المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (426)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (426)]
و حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى جَمِيعًا عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ هَارُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقَالَ كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا
( أَبُو السَّائِب أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَقُول قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَغْتَسِل أَحَدكُمْ فِي الْمَاء الدَّائِم وَهُوَ جُنُب. فَقَالَ : كَيْف يَفْعَل يَا أَبَا هُرَيْرَة ؟ قَالَ : يَتَنَاوَلهُ تَنَاوُلًا ) أَمَّا ( أَبُو السَّائِب ) فَلَا يُعْرَف اِسْمه. وَأَمَّا أَحْكَام الْمَسْأَلَة فَقَالَ الْعُلَمَاء مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ : يُكْرَه الِاغْتِسَال فِي الْمَاء الرَّاكِد قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا , وَكَذَا يُكْرَه الِاغْتِسَال فِي الْعَيْن الْجَارِيَة. قَالَ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي الْبُوَيْطِيّ : أَكْرَه لِلْجُنُبِ أَنْ يَغْتَسِل فِي الْبِئْر مَعِينَة كَانَتْ أَوْ دَائِمَة , وَفِي الْمَاء الرَّاكِد الَّذِي لَا يَجْرِي. قَالَ الشَّافِعِيّ : وَسَوَاء قَلِيل الرَّاكِد وَكَثِيره أَكْرَه الِاغْتِسَال فِيهِ. هَذَا نَصّه وَكَذَا صَرَّحَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ بِمَعْنَاهُ. وَهَذَا كُلّه عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه لَا التَّحْرِيم. وَإِذَا اِغْتَسَلَ فِيهِ الْجَنَابَة فَهَلْ يَصِير الْمَاء مُسْتَعْمَلًا ؟ فِيهِ تَفْصِيل مَعْرُوف عِنْد أَصْحَابنَا , وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَاء قُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا وَلَوْ اِغْتَسَلَ فِيهِ جَمَاعَات فِي أَوْقَات مُتَكَرِّرَات , وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاء دُون الْقُلَّتَيْنِ فَإِنْ اِنْغَمَسَ فِيهِ الْجُنُب بِغَيْرِ نِيَّة ثُمَّ لَمَّا صَارَ تَحْت الْمَاء نَوَى اِرْتَفَعَتْ جَنَابَته وَصَارَ الْمَاء مُسْتَعْمَلًا , وَإِنْ نَزَلَ فِيهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ نَوَى قَبْل اِنْغِمَاس بَاقِيه صَارَ الْمَاء فِي الْحَال مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْره وَارْتَفَعَتْ الْجَنَابَة عَنْ ذَلِكَ لِقَدْرِ الْمُنْغَمِس بِلَا خِلَاف , وَارْتَفَعَتْ أَيْضًا عَنْ الْقَدْر الْبَاقِي إِذَا تَمَّمَ اِنْغِمَاسه عَلَى الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمُخْتَار الْمَنْصُوص الْمَشْهُور ; لِأَنَّ الْمَاء إِنَّمَا يَصِير مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُتَطَهِّر إِذَا اِنْفَصَلَ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الْخِضْرِيّ مِنْ أَصْحَابنَا - وَهُوَ بِكَسْرِ الْخَاء وَإِسْكَان الضَّاد الْمُعْجَمَتَيْنِ - : لَا يَرْتَفِع عَنْ بَاقِيه , وَالصَّوَاب الْأَوَّل , وَهَذَا إِذَا تَمَّمَ الِانْغِمَاس مِنْ غَيْر اِنْفِصَاله , فَلَوْ اِنْفَصَلَ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ لَمْ يُجْزِئهُ مَا يَغْسِلهُ بِهِ بَعْد ذَلِكَ بِلَا خِلَاف , وَلَوْ اِنْغَمَسَ رَجُلَانِ تَحْت الْمَاء النَّاقِص عَنْ قُلَّتَيْنِ إِنْ تُصَوِّرَا ثُمَّ نَوَيَا دُفْعَة وَاحِدَة اِرْتَفَعَتْ جَنَابَتهمَا وَصَارَ الْمَاء مُسْتَعْمَلًا , فَإِنْ نَوَى أَحَدهمَا قَبْل الْآخَر اِرْتَفَعَتْ جَنَابَة النَّاوِي وَصَارَ الْمَاء مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَفِيقه ; فَلَا تَرْتَفِع جَنَابَته عَلَى الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمَشْهُور. وَفِيهِ وَجْه شَاذّ : أَنَّهَا تَرْتَفِع ; وَإِنْ نَزَلَا فِيهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِمَا فَنَوَيَا اِرْتَفَعَتْ جَنَابَتهمَا عَنْ ذَلِكَ الْقَدْر , وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا فَلَا تَرْتَفِع عَنْ بَاقِيهمَا إِلَّا عَلَى الْوَجْه الشَّاذّ. وَاللَّهُ أَعْلَم.



