المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1085)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1085)]
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَصَلِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَتَرْتَفِعَ قِيسَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ ثُمَّ صَلِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ ثُمَّ أَقْصِرْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا فَإِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ وَقَصَّ حَدِيثًا طَوِيلًا قَالَ الْعَبَّاسُ هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ إِلَّا أَنْ أُخْطِئَ شَيْئًا لَا أُرِيدُهُ فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
( عَنْ عَمْرو بْن عَبَسَةَ ) : بِالْحَرَكَاتِ ( أَيّ اللَّيْل أَسْمَع ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد أَنَّ أَيّ أَوْقَات اللَّيْل أَرْجَى لِلدَّعْوَةِ وَأَوْلَى لِلِاسْتِجَابَةِ ( قَالَ جَوْف اللَّيْل الْآخِر ) : أَيْ ثُلُث اللَّيْل الْآخِر وَهُوَ الْجُزْء الْخَامِس مِنْ أَسْدَاس اللَّيْل ( فَإِنَّ الصَّلَاة مَشْهُودَة ) أَيْ تَشْهَدهَا الْمَلَائِكَة وَتَكْتُب أَجْر الْمُصَلِّينَ ( ثُمَّ أَقْصِرْ ) : أَيْ انْتَهِ عَنْ الصَّلَاة وَكُفَّ عَنْهَا ( فَتَرْتَفِع ) : فِيهِ أَنَّ النَّهْي عَنْ الصَّلَاة بَعْد الصُّبْح لَا يَزُول بِنَفْسِ طُلُوع الشَّمْس بَلْ لَا بُدّ مِنْ الِارْتِفَاع. وَقَدْ وَقَعَ عِنْد الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث عُمَر بِلَفْظِ "" حَتَّى تَشْرُق الشَّمْس "" وَالْإِشْرَاق الْإِضَاءَة. وَفِي حَدِيث عُقْبَة عِنْد مُسْلِم وَأَصْحَاب السُّنَن "" حَتَّى تَشْرُق الشَّمْس بَازِغَة "" وَذَلِكَ يُبَيِّن أَنَّ الْمُرَاد بِالطُّلُوعِ الِارْتِفَاع وَالْإِضَاءَة لَا مُجَرَّد الظُّهُور. ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاض. قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ مُتَعَيِّن لَا عُدُول عَنْهُ لِلْجَمْعِ بَيْن الرِّوَايَات ( قِيسَ رُمْح ) : بِكَسْرِ الْقَاف أَيْ قَدْر رُمْح فِي رَأْي الْعَيْن. قَالَ فِي النِّهَايَة الْقِيس وَالْقِيد سَوَاء أَيْ الْقَدْر ( فَإِنَّهَا ) : أَيْ الشَّمْس ( تَطْلُع بَيْن قَرْنَيْ شَيْطَان ) : قَالَ النَّوَوِيّ : قِيلَ الْمُرَاد بِقَرْنَيْ الشَّيْطَان حِزْبه وَأَتْبَاعه وَقِيلَ غَلَبَة أَتْبَاعه وَانْتِشَار فَسَاده وَقِيلَ الْقَرْنَانِ نَاحِيَتَا الرَّأْس وَأَنَّهُ عَلَى ظَاهِره , قَالَ وَهَذَا الْأَقْوَى وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدْنِي رَأْسه إِلَى الشَّمْس فِي هَذِهِ الْأَوْقَات لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا مِنْ الْكُفَّار كَالسَّاجِدِينَ لَهُ فِي الصُّورَة , وَحِينَئِذٍ يَكُون لَهُ وَلِشِيعَتِهِ تَسَلُّط ظَاهِر وَتَمَكُّن مِنْ أَنْ يُلْبِسُوا عَلَى الْمُصَلِّينَ صَلَاتهمْ فَكُرِهَتْ الصَّلَاة حِينَئِذٍ صِيَانَة لَهَا كَمَا كُرِهَتْ فِي الْأَمَاكِن الَّتِي هِيَ مَأْوَى الشَّيْطَان ( وَيُصَلِّي لَهَا ) : أَيْ لِلشَّمْسِ ( الْكُفَّار ) : وَعِنْد مُسْلِم وَأَحْمَد "" وَحِينَئِذٍ يَسْجُد لَهَا الْكُفَّار "" ( ثُمَّ ) : أَيْ بَعْد اِرْتِفَاعهَا قَدْر رُمْح ( مَشْهُودَة مَكْتُوبَة ) : أَيْ تَشْهَدهَا الْمَلَائِكَة وَيَحْضُرُونَهَا وَتَكْتُب أَجْرهَا وَذَلِكَ أَقْرَب إِلَى الْقَبُول وَحُصُول الرَّحْمَة ( حَتَّى يَعْدِل الرُّمْح ظِلّه ) : وَلَفْظ مُسْلِم "" حَتَّى يَسْتَقِلّ الظِّلّ بِالرُّمْحِ "" قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقُوم مُقَابِله فِي الشِّمَال لَيْسَ مَائِلًا إِلَى الْمَشْرِق وَلَا إِلَى الْمَغْرِب وَهَذَا حَالَة الِاسْتِوَاء اِنْتَهَى. وَالْمُرَاد أَنَّهُ يَكُون الظِّلّ فِي جَانِب الرُّمْح وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْأَرْض مِنْ ظِلّه شَيْء , وَهَذَا يَكُون فِي بَعْض أَيَّام السُّنَّة وَيُقَدَّر فِي سَائِر الْأَيَّام عَلَيْهِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ إِذَا قَامَتْ الشَّمْس قَبْل أَنْ تَزُول وَإِذَا تَنَاهَى قَصْر الظِّلّ فَهُوَ وَقْت اِعْتِدَاله فَإِذَا أَخَذَ فِي الزِّيَادَة فَهُوَ وَقْت الزَّوَال ( فَإِنَّ جَهَنَّم تُسْجَر ) : بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة وَالْجِيم وَالرَّاء أَيْ يُوقَد عَلَيْهَا إِيقَادًا بَلِيغًا. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ ذَكَرَ تَسْجِير جَهَنَّم وَكَوْن الشَّمْس بَيْن قَرْنَيْ الشَّيْطَان وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي تُذْكَر عَلَى سَبِيل التَّعْلِيل لِتَحْرِيمِ شَيْء أَوْ لِنَهْيٍ عَنْ شَيْء مِنْ أُمُور لَا تُدْرَك مَعَانِيهَا مِنْ طَرِيق الْحِسّ وَالْعِيَان وَإِنَّمَا يَجِب عَلَيْنَا الْإِيمَان بِهَا ( حَتَّى تُصَلِّي الْعَصْر ) : قَالَ فِي النَّيْل : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ وَقْت النَّهْي لَا يَدْخُل بِدُخُولِ وَقْت الْعَصْر وَلَا بِصَلَاةِ غَيْر الْمُصَلِّي قَائِمًا يُكْرَه لِكُلِّ إِنْسَان بَعْد صَلَاته نَفْسه حَتَّى لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّل الْوَقْت لَمْ يُكْرَه التَّنَقُّل قَبْلهَا اِنْتَهَى. قُلْت : هَذَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ الْحَدِيث , وَحَمَلَهُ الْآخَرُونَ عَلَى وَقْت الْغُرُوب وَعَلَى وَقْت الطُّلُوع كَمَا تَقَدَّمَ ( لَا أُرِيدهُ ) : أَيْ يَكُون ذَلِكَ الْخَطَأ مِنِّي بِلَا اِخْتِيَار وَتَعَمُّد قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مُخْتَصَرًا بِمَعْنَاهُ وَقَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه. هَذَا آخِر كَلَامه وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم طَرَفًا مِنْهُ فِي أَثْنَاء الْحَدِيث الطَّوِيل.



