المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (26)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (26)]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَةَ أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ أَخْبَرَهُ وَحَسَنًا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاءَكَ مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَقَالَ لَا تَشْرَبُوا فِي النَّقِيرِ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاءَكَ أَوَ تَدْرِي مَا النَّقِيرُ قَالَ نَعَمْ الْجِذْعُ يُنْقَرُ وَسَطُهُ وَلَا فِي الدُّبَّاءِ وَلَا فِي الْحَنْتَمَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْمُوكَى
قَوْله : ( حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ ) أَمَّا ( أَبُو عَاصِم ) فَالضَّحَّاك بْن مَخْلَد النَّبِيل وَأَمَّا ( اِبْن جُرَيْجٍ ) فَهُوَ عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد الْعَزِيز بْن جُرَيْجٍ. قَوْله : ( حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن رَافِع حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَة أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ أَخْبَرَهُ وَحَسَنًا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ ) هَذَا الْإِسْنَاد مَعْدُود فِي الْمُشْكِلَات , وَقَدْ اِضْطَرَبَتْ قِيهِ أَقْوَال الْأَئِمَّة وَأَخْطَأَ فِيهِ جَمَاعَات مِنْ كِبَار الْحُفَّاظ. وَالصَّوَاب فِيهِ مَا حَقَّقَهُ وَحَرَّرَهُ وَبَسَطَهُ وَأَوْضَحَهُ الْإِمَام الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي الْجُزْء الَّذِي جَمَعَهُ فِيهِ وَمَا أَحْسَنَهُ وَأَجْوَده , وَقَدْ لَخَّصَهُ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه فَقَالَ : هَذَا الْإِسْنَاد أَحَد الْمُعْضِلَات , وَلِإِعْضَالِهِ وَقَعَ فِيهِ تَعْبِيرَات مِنْ جَمَاعَة وَاهِمَة ; فَمِنْ ذَلِكَ رِوَايَة أَبِي نُعَيْم الْأَصْبَهَانِيّ فِي مُسْتَخْرَجه عَلَى كِتَاب مُسْلِم بِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَة أَنَّ أَبَا نَضْرَة وَحَسَنًا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ وَهَذَا يَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَكُون أَبُو قَزَعَة هُوَ الَّذِي أَخْبَرَ أَبَا نَضْرَة وَحَسَنًا عَنْ أَبِي سَعِيد , وَيَكُون أَبُو قَزَعَة هُوَ الَّذِي سَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيد وَذَلِكَ مُنْتَفٍ بِلَا شَكّ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَلِيّ الْغَسَّانِيّ صَاحِب تَقْيِيد الْمُهْمَل رَدَّ رِوَايَة مُسْلِم هَذِهِ وَقَلَّدَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِب الْمُعَلِّم وَمِنْ شَأْنه تَقْلِيده فِيمَا يَذْكُرهُ مِنْ عِلْم الْأَسَانِيد , وَصَوَّبَهُمَا فِي ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاض , فَقَالَ أَبُو عَلِيّ : الصَّوَاب فِي الْإِسْنَاد عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَة أَنَّ أَبَا نَضْرَة وَحَسَنًا أَخْبَرَاهُ أَنَّ أَبَا سَعِيد أَخْبَرَهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ أَخْبَرَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَخْبَرَهُمَا لِأَنَّهُ رَدَّ الضَّمِير إِلَى أَبِي نَضْرَة وَحْدَهُ وَأَسْقَطَ الْحَسَن لِمَوْضِعِ الْإِرْسَال فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِي سَعِيد وَلَمْ يَلْقَهُ , وَذَكَرَ أَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم خَرَّجَهُ أَبُو عَلِيّ بْن السَّكَن فِي مُصَنَّفه بِإِسْنَادِهِ قَالَ : وَأَظُنّ أَنَّ هَذَا مِنْ إِصْلَاح اِبْن السَّكَن. وَذَكَرَ الْغَسَّانِيّ أَيْضًا أَنَّهُ رَوَاهُ كَذَلِكَ أَبُو بَكْر الْبَزَّار فِي مُسْنَده الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ وَحُكِيَ عَنْهُ وَعَنْ عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد الْحَافِظ أَنَّهُمَا ذَكَرَا أَنَّ حَسَنًا هَذَا هُوَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَلَيْسَ الْأَمْر فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ بَلْ مَا أَوْرَدَهُ مُسْلِم فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ الصَّوَاب , وَكَمَا أَوْرَدَهُ رَوَاهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْ رَوْح بْن عُبَادَة عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ. وَقَدْ اِنْتَصَرَ لَهُ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ رَحِمَهُ اللَّه وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا لَطِيفًا تَبَجَّحَ فِيهِ بِإِجَادَتِهِ وَإِصَابَته مَعَ وَهْمِ غَيْر وَاحِد فِيهِ , فَذَكَرَ أَنَّ حَسَنًا هَذَا هُوَ الْحَسَن بْن مُسْلِم بْن يَنَاق الَّذِي رَوَى عَنْهُ اِبْن جُرَيْحٍ غَيْر هَذَا الْحَدِيث , وَأَنَّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَام أَنَّ أَبَا نَضْرَة أَخْبَرَ بِهَذَا الْحَدِيث أَبَا قَزَعَة وَحَسَن بْن مُسْلِم كِلَيْهِمَا ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ أَعَادَ فَقَالَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ أَبَا سَعِيد أَخْبَرَهُ يَعْنِي أَخْبَرَ أَبُو سَعِيد أَبَا نَضْرَة. وَهَذَا كَمَا تَقُول : إِنَّ زَيْدًا جَاءَنِي وَعَمْرًا جَاءَنِي فَقَالَا : كَذَا وَكَذَا. وَهَذَا مِنْ فَصِيح الْكَلَام وَاحْتَجَّ عَلِيّ أَنَّ حَسَنًا فِيهِ هُوَ الْحَسَن بْن مُسْلِم بْن يَنَاق بْن سَلَمَة بْن شَبِيب وَهُوَ ثِقَة رَوَاهُ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَة أَنَّ أَبَا نَضْرَة أَخْبَرَهُ وَحَسَن بْن مُسْلِم بْن يَنَاق أَخْبَرَهُمَا أَنَّ أَبَا سَعِيد أَخْبَرَهُ الْحَدِيث. وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ الْحَافِظ فِي كِتَابه الْمُخْرِج عَلَى صَحِيح مُسْلِم. وَقَدْ أَسْقَطَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ وَغَيْره ذِكْر حَسَن مِنْ الْإِسْنَاد لِأَنَّهُ مَعَ إِشْكَاله لَا مَدْخَل لَهُ فِي الرِّوَايَة. وَذَكَرَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى مَا حَكَاهُ أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ وَبَيَّنَ بُطْلَانه وَبُطْلَان رِوَايَة مِنْ غَيْر الضَّمِير فِي قَوْله أَخْبَرَهُمَا وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ التَّغْيِيرَات. وَلَقَدْ أَجَادَ وَأَحْسَن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. هَذَا آخِر كَلَام الشَّيْخ أَبِي عَمْرو رَحِمَهُ اللَّه. وَفِي هَذَا الْقَدْر الَّذِي ذَكَرَهُ أَبْلَغ كِفَايَة. وَإِنْ كَانَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى قَدْ أَطْنَبَ فِي بَسْطِهِ وَإِيضَاحه بِأَسَانِيدِهِ وَاسْتِشْهَادَاته وَلَا ضَرُورَة إِلَى زِيَادَةٍ عَلَى هَذَا الْقَدْر. وَاَللَّه أَعْلَم. وَأَمَّا ( أَبُو قَزَعَة ) الْمَذْكُور فَاسْمه سُوَيْد بْن حُجَيْر بِحَاءٍ مُهْمَلَة مَضْمُومَة ثُمَّ جِيم مَفْتُوحَة وَآخِره رَاء وَهُوَ بَاهِلِيّ بَصْرِيّ اِنْفَرَدَ مُسْلِم بِالرِّوَايَةِ لَهُ دُون الْبُخَارِيّ. وَقَزَعَة بِفَتْحِ الْقَاف وَبِفَتْحِ الزَّاي وَإِسْكَانهَا وَلَمْ يَذْكُر أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ فِي ( تَقْيِيد الْمُهْمَل ) سِوَى الْفَتْح. وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض فِيهِ الْفَتْح وَالْإِسْكَان. وَوُجِدَ بِخَطِّ اِبْن الْأَنْبَارِيّ بِالْإِسْكَانِ. وَذَكَرَ اِبْن مَكِّيّ فِي كِتَابه ( فِيمَا يُلْحَن فِيهِ ) أَنَّ الْإِسْكَان هُوَ الصَّوَاب وَاللَّهُ أَعْلَم. قَوْلهمْ : ( جَعَلَنَا اللَّه فِدَاك ) هُوَ بِكَسْرِ الْفَاء وَبِالْمَدِّ مَعْنَاهُ يَقِيك الْمَكَارِه. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَعَلَيْكُمْ بِالْمُوكَى ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيم وَإِسْكَان الْوَاو مَقْصُور غَيْر مَهْمُوز وَمَعْنَاهُ اِنْبِذُوا فِي السِّقَاء الدَّقِيق الَّذِي يُوكَى أَيْ يُرْبَط فُوهُ بِالْوِكَاءِ وَهُوَ الْخَيْط الَّذِي يُرْبَط بِهِ. وَاَللَّه أَعْلَم. هَذَا مَا يَتَعَلَّق بِأَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيث. وَأَمَّا أَحْكَامه وَمَعَانِيه فَقَدْ اِنْدَرَجَ جُمَلٌ مِنْهَا فِيمَا ذَكَرْته وَأَنَا أُشِير إِلَيْهَا مُلَخَّصَة مُخْتَصَرَة مُرَتَّبَة. فَفِي هَذَا الْحَدِيث وِفَادَة الرُّؤَسَاء وَالْأَشْرَاف إِلَى الْأَئِمَّة عِنْد الْأُمُور الْمُهِمَّة , وَفِيهِ تَقْدِيم الِاعْتِذَار بَيْن يَدَيْ الْمَسْأَلَة. وَفِيهِ بَيَان مُهِمَّات الْإِسْلَام وَأَرْكَانه مَا سِوَى الْحَجّ. