موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (429)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (429)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ‏ ‏وَهُوَ عَمُّ ‏ ‏إِسْحَقَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ‏ ‏أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَهْ ‏ ‏مَهْ ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لَا ‏ ‏تُزْرِمُوهُ ‏ ‏دَعُوهُ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ ‏ ‏فَشَنَّهُ ‏ ‏عَلَيْهِ ‏


‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِد لَا تَصْلُح لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْل وَلَا الْقَذَرِ , إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّه وَقِرَاءَة الْقُرْآن , أَوْ كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏فِيهِ : صِيَانَة الْمَسَاجِد وَتَنْزِيههَا عَنْ الْأَقْذَار وَالْقَذَى وَالْبُصَاق وَرَفْعِ الْأَصْوَات وَالْخُصُومَات وَالْبَيْع وَالشِّرَاء وَسَائِر الْعُقُود وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ. وَفِي هَذَا الْفَضْل مَسَائِل يَنْبَغِي أَنْ أَذْكُر أَطْرَافًا مِنْهَا مُخْتَصَرَة. ‏ ‏أَحَدهَا : أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لِلْمُحْدِثِ , فَإِنْ كَانَ جُلُوسه لِعِبَادَةٍ مِنْ اِعْتِكَاف أَوْ قِرَاءَة عِلْمٍ أَوْ سَمَاع مَوْعِظَة أَوْ اِنْتِظَار صَلَاة أَوْ نَحْو ذَلِكَ كَانَ مُسْتَحَبًّا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا , وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا : إِنَّهُ مَكْرُوه , وَهُوَ ضَعِيف. ‏ ‏الثَّانِيَة : يَجُوز النَّوْم عِنْدنَا فِي الْمَسْجِد نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي ( الْأُمّ ) , قَالَ اِبْن الْمُنْذِر فِي الْإِشْرَاق : رَخَّصَ فِي النَّوْم فِي الْمَسْجِد اِبْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن وَعَطَاء وَالشَّافِعِيّ , وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَا تَتَّخِذُوهُ مَرْقَدًا , وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنْ كُنْت تَنَام فِيهِ لِصَلَاةٍ فَلَا بَأْس , وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : يُكْرَهُ النَّوْم فِي الْمَسْجِد. وَقَالَ مَالِك : لَا بَأْس بِذَلِكَ لِلْغُرَبَاءِ وَلَا أَرَى ذَلِكَ لِلْحَاضِرِ , وَقَالَ أَحْمَد : إِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ شَبَهه فَلَا بَأْس , وَإِنْ اِتَّخَذَهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا , وَهَذَا قَوْل إِسْحَاق , هَذَا مَا حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر , وَاحْتَجَّ مَنْ جَوَّزَهُ بِنَوْمِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَابْن عُمَر وَأَهْل الصُّفَّةِ وَالْمَرْأَة صَاحِبَة الْوِشَاح وَالْغَرِيبَيْنِ وَثُمَامَة بْن أُثَال وَصَفْوَان بْن أُمَيَّة وَغَيْرهمْ وَأَحَادِيثهمْ فِي الصَّحِيح مَشْهُورَة. وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏ ‏وَيَجُوز أَنْ يُمَكَّن الْكَافِر مِنْ دُخُول الْمَسْجِد بِإِذْنِ الْمُسْلِمِينَ وَيُمْنَع مِنْ دُخُوله بِغَيْرِ إِذْن. ‏ ‏الثَّالِثَة : قَالَ اِبْن الْمُنْذِر أَبَاحَ كُلّ مَنْ يُحْفَظ عَنْهُ الْعِلْم الْوُضُوء فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأ فِي مَكَان يَبُلّهُ أَوْ يَتَأَذَّى النَّاس بِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوه , وَنَقَلَ الْإِمَام وَالْحَسَن بْن بَطَّال الْمَالِكِيّ هَذَا عَنْ اِبْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَطَاوُسٍ وَالْحَنَفِيّ وَابْن الْقَاسِم الْمَالِكِيّ وَأَكْثَر أَهْل الْعِلْم , وَعَنْ اِبْن سِيرِينَ وَمَالك وَسَحْنُون أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ تَنْزِيهًا لِلْمَسْجِدِ. وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏ ‏الرَّابِعَة : قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا : يُكْرَهُ إِدْخَال : الْبَهَائِم وَالْمَجَانِين وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا يُمَيِّزُونَ الْمَسْجِد لِغَيْرِ حَاجَة مَقْصُودَة ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَن تَنْجِيسهمْ الْمَسْجِد , وَلَا يَحْرُم لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى الْبَعِير , وَلَا يَنْفِي هَذَا الْكَرَاهَة ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ أَوْ لِيَظْهَر لِيَقْتَدِيَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏ ‏الْخَامِسَة : يَحْرُم إِدْخَال النَّجَاسَة إِلَى الْمَسْجِد , وَأَمَّا مَنْ عَلَى بَدَنه نَجَاسَة فَإِنْ خَافَ تَنْجِيس الْمَسْجِد لَمْ يَجُزْ لَهُ الدُّخُول , فَإِنْ أَمِنَ ذَلِكَ جَازَ , وَأَمَّا إِذَا اِفْتَصَدَ فِي الْمَسْجِد فَإِنْ كَانَ فِي غَيْر إِنَاء فَحَرَام وَإِنْ قَطَرَ دَمه فِي إِنَاء فَمَكْرُوه , وَإِنْ بَال فِي الْمَسْجِد فِي إِنَاء فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحّهمَا : أَنَّهُ حَرَام : وَالثَّانِي : مَكْرُوه. ‏ ‏السَّادِسَة : يَجُوز الِاسْتِلْقَاء فِي الْمَسْجِد وَهَزّ الرِّجْل وَتَشْبِيك الْأَصَابِع ; لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِي ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ‏ ‏السَّابِعَة : يُسْتَحَبّ اِسْتِحْبَابًا مُتَأَكِّدًا كَنْسُ الْمَسْجِدِ وَتَنْظِيفه ; لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏ ‏وَقَوْله : ( فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْ مَهْ ) هِيَ كَلِمَة زَجْرٍ وَيُقَال : ( بَهْ بَهْ ) بِالْبَاءِ أَيْضًا. قَالَ الْعُلَمَاء : هُوَ اِسْم مَبْنِيّ عَلَى السُّكُون مَعْنَاهُ : اُسْكُتْ , قَالَ صَاحِب الْمَطَالِع : هِيَ كَلِمَة زَجْرٍ قِيلَ : أَصْلُهَا : مَا هَذَا ؟ ثُمَّ حُذِفَ تَخْفِيفًا , قَالَ : وَتُقَال مُكَرَّرَة : ( مَهْ مَهْ ) وَتُقَال فَرْدَة : ( مَهْ ) وَمِثْله ( بَهْ بَهْ ) , وَقَالَ يَعْقُوب : هِيَ لِتَعْظِيمِ الْأَمْر ( كَـ بَخٍ بَخٍ ) وَقَدْ تُنَوَّنُ مَعَ الْكَسْر وَيُنَوَّنُ الْأَوَّل وَيُكْسَر الثَّانِي بِغَيْرِ تَنْوِين. هَذَا كَلَام صَاحِب الْمَطَالِع. وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْره. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏وَقَوْله : ( فَجَاءَ بِدَلْوِ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ ) ‏ ‏يُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَبِالْمُهْمَلَةِ , وَهُوَ فِي أَكْثَر الْأُصُول وَالرِّوَايَات بِالْمُعْجَمَةِ , وَمَعْنَاهُ صَبَّهُ. وَفَرَّقَ بَعْض الْعُلَمَاء بَيْنهمَا فَقَالَ : هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ الصَّبّ فِي سُهُولَة , وَبِالْمُعْجَمَةِ التَّفْرِيق فِي صَبِّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!