المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (468)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (468)]
و حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ إِسْحَقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَهِيَ جَدَّةُ إِسْحَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ وَعَائِشَةُ عِنْدَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي الْمَنَامِ فَتَرَى مِنْ نَفْسِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَقَالَ لِعَائِشَةَ بَلْ أَنْتِ فَتَرِبَتْ يَمِينُكِ نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا رَأَتْ ذَاكِ
قَوْلهَا : ( فَضَحْت النِّسَاء ) مَعْنَاهُ : حَكَيْت عَنْهُنَّ أَمْرًا يُسْتَحَيَا مِنْ وَصْفهنَّ بِهِ وَيَكْتُمْنَهُ , وَذَلِكَ أَنَّ نُزُول الْمَنِيّ مِنْهُنَّ يَدُلّ عَلَى شِدَّة شَهْوَتهنَّ لِلرِّجَالِ. وَأَمَّا قَوْلهَا : ( تَرِبَتْ يَمِينك ) فَفِيهِ خِلَاف كَثِير مُنْتَشِر جِدًّا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَف مِنْ الطَّوَائِف كُلّهَا , وَالْأَصَحّ الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهُ : أَنَّهَا كَلِمَة أَصْلُهَا اِفْتَقَرَتْ , وَلَكِنَّ الْعَرَب اِعْتَادَتْ اِسْتِعْمَالهَا غَيْر قَاصِدَة حَقِيقَة مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ , فَيَذْكُرُونَ تَرِبَتْ يَدَاك , وَقَاتَلَهُ اللَّه , مَا أَشْجَعه , وَلَا أُمّ لَهُ , وَلَا أَب لَك , وَثَكِلَتْهُ أُمّه , وَوَيْل أُمّه , وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ أَلْفَاظهمْ يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء , أَوْ الزَّجْر عَنْهُ , أَوْ الذَّمّ عَلَيْهِ , أَوْ اِسْتِعْظَامه , أَوْ الْحَثّ عَلَيْهِ , أَوْ الْإِعْجَاب بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَم. وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة : ( بَلْ أَنْتِ فَتَرِبَتْ يَمِينك ) فَمَعْنَاهُ أَنْتِ أَحَقّ أَنْ يُقَال لَك هَذَا , فَإِنَّهَا فَعَلَتْ مَا يَجِب عَلَيْهَا مِنْ السُّؤَال عَنْ دِينهَا , فَلَمْ تَسْتَحِقّ الْإِنْكَار , وَاسْتَحْقَقْت أَنْتِ الْإِنْكَار , لِإِنْكَارِك مَا لَا إِنْكَار فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلهَا : ( تَرِبَتْ يَمِينك خَيْر ) , فَكَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَر الْأُصُول , وَهُوَ تَفْسِير وَلَمْ يَقَع هَذَا التَّفْسِير فِي كَثِير مِنْ الْأُصُول , وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الِاخْتِلَاف فِي إِثْبَاته , وَحَذْفِهِ الْقَاضِي عِيَاض , ثُمَّ اِخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ فِي ضَبْطِهِ فَنَقَلَ صَاحِب الْمَطَالِع وَغَيْره عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ ( خَيْر ) بِإِسْكَانِ الْيَاء الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت ضِدّ الشَّرّ , وَعَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ ( خَبَر ) بِفَتْحِ الْبَاء الْمُوَحَّدَة , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَهَذَا الثَّانِي لَيْسَ بِشَيْءٍ , قُلْت : كِلَاهُمَا صَحِيح فَالْأَوَّل : مَعْنَاهُ لَمْ تُرِدْ بِهَذَا شَتْمًا , وَلَكِنَّهَا كَلِمَة تَجْرِي عَلَى اللِّسَان. وَمَعْنَى الثَّانِي : أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدُعَاءٍ , بَلْ هُوَ خَبَر لَا يُرَاد حَقِيقَته. وَاللَّهُ أَعْلَم.



