المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1013)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (1013)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ
( قَالَتْ فُرِضَتْ الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ ) إِلَخْ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْقَصْر فِي السَّفَر , فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك بْن أَنَس وَأَكْثَر الْعُلَمَاء : يَجُوز الْقَصْر وَالْإِتْمَام وَالْقَصْر أَفْضَل , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَكَثِيرُونَ : الْقَصْر وَاجِب وَلَا يَجُوز الْإِتْمَام وَيَحْتَجُّونَ بِأَنَّ أَكْثَر فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه كَانَ الْقَصْر , وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَة فِي صَحِيح مُسْلِم وَغَيْره أَنَّ الصَّحَابَة كَانُوا يُسَافِرُونَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمِنْهُمْ الْقَاصِر وَمِنْهُمْ الْمُتِمّ , وَمِنْهُمْ الصَّائِم وَمِنْهُمْ الْمُفْطِر , لَا يَعِيب بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَبِأَنَّ عُثْمَان كَانَ يُتِمّ وَكَذَلِكَ عَائِشَة وَغَيْرهَا , وَهُوَ ظَاهِر قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْع الْجُنَاح وَالْإِبَاحَة. وَأَمَّا حَدِيث "" فُرِضَتْ الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ "" فَمَعْنَاهُ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِمَا , فَزِيدَ فِي صَلَاة الْحَضَر رَكْعَتَانِ عَلَى سَبِيل التَّحَتُّم أُقِرَّتْ صَلَاة السَّفَر عَلَى جَوَاز الِاقْتِصَار وَثَبَتَتْ دَلَائِل جَوَاز الْإِتْمَام فَوَجَبَ الْمَصِير إِلَيْهَا وَالْجَمْع بَيْن دَلَائِل الشَّرْع. ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا قَوْل عَائِشَة عَنْ نَفْسهَا وَلَيْسَتْ بِرِوَايَةٍ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِحِكَايَةٍ عَنْ قَوْله , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْل ذَلِكَ عَنْ قَوْله , فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْأَمْر فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَاهُ لِأَنَّهُمَا فَقِيهَانِ عَالِمَانِ وَقَدْ شَهِدَا زَمَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَهِدَا أَوَّل زَمَان الشَّرِيعَة وَقْت إِنْشَاء فَرْض الصَّلَاة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ الصَّلَاة فُرِضَتْ عَلَيْهِ بِمَكَّة وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَة عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ , وَلَمْ يَكُنْ اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ الزَّمَان فِي سِنّ مَنْ يَعْقِل الْأُمُور وَيَعْرِف حَقَائِقهَا , وَلَا يَبْعُد أَنْ يَكُون قَدْ أَخَذَ هَذَا الْكَلَام عَنْ عَائِشَة فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَل ذَلِكَ كَثِيرًا فِي حَدِيثه , وَإِذَا فَتَّشْت عَنْ أَكْثَر مَا يَرْوِيه كَانَ ذَلِكَ سَمَاعًا عَنْ أَكْثَر الصَّحَابَة , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ عَائِشَة نَفْسهَا قَدْ ثَبَتَ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمّ فِي السَّفَر وَتُصَلِّي أَرْبَعًا. اِنْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ.


