المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1034)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1034)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقٍ قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قُلْتُ يُسَبِّحُونَ قَالَ لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا أَتْمَمْتُ صَلَاتِي يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَصَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }
( يُسَبِّحُونَ ) : أَيْ يُصَلُّونَ النَّافِلَة ( وَلَوْ كُنْت مُسَبِّحًا ) : قَالَ النَّوَوِيّ : الْمُسَبِّح هَاهُنَا الْمُتَنَفِّل بِالصَّلَاةِ , وَالسُّبْحَة هُنَا صَلَاة النَّفْل , مَعْنَاهُ لَوْ اِخْتَرْت التَّنَفُّل لَكَانَ إِتْمَام فَرِيضَتِي أَرْبَعًا أَحَبّ إِلَيَّ وَلَكِنِّي لَا أَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا , بَلْ السُّنَّة الْقَصْر وَتَرْك التَّنَفُّل , وَمُرَاده النَّافِلَة الرَّاتِبَة مَعَ الْفَرَائِض كَسُنَّةِ الظُّهْر وَالْعَصْر وَغَيْرهَا مِنْ الْمَكْتُوبَات , وَأَمَّا النَّوَافِل الْمُطْلَقَة فَقَدْ كَانَ اِبْن عُمَر يَفْعَلهَا فِي السَّفَر , وَرَوَى هُوَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلهَا كَمَا ثَبَتَ فِي مَوَاضِع مِنْ الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ , وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب النَّوَافِل الْمُطْلَقَة فِي السَّفَر , وَاخْتَلَفُوا فِي اِسْتِحْبَاب النَّوَافِل الرَّاتِبَة , فَتَرَكَهَا اِبْن عُمَر وَآخَرُونَ وَاسْتَحَبَّهَا الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَالْجُمْهُور , وَدَلِيله الْأَحَادِيث الْعَامَّة فِي نَدْب الرَّوَاتِب , وَحَدِيث صَلَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى يَوْم الْفَتْح بِمَكَّة , وَرَكْعَتَيْ الصُّبْح حِين نَامُوا وَأَحَادِيث أُخَر صَحِيحَة. وَلَعَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الرَّوَاتِب فِي رَحْله وَلَا يَرَاهُ اِبْن عُمَر فَإِنَّ النَّافِلَة فِي الْبَيْت أَفْضَل وَلَعَلَّهُ تَرَكَهَا فِي بَعْض الْأَوْقَات تَنْبِيهًا عَلَى جَوَاز تَرْكهَا ( وَصَحِبْت عُثْمَان ) : وَذَكَرَ مُسْلِم فِي حَدِيث اِبْن عُمَر قَالَ وَمَعَ عُثْمَان صَدْرًا مِنْ خِلَافَته ثُمَّ أَتَمَّهَا , وَفِي رِوَايَة ثَمَان سِنِينَ أَوْ سِتّ سِنِينَ , وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور أَنَّ عُثْمَان أَتَمّ بَعْد سِتّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَته , وَتَأَوَّلَ الْعُلَمَاء هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ عُثْمَان لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّه فِي غَيْر مِنَى , وَالرِّوَايَات الْمَشْهُورَة بِإِتْمَامِ عُثْمَان بَعْد صَدْر مِنْ خِلَافَته مَحْمُولَة عَلَى الْإِتْمَام بِمِنًى خَاصَّة , وَقَدْ فَسَّرَ عِمْرَان بْن الْحُصَيْن فِي رِوَايَته أَنَّ إِتْمَام عُثْمَان إِنَّمَا كَانَ بِمِنًى وَكَذَا ظَاهِر الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَصْر مَشْرُوع بِعَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَة وَمِنًى لِلْحَاجِّ مِنْ غَيْر أَهْل مَكَّة وَمَا قَرُبَ مِنْهَا وَلَا يَجُوز لِأَهْلِ مَكَّة وَمَنْ كَانَ دُون مَسَافَة الْقَصْر. هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَالْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ مَالِك يَقْصُر أَهْل مَكَّة وَمِنًى وَمُزْدَلِفَة وَعَرَفَات , فِعْلَة الْقَصْر عِنْده فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع النُّسُك , وَعِنْد الْجُمْهُور عِلَّته السَّفَر وَاَللَّه أَعْلَم. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا.


