المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (476)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (476)]
و حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ قَالَتْ أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَالْأَشَجُّ وَإِسْحَقُ كُلُّهُمْ عَنْ وَكِيعٍ ح و حَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا إِفْرَاغُ ثَلَاثِ حَفَنَاتٍ عَلَى الرَّأْسِ وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ وَصْفُ الْوُضُوءِ كُلِّهِ يَذْكُرُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِيهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ذِكْرُ الْمِنْدِيلِ
قَوْلهَا : ( أَدْنَيْت لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْله مِنْ الْجَنَابَة ) هُوَ بِضَمِّ الْغَيْن , وَهُوَ الْمَاء الَّذِي يُغْتَسَل بِهِ. قَوْلهَا : ( ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْض فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لَلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إِذَا فَرَغَ أَنْ يَغْسِل يَده بِتُرَابٍ أَوْ أُشْنَان أَوْ يَدْلُكهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْحَائِطِ , لِيَذْهَب الِاسْتِقْذَار مِنْهَا. قَوْلهَا ( ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسه ثَلَاث حَفَنَات مِلْء كَفّه ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأَصْل الَّتِي بِبِلَادِنَا ( كَفّه ) بِلَفْظِ الْإِفْرَاد , وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ , وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ ( كَفَّيْهِ ) بِالتَّثْنِيَةِ , وَهِيَ مُفَسِّرَة لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ , ( وَالْحَفْنَة ) مِلْء الْكَفَّيْنِ جَمِيعًا. قَوْلهَا : ( ثُمَّ أَتَيْته بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب تَرْكِ تَنْشِيف الْأَعْضَاء , وَقَدْ اِخْتَلَفَ عُلَمَاء أَصْحَابنَا فِي تَنْشِيف الْأَعْضَاء فِي الْوُضُوء وَالْغُسْل عَلَى خَمْسَة أَوْجُه : أَشْهَرهَا : أَنَّ الْمُسْتَحَبّ تَرْكُهُ , وَلَا يُقَال : فِعْلُهُ مَكْرُوه. وَالثَّانِي أَنَّهُ مَكْرُوه. وَالثَّالِث : أَنَّهُ مُبَاح , يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ , وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارهُ , فَإِنَّ الْمَنْع وَالِاسْتِحْبَاب يَحْتَاج إِلَى دَلِيل ظَاهِر. وَالرَّابِع : أَنَّهُ مُسْتَحَبّ ; لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِرَاز عَنْ الْأَوْسَاخ. وَالْخَامِس : يُكْرَه فِي الصَّيْف دُون الشِّتَاء. هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابنَا , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ فِي التَّنْشِيف عَلَى ثَلَاثَة مَذَاهِب : أَحَدهَا : أَنَّهُ لَا بَأْس بِهِ فِي الْوُضُوء وَالْغُسْل , وَهُوَ قَوْل أَنَس بْن مَالِك وَالثَّوْرِيِّ. وَالثَّانِي : مَكْرُوه فِيهِمَا , وَهُوَ قَوْل اِبْن عُمَر وَابْن أَبِي لَيْلَى. وَالثَّالِث : يُكْرَه فِي الْوُضُوء دُون الْغُسْل , وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. وَقَدْ جَاءَ فِي تَرْكِ التَّنْشِيف هَذَا الْحَدِيث وَالْحَدِيث الْآخَر فِي الصَّحِيح : أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَرَأْسه يَقْطُر مَاء , وَأَمَّا فِعْلُ التَّنْشِيف , فَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ مِنْ أَوْجُهٍ , لَكِنَّ أَسَانِيدهَا ضَعِيفَة. قَالَ التِّرْمِذِيّ : لَا يَصِحّ فِي هَذَا الْبَاب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء , وَقَدْ اِحْتَجَّ بَعْض الْعُلَمَاء عَلَى إِبَاحَة التَّنْشِيف , بِقَوْلِ مَيْمُونَة فِي هَذَا الْحَدِيث : وَجَعَلَ يَقُول بِالْمَاءِ هَكَذَا , يَعْنِي يَنْفُضهُ. قَالَ : فَإِذَا كَانَ النَّفْض مُبَاحًا , كَانَ التَّنْشِيف مِثْله , أَوْ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إِزَالَة الْمَاء. وَاللَّهُ أَعْلَم. وَأَمَّا ( الْمِنْدِيل ) فَبِكَسْرِ الْمِيم وَهُوَ مَعْرُوف , وَقَالَ اِبْن فَارِس : لَعَلَّهُ مَأْخُوذ مِنْ النَّدْلِ وَهُوَ النَّقْل , وَقَالَ غَيْره : هُوَ مَأْخُوذ مِنْ النَّدْل , وَهُوَ الْوَسَخ ; لِأَنَّهُ يُنْدَلُ بِهِ , وَيُقَال : تَنَدَّلْت بِالْمِنْدِيلِ , قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَيُقَال أَيْضًا : تَمَنْدَلْت بِهِ , وَأَنْكَرَهَا الْكِسَائِيّ. وَاللَّهُ أَعْلَم.



