المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (98)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (98)]
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا قَالَ الْفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ
قَوْله : ( حَدَّثَنِي مَالِك ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : لَمْ يَرْوِهِ فِي الْمُوَطَّأ إِلَّا مَعْن بْن عِيسَى , وَرَوَاهُ أَصْحَاب مَالِك كَابْنِ وَهْب وَغَيْره عَنْ مَالِك خَارِج الْمُوَطَّأ , وَأَفَادَ اِبْن عَبْد الْبَرّ أَنَّ سُلَيْمَان بْن يَزِيد رَوَاهُ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأ وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ اُشْتُهِرَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة فَوَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَة أَكْثَر مِنْ سَبْعِينَ نَفْسًا عَنْهُ مِنْ أَهْل الْحَرَمَيْنِ وَالْعِرَاقَيْنِ وَالشَّام وَخُرَاسَان وَمِصْر وَغَيْرهَا , وَوَافَقَهُ عَلَى رِوَايَته عَنْ أَبِيهِ عُرْوَة أَبُو الْأَسْوَد الْمَدَنِيّ وَحَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ , وَالزُّهْرِيّ وَحَدِيثه فِي النَّسَائِيِّ , وَيَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَحَدِيثه فِي صَحِيح أَبِي عَوَانَة , وَوَافَقَ أَبَاهُ عَلَى رِوَايَته عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْحَكَم بْن ثَوَبَان وَحَدِيثه فِي مُسْلِم. قَوْله : ( لَا يَقْبِض الْعِلْم اِنْتِزَاعًا ) أَيْ : مَحْوًا مِنْ الصُّدُور , وَكَانَ تَحْدِيث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي حَجَّة الْوَدَاع كَمَا رَوَاهُ أَحْمَد والطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : لَمَّا كَانَ فِي حَجَّة الْوَدَاع قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" خُذُوا الْعِلْم قَبْل أَنْ يُقْبَض أَوْ يُرْفَع "" فَقَالَ أَعْرَابِيّ : كَيْف يُرْفَع ؟ فَقَالَ : أَلَا إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْم ذَهَابُ حَمَلَته. ثَلَاث مَرَّات. قَالَ اِبْن الْمُنِير : مَحْو الْعِلْم مِنْ الصُّدُور جَائِز فِي الْقُدْرَة , إِلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيث دَلَّ عَلَى عَدَم وُقُوعه. قَوْله : ( حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِم ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء وَالْقَاف , وَلِلْأَصِيلِيِّ بِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر الْقَاف , وَعَالِمًا مَنْصُوب أَيْ : لَمْ يُبْقِ اللَّه عَالِمًا. وَفِي رِوَايَة مُسْلِم : "" حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُك عَالِمًا "" , قَوْله : ( رُءُوسًا ) قَالَ النَّوَوِيّ : ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالتَّنْوِين جَمْع رَأْس. قُلْت : وَفِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ أَيْضًا بِفَتْحِ الْهَمْزَة , وَفِي آخِره هَمْزَة أُخْرَى مَفْتُوحَة جَمْع رَئِيس. قَوْله : ( بِغَيْرِ عِلْم ) وَفِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد فِي الِاعْتِصَام عِنْد الْمُصَنِّف : "" فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ "" وَرَوَاهَا مُسْلِم كَالْأُولَى. قَوْله : ( قَالَ الْفَرَبْرِيّ ) هَذَا مِنْ زِيَادَات الرَّاوِي عَنْ الْبُخَارِيّ فِي بَعْض الْأَسَانِيد , وَهِيَ قَلِيلَة. قَوْله : ( نَحْوه ) أَيْ : بِمَعْنَى حَدِيث مَالِك. وَلَفْظ رِوَايَة قُتَيْبَة هَذِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِم عَنْهُ , وَفِي هَذَا الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى حِفْظ الْعِلْم , وَالتَّحْذِير مِنْ تَرْئِيس الْجَهَلَة , وَفِيهِ أَنَّ الْفَتْوَى هِيَ الرِّيَاسَة الْحَقِيقِيَّة وَذَمَّ مَنْ يُقْدِم عَلَيْهَا بِغَيْرِ عِلْم. وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُور عَلَى الْقَوْل بِخُلُوِّ الزَّمَان عَنْ مُجْتَهِد , وَلِلَّهِ الْأَمْر يَفْعَل مَا يَشَاء. وَسَيَكُونُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَة عَوْد فِي كِتَاب الِاعْتِصَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.