَنْ مُرَاده ( عَلَيْك لَيْل طَوِيل ) : وَهَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع رِوَايَات لَيْل بِالرَّفْعِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض رِوَايَة الْأَكْثَر عَنْ مُسْلِم بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاء. وَقَالَ الطِّيبِيُّ عَلَيْك لَيْل طَوِيل مَعَ مَا بَعْده أَيْ قَوْله ( فَارْقُدْ ) : مَفْعُول لِلْقَوْلِ الْمَحْذُوف أَيْ يُلْقِي الشَّيْطَان عَلَى كُلّ عُقْدَة يَعْقِدهَا هَذَا الْقَوْل وَهُوَ عَلَيْك لَيْل طَوِيل ( فَإِنْ اِسْتَيْقَظَ ) : أَيْ مِنْ نَوْم الْغَفْلَة ( فَذَكَرَ اللَّه ) : بِقَلْبِهِ أَوْ لِسَانه ( اِنْحَلَّتْ ) : أَيْ اِنْفَتَحَتْ ( عُقْدَة ) : أَيْ عُقْدَة الْغَفْلَة ( فَإِنْ تَوَضَّأَ اِنْحَلَّتْ عُقْدَة ) : أَيْ عُقْدَة النَّجَاسَة ( فَإِنْ صَلَّى اِنْحَلَّتْ عُقْدَة ) : أَيْ عُقْدَة الْكَسَالَة وَالْبَطَالَة. قَاَلْ الْحَافِظ اِبْن حَجَر : وَقَعَ بِلَفْظِ الْجَمْع أَيْ عُقْدَة بِغَيْرِ اِخْتِلَاف فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ , وَفِي الْمُوَطَّأ بِلَفْظِ الْإِفْرَاد ( فَأَصْبَحَ ) : أَيْ دَخَلَ فِي الصَّبَاح أَوْ صَارَ ( نَشِيطًا ) : أَيْ لِلْعِبَادَةِ ( طَيِّب النَّفْس ) : أَيْ ذَات فَرَح لِأَنَّهُ تَخَلَّصَ عَنْ وِثَاق الشَّيْطَان وَتَخَفَّفَ عَنْهُ أَعْبَاء الْغَفْلَة وَالنِّسْيَان وَحَصَلَ لَهُ رِضَا الرَّحْمَن ( وَإِلَّا ) : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَل كَذَلِكَ بَلْ أَطَاعَ الشَّيْطَان وَنَامَ حَتَّى تَفُوتهُ صَلَاة الصُّبْح. ذَكَرَهُ مَيْرك وَالظَّاهِر حَتَّى تَفُوتهُ صَلَاة التَّهَجُّد ( أَصْبَحَ خَبِيث النَّفْس ) : مَحْزُون الْقَلْب كَثِير الْهَمّ مُتَحَيِّرًا فِي أَمْره ( كَسْلَان ) : كَذَا فِي النُّسَخ وَفِي بَعْضهَا كَسْلَانًا أَيْ لَا يَحْصُل مُرَاده فِيمَا يَقْصِدهُ مِنْ أُمُوره لِأَنَّهُ مُقَيَّد بِقَيْدِ الشَّيْطَان وَمُبْعَد عَنْ قُرْب الرَّحْمَن. ذَكَرَهُ عَلِيّ الْقَارِي. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ.



