المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (31)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (31)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ عَنْ الْعَلَاءِ ح و حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
فِيهِ أُمَيَّة بْن بِسِطَامِ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي الْبَاب قَبْله. ( عَبْد الْعَزِيز الدَّرَاوَرْدِيّ ) وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّال الْمُهْمَلَة وَبَعْدهَا رَاء ثُمَّ أَلِف ثُمَّ وَاو مَفْتُوحَة ثُمَّ رَاء أُخْرَى سَاكِنَة ثُمَّ دَال أُخْرَى ثُمَّ يَاء النَّسَب وَاخْتُلِفَ فِي وَجْه نِسْبَته. فَالْأَصَحّ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ نِسْبَة إِلَى دَرَابَجِرْد بِفَتْحِ الدَّال الْأُولَى وَبَعْدهَا رَاء ثُمَّ أَلِف ثُمَّ بَاء مُوَحَّدَة مَفْتُوحَة ثُمَّ جِيم مَكْسُورَة ثُمَّ رَاء سَاكِنَة ثُمَّ دَال. فَهَذَا قَوْل جَمَاعَات مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة وَاللُّغَة مِنْهُمْ الْأَصْمَعِيّ وَأَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ. وَقَالَهُ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ الْإِمَام , وَأَبُو حَاتِم بْن حِبَّان الْبُسْتِيّ , وَأَبُو نَصْر الْكَلَابَاذِيّ , وَغَيْرهمْ قَالُوا : وَهُوَ مِنْ شَوَاذّ النَّسَب قَالَ أَبُو حَاتِم وَأَصْله دِرَابِي أَوْ جَرْدِي وَدِرَابِي أَجْوَد , قَالُوا : وَدَرَابَجِرْد مَدِينَة بِفَارِسِ. قَالَ الْبُخَارِيّ وَالْكَلَاباذِيّ : كَانَ جَدّ عَبْد الْعَزِيز هَذَا مِنْهَا. وَقَالَ الْبُسْتِيّ : كَانَ أَبُوهُ مِنْهَا. وَقَالَ اِبْن قُتَيْبَة وَجَمَاعَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث : هُوَ مَنْسُوب إِلَى دَرَاوَرْد. ثُمَّ قِيلَ : دَرَاوَرْد هِيَ دَرَابَجِرْد. وَقِيلَ : بَلْ هِيَ قَرْيَة بِخُرَاسَان. وَقَالَ السَّمْعَانِيّ فِي كِتَاب الْأَنْسَاب قِيلَ : إِنَّهُ مِنْ أَنْدَرَابَه يَعْنِي بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبَعْدهَا نُون سَاكِنَة ثُمَّ دَال مُهْمَلَة مَفْتُوحَة ثُمَّ رَاء ثُمَّ أَلِف ثُمَّ بَاء مُوَحَّدَة ثُمَّ هَاء وَهِيَ مَدِينَة مِنْ عَمَل بَلْخ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ السَّمْعَانِيّ لَائِق بِقَوْلِ مَنْ يَقُول فِيهِ الْأَنْدَرَاوَرْدِيّ. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ ) فِيهِ بَيَان مَا اِخْتَصَرَ فِي الرِّوَايَات الْأُخَر مِنْ الِاقْتِصَار عَلَى قَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان هَذَا. وَفِيهِ دَلَالَة ظَاهِرَة لِمَذْهَبِ الْمُحَقِّقِينَ وَالْجَمَاهِير مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف أَنَّ الْإِنْسَان إِذَا اِعْتَقَدَ دِين الْإِسْلَام اِعْتِقَادًا جَازِمًا لَا تَرَدُّد فِيهِ كَفَاهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُؤْمِن مِنْ الْمُوَحِّدِينَ وَلَا يَجِب عَلَيْهِ تَعَلُّم أَدِلَّة الْمُتَكَلِّمِينَ وَمَعْرِفَة اللَّه تَعَالَى بِهَا , خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي كَوْنه مِنْ أَهْل الْقِبْلَة , وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَكُون لَهُ حُكْم الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ قَوْل كَثِير مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَبَعْض أَصْحَابنَا الْمُتَكَلِّمِينَ. وَهُوَ خَطَأ ظَاهِر فَإِنَّ الْمُرَاد التَّصْدِيق الْجَازِم , وَقَدْ حَصَلَ , وَلِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِكْتَفَى بِالتَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَشْتَرِط الْمَعْرِفَة بِالدَّلِيلِ ; فَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهَذَا أَحَادِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ يَحْصُل بِمَجْمُوعِهَا التَّوَاتُر بِأَصْلِهَا وَالْعِلْم الْقَطْعِيّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ الْقَاعِدة فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان وَاللَّهُ أَعْلَم.