المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1058)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1058)]
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ فَقَالَ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرْ الصَّلَاةَ فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ قَالَ إِنِّي لَفِي ذَاكَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ
( عَنْ اِبْن عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس ) : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هَذَا هُوَ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن سَلَمَة الْحَرَّانِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق اِنْتَهَى. وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيّ وَحُسْن إِسْنَاده الْحَافِظ فِي الْفَتْح وَالْحَدِيث اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الصَّلَاة عِنْد شِدَّة الْخَوْف بِالْإِيمَاءِ , وَهَذَا الِاسْتِدْلَال صَحِيح لَا شَكّ فِيهِ ; لِأنَّ عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ زَمَان نُزُول الْوَحْي , وَمُحَال أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطَّلِع عَلَيْهِ , وَفِعْل الصَّحَابِيّ أَيْضًا حُجَّة مَا لَمْ يُعَارِضهُ حَدِيث مَرْفُوع. كَذَا فِي الْغَايَة. قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : كُلّ مَنْ أَحْفَظ عَنْهُ الْعِلْم يَقُول إِنَّ الْمَطْلُوب يُصَلِّي عَلَى دَابَّته يُومِئ إِيمَاء وَإِنْ كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ. قَالَ الشَّافِعِيّ إِلَّا أَنْ يَنْقَطِع عَنْ أَصْحَابه فَيَخَاف عَوْد الْمَطْلُوب عَلَيْهِ فَيُجْزِئهُ ذَلِكَ , وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الطَّالِب فِيهِ التَّفْصِيل بِخِلَافِ الْمَطْلُوب , وَوَجْه الْفَرْق أَنَّ شِدَّة الْخَوْف فِي الْمَطْلُوب ظَاهِرَة لِتَحَقُّقِ السَّبَب الْمُقْتَضِي لَهَا , وَأَمَّا الطَّالِب فَلَا يَخَاف اِسْتِيلَاء الْعَدُوّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَخَاف أَنْ يَفُوتهُ الْعَدُوّ. قَالَ فِي الْفَتْح : وَمَا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر مُتَعَقَّب بِكَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِشِدَّةِ الْخَوْف وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَالِبًا مِنْ مَطْلُوب وَبِهِ قَالَ اِبْن حَبِيب مِنْ الْمَالِكِيَّة , وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاق الْفَزَارِيُّ فِي كِتَاب السُّنَن لَهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا خَافَ الطَّالِبُونَ إِنْ نَزَلُوا الْأَرْض فَوَّتَ الْعَدُوّ وَصَلُّوا حَيْثُ وُجِّهُوا عَلَى كُلّ حَال , وَالظَّاهِر أَنَّ مَرْجِع هَذَا الْخِلَاف إِلَى الْخَوْف الْمَذْكُور فِي الْآيَة , فَمَنْ قَيَّدَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْس وَالْمَال مِنْ الْعَدُوّ فَرَّقَ بَيْن الطَّالِب وَالْمَطْلُوب , وَمَنْ جَعَلَهُ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُفَرِّق بَيْنهمَا وَجَوَّزَ الصَّلَاة الْمَذْكُورَة لِلرَّاجِلِ وَالرَّاكِب عِنْد حُصُول أَيّ خَوْف قَالَهُ فِي شَرْح الْمُنْتَقَى. وَقَالَ فِي عُمْدَة الْقَارِي : وَمَذَاهِب الْفُقَهَاء فِي هَذَا الْبَاب فَعِنْد أَبِي حَنِيفَة إِذَا كَانَ الرَّجُل مَطْلُوبًا فَلَا بَأْس بِصَلَاتِهِ سَائِرًا وَإِنْ كَانَ طَالِبًا فَلَا , وَقَالَ مَالِك وَجَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه هُمَا سَوَاء كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّته وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ فِي آخَرِينَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة وَهُوَ قَوْل عَطَاء وَالْحَسَن وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي ثَوْر. وَعَنْ الشَّافِعِيّ إِنْ خَافَ الطَّالِب فَوْتَ الْمَطْلُوب أَوْمَأَ وَإِلَّا فَلَا اِنْتَهَى ( عُرَنَة ) : بِضَمِّ الْعَيْن وَفَتْح الرَّاء وَالنُّون وَادٍ بِحِذَاءِ عَرَفَات ( فَاقْتُلْهُ ) : أَيْ خَالِد بْن سُفْيَان ( أَنْ يَكُون بَيْنِي وَبَيْنه ) : أَيْ خَالِد ( مَا ) : مَوْصُولَة أَيْ الْقِتَال وَالْحَرْب أَوْ الْكَيْد وَالْمَكْر ( إِنْ أُؤَخِّر الصَّلَاة ) : وَلَفْظ أَحْمَد أَنْ يَكُون بَيْنِي وَبَيْنه مَا يُؤَخِّر الصَّلَاة ( نَحْوه ) : أَيْ نَحْو عُرَنَة فَكَانَ الِاسْتِقْبَال إِلَى غَيْر الْقِبْلَة ( قَالَ ) : خَالِد ( إِنَّك تَجْمَع ) : الْعَسَاكِر ( لِهَذَا الرَّجُل ) : أَيْ لِقِتَالِهِ يَعْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِي ذَاكَ ) : الْأَمْر. وَهَذَا الْكَلَام ذُو الْمَعْنَيَيْنِ , وَلَقَدْ صَدَقَ عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس فِيمَا عَنَى بِهِ وَمَا اِطَّلَعَ عَدُوّ اللَّه خَالِد عَلَى هَذِهِ التَّوْرِيَة ( لَفِي ذَاكَ ) : أَيْ فِي جَمْع الْعَسَاكِر ( فَمَشَيْت مَعَهُ سَاعَة ) : لِأَجْلِ التَّمْكِين وَالْقُدْرَة عَلَيْهِ ( حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي ) : أَيْ سَهُلَ وَتَيَسَّرَ لِي أَمْر الْمُخَادَعَة ( حَتَّى بَرَدَ ) : أَيْ مَاتَ.



