المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (501)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (501)]
و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح و حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح و حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح و حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَإِسْنَادِهِ وَفِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنَّا قَالَ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ
قَوْله : ( فَاطِمَة بِنْت أَبِي حُبَيْشٍ ) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَة مَضْمُومَة ثُمَّ بَاء مُوَحَّدَة مَفْتُوحَة ثُمَّ يَاء مُثَنَّاة مِنْ تَحْت سَاكِنَة ثُمَّ شِين مُعْجَمَة , وَاسْم أَبِي حُبَيْش قَيْس بْن الْمُطَّلِب بْن أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قُصَيّ. وَأَمَّا قَوْله الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( فَاطِمَة بِنْت أَبِي حُبَيْش بْن عَبْد الْمُطَّلِب بْن أَسَد ) فَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُول اِبْن عَبْد الْمُطَّلِب , وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ وَهْم , وَالصَّوَاب فَاطِمَة بِنْت أَبِي حُبَيْش بْن الْمُطَّلِب بِحَذْفِ لَفْظَة ( عَبْد ). وَاللَّهُ أَعْلَم. وَأَمَّا قَوْله ( اِمْرَأَة مِنَّا ) فَمَعْنَاهُ مِنْ بَنِي أَسَد , وَالْقَائِل هُوَ : هِشَام بْن عُرْوَة أَوْ أَبُوهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام بْن خُوَيْلِد بْن أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى. وَاللَّهُ أَعْلَم. قَوْلهَا : فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي اِمْرَأَة أُسْتَحَاض فَلَا أَطْهُر أَفَأَدْعُ الصَّلَاة ؟ فَقَالَ : لَا ). فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَة تُصَلِّي أَبَدًا إِلَّا فِي الزَّمَن الْمَحْكُوم بِأَنَّهُ حَيْض , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ , وَفِيهِ جَوَاز اِسْتِفْتَاء مَنْ وَقَعَتْ لَهُ مَسْأَلَة , وَجَوَاز اِسْتِفْتَاء الْمَرْأَة بِنَفْسِهَا , وَمُشَافَهَتهَا الرِّجَال فِيمَا يَتَعَلَّق بِالطَّهَارَةِ وَأَحْدَاث النِّسَاء , وَجَوَاز اِسْتِمَاع صَوْتهَا عِنْد الْحَاجَة. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْق وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ ) أَمَّا ( عِرْق ) فَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْن وَإِسْكَان الرَّاء , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْعِرْق يُقَال لَهُ الْعَاذِل بِكَسْرِ الذَّال الْمُعْجَمَة , وَأَمَّا الْحَيْضَة فَيَجُوز فِيهَا الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا مَرَّات أَحَدهمَا مَذْهَب الْخَطَّابِيّ كَسْر الْحَاء أَيْ الْحَالَة , وَالثَّانِي , وَهُوَ الْأَظْهَر فَتْح الْحَاء أَيْ الْحَيْض , وَهَذَا الْوَجْه قَدْ نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَر الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلّهمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ , وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِع مُتَعَيِّن أَوْ قَرِيب مِنْ الْمُتَعَيِّن , فَإِنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِيه لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ إِثْبَات الِاسْتِحَاضَة وَنَفْي الْحَيْض. وَاللَّهُ أَعْلَم. وَأَمَّا مَا يَقَع فِي كَثِير مِنْ كُتُب الْفِقْه : إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْق اِنْقَطَعَ وَانْفَجَرَ , فَهِيَ زِيَادَة لَا تُعْرَف فِي الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنًى , وَاللَّهُ أَعْلَم. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَة فَدَعِي الصَّلَاة ) يَجُوز فِي الْحَيْضَة هُنَا الْوَجْهَانِ فَتْح الْحَاء وَكَسْرهَا جَوَازًا حَسَنًا , وَفِي هَذَا نَهْي لَهَا عَنْ الصَّلَاة فِي زَمَن الْحَيْض , وَهُوَ نَهْي تَحْرِيم , وَيَقْتَضِي فَسَاد الصَّلَاة هُنَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَسَوَاء فِي هَذِهِ الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَالنَّافِلَة لِظَاهِرِ الْحَدِيث. وَكَذَلِكَ يَحْرُم عَلَيْهَا الطَّوَاف , وَصَلَاة الْجِنَازَة , وَسُجُود التِّلَاوَة , وَسُجُود الشُّكْر , وَكُلّ هَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَلَّفَة بِالصَّلَاةِ , وَعَلَى أَنَّهُ لَا قَضَاء عَلَيْهَا , وَاللَّهُ أَعْلَم. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّم وَصَلِّي ) الْمُرَاد بِالْإِدْبَارِ اِنْقِطَاع الْحَيْض , وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهِ مَعْرِفَة عَلَامَة اِنْقِطَاع الْحَيْض , وَقَلَّ مَنْ أَوْضَحَهُ , وَقَدْ اِعْتَنَى بِهِ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا , وَحَاصِله أَنَّ عَلَامَة اِنْقِطَاع الْحَيْض وَالْحُصُول فِي الطُّهْر أَنْ يَنْقَطِع خُرُوج الدَّم وَالصُّفْرَة وَالْكُدْرَة , وَسَوَاء خَرَجَتْ رُطُوبَة بَيْضَاء أَمْ لَمْ يَخْرُج شَيْء أَصْلًا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْن الصَّبَّاغ وَغَيْرهمَا مِنْ أَصْحَابنَا : التَّرِيَّة رُطُوبَة خَفِيفَة لَا صُفْرَة فِيهَا وَلَا كُدْرَة تَكُون عَلَى الْقُطْنَة أَثَر لَا لَوْن. قَالُوا : وَهَذَا يَكُون بَعْد اِنْقِطَاع دَم الْحَيْض. قُلْت هِيَ التَّرِيَّة بِفَتْحِ التَّاء الْمُثَنَّاة مِنْ فَوْق وَكَسْر الرَّاء وَبَعْدهَا يَاء مُثَنَّاة مِنْ تَحْت مُشَدَّدَة وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِلنِّسَاءِ لَا تَعَجْلَنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّة الْبَيْضَاء تُرِيد بِذَلِكَ الطُّهْر. و ( الْقَصَّة ) بِفَتْحِ الْقَاف وَتَشْدِيد الصَّاد الْمُهْمَلَة وَهِيَ الْجَصّ شُبِّهَتْ الرُّطُوبَة النَّقِيَّة الصَّافِيَة بِالْجَصِّ. قَالَ أَصْحَابنَا : إِذَا مَضَى زَمَن حَيْضَتهَا وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِل فِي الْحَال لِأَوَّلِ صَلَاة تُدْرِكهَا , وَلَا يَجُوز لَهَا أَنْ تَتْرُك بَعْد ذَلِكَ صَلَاة وَلَا صَوْمًا. وَلَا يَمْتَنِع زَوْجهَا مِنْ وَطْئِهَا , وَلَا تَمْتَنِع مِنْ شَيْء يَفْعَلهُ الطَّاهِر , وَلَا تَسْتَظْهِر بِشَيْءٍ أَصْلًا وَعَنْ مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رِوَايَة أَنَّهَا تَسْتَظْهِر بِالْإِمْسَاكِ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاء ثَلَاثَة أَيَّام بَعْد عَادَتهَا. وَاللَّهُ أَعْلَم. وَفِي هَذَا الْحَدِيث الْأَمْر بِإِزَالَةِ النَّجَاسَة , وَأَنَّ الدَّم نَجِس , وَأَنَّ الصَّلَاة تَجِب لِمُجَرَّدِ اِنْقِطَاع الْحَيْض. وَاللَّهُ أَعْلَم. قَوْله ( وَفِي حَدِيث حَمَّاد بْن زَيْد زِيَادَة حَرْف تَرَكْنَا ذِكْره ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : الْحَرْف الَّذِي تَرَكَهُ هُوَ قَوْله : "" اِغْسِلِي عَنْك الدَّم وَتَوَضَّئِي "" ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَة النَّسَائِيُّ وَغَيْره , وَأَسْقَطَهَا مُسْلِم لِأَنَّهَا مِمَّا اِنْفَرَدَ بِهِ حَمَّاد. قَالَ النَّسَائِيُّ : لَا نَعْلَم أَحَدًا قَالَ : وَتَوَضَّئِي فِي الْحَدِيث غَيْر حَمَّاد يَعْنِي , وَاللَّهُ أَعْلَم , فِي حَدِيث هِشَام. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره ذِكْرَ الْوُضُوء مِنْ رِوَايَة عَدِيِّ بْن أَبِي ثَابِت , وَحَبِيب بْن أَبِي ثَابِت وَأَيُّوب بْن أَبِي مَكِين. قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَكُلّهَا ضَعِيفَة. وَاللَّهُ أَعْلَم.



