موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (56)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (56)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏لَيْثٌ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي الْخَيْرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏ ‏أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ ‏ ‏تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ‏


‏ ‏فِيهِ : ( عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَام خَيْرٌ ؟ قَالَ : "" تُطْعِم الطَّعَام وَتَقْرَأ السَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَة ( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانه وَيَده ) , وَفِي رِوَايَة جَابِر ( الْمُسْلِم مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانه وَيَده ) قَالَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه : قَوْله : أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْر ؟ مَعْنَاهُ أَيُّ خِصَاله وَأُمُوره وَأَحْوَاله. قَالُوا : وَإِنَّمَا وَقَعَ اِخْتِلَاف الْجَوَاب فِي خَيْر الْمُسْلِمِينَ لِاخْتِلَافِ حَال السَّائِل وَالْحَاضِرِينَ ; فَكَانَ فِي أَحَد الْمَوْضِعَيْنِ الْحَاجَة إِلَى إِفْشَاء السَّلَام وَإِطْعَام الطَّعَام أَكْثَر وَأَهَمُّ لِمَا حَصَلَ مِنْ إِهْمَالهمَا وَالتَّسَاهُل فِي أُمُورهمَا , وَنَحْو ذَلِكَ. وَفِي الْمَوْضِع الْآخَر إِلَى الْكَفّ عَنْ إِيذَاء الْمُسْلِمِينَ. ‏ ‏وَمَعْنَى ( تَقْرَأ السَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ) أَيْ تُسَلِّم عَلَى كُلّ مَنْ لَقِيته , عَرَفْته أَمْ لَمْ تَعْرِفهُ. وَلَا تَخُصّ بِهِ مَنْ تَعْرِفهُ كَمَا يَفْعَلهُ كَثِيرُونَ مِنْ النَّاس. ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْعُمُوم مَخْصُوص بِالْمُسْلِمِينَ فَلَا يُسَلَّم اِبْتِدَاء عَلَى كَافِر. وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث جُمَل مِنْ الْعِلْم. فَفِيهَا الْحَثّ عَلَى إِطْعَام الطَّعَام وَالْجُود وَالِاعْتِنَاء بِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَفّ عَمَّا يُؤْذِيهِمْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَب وَالْإِمْسَاك عَنْ اِحْتِقَارهمْ. وَفِيهَا الْحَثّ عَلَى تَأَلُّف قُلُوب الْمُسْلِمِينَ وَاجْتِمَاع كَلِمَتهمْ وَتَوَادّهمْ وَاسْتِجْلَاب مَا يُحَصِّلُ ذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه : وَالْأُلْفَة إِحْدَى فَرَائِض الدِّينِ وَأَرْكَان الشَّرِيعَة وَنِظَام شَمْل الْإِسْلَام. قَالَ : وَفِيهِ بَذْل السَّلَام مَنْ عَرَفْت وَلِمَنْ لَمْ تَعْرِف وَإِخْلَاص الْعَمَل فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا مُصَانَعَة وَلَا مَلَقًا. وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ اِسْتِعْمَال خُلُق التَّوَاضُع وَإِفْشَاء شِعَار هَذِهِ الْأُمَّة. وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. ‏ ‏وَأَمَّا أَسْمَاء رِجَال الْبَاب فَقَالَ مُسْلِم رَحِمَهُ اللَّه. فِي الْإِسْنَاد الْأَوَّل : ( وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن رُمْح بْن الْمُهَاجِر حَدَّثَنَا اللَّيْث عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ أَبِي الْخَيْر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو ) يَعْنِي اِبْن الْعَاصِي قَالَ مُسْلِم رَحِمَهُ اللَّه : ( حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمَد بْن عُمَر الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِثِ عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ أَبِي الْخَيْر أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ كُلُّهُمْ مِصْرِيُّونَ أَئِمَّة جِلَّةٌ وَهَذَا مِنْ عَزِيز الْأَسَانِيد فِي مُسْلِمٍ بَلْ فِي غَيْره ; فَإِنَّ اِتِّفَاق جَمِيع الرُّوَاة فِي كَوْنِهِمْ مِصْرِيِّينَ فِي غَايَة الْقِلَّة , وَيَزْدَاد قِلَّةً بِاعْتِبَارِ الْجَلَالَة. ‏ ‏فَأَمَّا ( عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ) ‏ ‏فَجَلَالَته وَفِقْهه وَكَثْرَة حَدِيثه وَشِدَّة وَرَعه وَزَهَادَته وَإِكْثَارَهُ مِنْ الصَّلَاة وَالصِّيَام وَسَائِر الْعِبَادَات وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاع الْخَيْر فَمَعْرُوفَة مَشْهُورَة لَا يُمْكِن اِسْتِقْصَاؤُهَا. فَرَضِيَ اللَّه عَنْهُ. ‏ ‏وَأَمَّا ( أَبُو الْخَيْر ) ‏ ‏بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَاسْمه مَرْثَد بِالْمُثَلَّثَةِ اِبْن عَبْد اللَّه الْيَزَنِيُّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة تَحْت وَالزَّاي مَنْسُوب إِلَى يَزَن بَطْن مِنْ حِمْيَر. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يُونُس : كَانَ أَبُو الْخَيْر مُفْتِي أَهْل مِصْر فِي زَمَانه , مَاتَ سَنَة سَبْعِينَ مِنْ الْهِجْرَة. ‏ ‏وَأَمَّا ( يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب ) ‏ ‏فَكُنْيَته أَبُو رَجَاء وَهُوَ تَابِعِيٌّ. قَالَ اِبْن يُونُس : وَكَانَ مُفْتِي أَهْل مِصْر فِي زَمَانه , وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلًا , وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَر الْعِلْم بِمِصْرَ وَالْكَلَام فِي الْحَلَال وَالْحَرَام , وَقَبْل ذَلِكَ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ بِالْفِتَنِ وَالْمَلَاحِم وَالتَّرْغِيب فِي الْخَيْر. وَقَالَ اللَّيْث بْن سَعْد : يَزِيد سَيِّدُنَا وَعَالِمنَا. وَاسْم أَبِي حَبِيب سُوَيْد. ‏ ‏وَأَمَّا اللَّيْث بْن سَعْد ‏ ‏رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَإِمَامَته وَجَلَالَته وَصِيَانَته وَبَرَاعَته وَشَهَادَة أَهْل عَصْره بِسَخَائِهِ وَسِيَادَته وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ جَمِيل حَالَاته أَشْهَر مِنْ أَنْ تُذْكَر , وَأَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر. وَيَكْفِي فِي جَلَالَته شَهَادَة الْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلِينَ الشَّافِعِيِّ , وَابْنِ بَكِيرٍ - رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى - أَنَّ اللَّيْث أَفْقَه مِنْ مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. فَهَذَانِ صَاحِبَا مَالِك رَحِمَهُ اللَّه وَقَدْ شَهِدَا بِمَا شَهِدَا , وَهُمَا بِالْمَنْزِلَةِ الْمَعْرُوفَة مِنْ الْإِتْقَان وَالْوَرَع , وَإِجْلَال مَالِك , وَمَعْرِفَتهمَا بِأَحْوَالِهِ. هَذَا كُلُّهُ مَعَ مَا قَدْ عُلِمَ مِنْ جَلَالَة مَالِك وَعِظَم فِقْهه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. قَالَ مُحَمَّد بْن رُمْح : كَانَ دَخْل اللَّيْث ثَمَانِينَ أَلْف دِينَار مَا أَوْجَبَ اللَّه تَعَالَى , عَلَيْهِ زَكَاة قَطُّ. وَقَالَ قُتَيْبَة : لَمَّا قَدِمَ اللَّيْث أَهْدَى لَهُ مَالِك مِنْ طَرَف الْمَدِينَة , فَبَعَثَ إِلَيْهِ اللَّيْث أَلْفَ دِينَار. وَكَانَ اللَّيْث مُفْتِي أَهْل مِصْر فِي زَمَانه. ‏ ‏وَأَمَّا ( مُحَمَّد بْن رُمْح ) ‏ ‏فَقَالَ : اِبْن يُونُس : هُوَ ثِقَة ثَبْت فِي الْحَدِيث وَكَانَ أَعْلَم النَّاس بِأَخْبَارِ الْبَلَد وَفِقْهه , وَكَانَ إِذَا شَهِدَ فِي كِتَاب دَارٍ عَلِمَ أَهْلُ الْبَلَد أَنَّهَا طَيِّبَة الْأَصْل. وَذَكَره النَّسَائِيُّ فَقَالَ : مَا أَخْطَأَ فِي حَدِيث , وَلَوْ كَتَبَ عَنْ مَالِك لَأَثْبَتّه فِي الطَّبَقَة الْأُولَى مِنْ أَصْحَاب مَالِك. وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرهمَا. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!