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فُرِضَ. وَفِيهِ اِسْتِعَانَة الْعَالِم فِي تَفْهِيم الْحَاضِرِينَ وَالْفَهْم عَنْهُمْ بِبَعْضِ أَصْحَابه كَمَا فَعَلَهُ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. وَقَدْ يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّرْجَمَة فِي الْفَتْوَى وَالْخَبَر قَوْل وَاحِد. وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب قَوْل الرَّجُل لِزُوَّارِهِ وَالْقَادِمِينَ عَلَيْهِ مَرْحَبًا وَنَحْوه وَالثَّنَاء عَلَيْهِمْ إِينَاسًا وَبَسْطًا. وَفِيهِ جَوَاز الثَّنَاء عَلَى الْإِنْسَان فِي وَجْهه إِذَا لَمْ يَخَف عَلَيْهِ فِتْنَة إِعْجَاب وَنَحْوه. وَأَمَّا اِسْتِحْبَابه فَيَخْتَلِف بِحَسَبِ الْأَحْوَال وَالْأَشْخَاص. وَأَمَّا النَّهْي عَنْ الْمَدْح فِي الْوَجْه فَهُوَ فِي حَقّ مَنْ يُخَاف عَلَيْهِ الْفِتْنَة بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَدْ مَدَحَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة فِي الْوَجْه فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : "" لَسْت مِنْهُمْ "" وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" يَا أَبَا بَكْر لَا تَبْكِ إِنْ أَمِنَ النَّاس عَلَيَّ فِي صُحْبَته وَمَاله أَبُو بَكْر , وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْت أَبَا بَكْر خَلِيلًا "" وَقَالَ لَهُ : "" وَأَرْجُو أَنْ تَكُون مِنْهُمْ "" أَيْ مِنْ الَّذِينَ يُدْعَوْنَ مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة. وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" اِئْذَنْ لَهُ وَبِشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ "". قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" اُثْبُتْ أُحُد فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِيّ وَصِدِّيق وَشَهِيدَانِ "" وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" دَخَلْت الْجَنَّة وَرَأَيْت قَصْرًا فَقُلْت لِمَنْ هَذَا ؟ قَالُوا لِعُمَر بْن الْخَطَّاب , فَأَرَدْت أَنْ أَدْخُلهُ فَذَكَرْت غَيْرَتك "" فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُول اللَّه أَعَلَيْك أَغَارَ ؟ وَقَالَ لَهُ : "" مَا لَقِيَك الشَّيْطَان سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْر فَجّك "" وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" اِفْتَحْ لِعُثْمَان وَبِشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ "" وَقَالَ لِعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : "" أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْك "" وَفِي الْحَدِيث الْآخَر "" أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُون مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسَى "" وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ : "" سَمِعْت دَقَّ نَعْلَيْك فِي الْجَنَّة "" وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّه بْن سَلَّام : "" أَنْتَ عَلَى الْإِسْلَام حَتَّى تَمُوت "" وَقَالَ لِلْأَنْصَارِيِّ : "" ضَحِكَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَوْ عَجِبَ مِنْ فِعَالكُمَا "" وَقَالَ لِلْأَنْصَارِ : "" أَنْتُمْ مِنْ أَحَبّ النَّاس إِلَيَّ "" وَنَظَائِر هَذَا كَثِيرَة مِنْ مَدْحه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَجْه. وَأَمَّا مَدْح الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَالْأَئِمَّة الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَأَكْثَر مِنْ أَنْ يُحْصَر. وَاللَّهُ أَعْلَم. وَفِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الْفَوَائِد أَنَّهُ لَا عَتَبَ عَلَى طَالِب الْعِلْم وَالْمُسْتَفْتِي إِذَا قَالَ لِلْعَالِمِ أَوْضِحْ لِي الْجَوَاب وَنَحْو هَذِهِ الْعِبَارَة. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِقَوْلِ رَمَضَان مِنْ غَيْر ذِكْرِ الشَّهْر. وَفِيهِ جَوَاز مُرَاجَعَة الْعَالِم عَلَى سَبِيل الِاسْتِرْشَاد وَالِاعْتِذَار لِيَتَلَطَّف لَهُ فِي جَوَاب لَا يَشُقّ عَلَيْهِ. وَفِيهِ تَأْكِيد الْكَلَام وَتَفْخِيمه لِيَعْظُم وَقْعُهُ فِي النَّفْس. وَفِيهِ جَوَاز قَوْل الْإِنْسَان لِمُسْلِمٍ جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك. فَهَذِهِ أَطْرَاف مِمَّا يَتَعَلَّق بِهَذَا الْحَدِيث وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَة فَهِيَ مُخْتَصَرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى طَالِبِي التَّحْقِيق. وَاللَّهُ أَعْلَم. وَلَهُ الْحَمْد وَالْمِنَّة. وَبِهِ التَّوْفِيق وَالْعِصْمَة.